
وليد الركراكي.. مدرب كسر السقف الزجاجي وواجه أعداء النجاح بثبات الكبار
في البدء :
منذ أن تولّى وليد الركراكي قيادة المنتخب الوطني المغربي، لم يعد «الأسود» مجرد منتخب مشارك في البطولات القارية والدولية، بل أصبح رقماً صعباً في معادلة كرة القدم العالمية. مدرب شاب في السن، كبير في الطموح، اختار طريق العمل الصامت داخل الملعب، والكلام الواضح خارجه، دون لغة خشب أو تملّق، وهو ما جعله عرضة لانتقادات لا تنتهي، غالبها لا علاقة له بكرة القدم.
رجل التحدي وواقعية المشروع:
وليد الركراكي لم يبع الوهم للمغاربة، ولم يعدهم بما لا يملك. منذ اليوم الأول، تحدث بلغة الواقعية:
منتخب يشتغل، يتطور، ويتعلم من الأخطاء. مشروعه لم يكن ظرفياً أو مرتبطاً بمنافسة واحدة، بل رؤية متكاملة لإعادة الاعتبار للمنتخب الوطني، قائمة على الانضباط، والروح القتالية، والوضوح في الأدوار.
إنجاز مونديال قطر 2022 لم يكن ضربة حظ، كما يحاول البعض تصويره، بل ثمرة عمل ذهني وتكتيكي عميق، جعل المغرب أول منتخب إفريقي وعربي يبلغ نصف نهائي كأس العالم، ويضع اسمه في مصاف الدول الكبرى كروياً.
تصريحات بلا نفاق… فدفع الثمن:
ما يثير الجدل حول الركراكي ليس فقط اختياراته التقنية، بل أسلوبه في التواصل. مدرب لا يجامل، ولا يخاطب الجماهير بلغة استهلاكية، ولا يبحث عن تصفيق مجاني. يقول ما يراه صحيحاً، حتى إن أغضب البعض. وهنا تحديداً بدأت معركته الثانية: معركة خارج المستطيل الأخضر.
فمع كل مباراة، سواء فاز المنتخب أو تعثر، يخرج من ينتظر أي هفوة لتقليل قيمة العمل، أو التشكيك في النوايا، أو حتى المساس في الوطنية. انتقادات تتغذى من منطق “الكل خبير”، وتغيب عنها قراءة السياق الإفريقي المعقد، حيث لم تعد المباريات سهلة، ولم يعد الفارق شاسعاً كما في الماضي.
إفريقيا الجديدة… وخصوم بطموح عالمي:
الركراكي يدرك جيداً أن الكرة الإفريقية تغيّرت. منتخبات تستثمر، لاعبون محترفون في أقوى الدوريات، ومدارس تكتيكية متنوعة. مواجهة هذه المنتخبات لا تحتاج فقط أسماء كبيرة، بل ذكاءً تكتيكياً وتسييراً نفسياً دقيقاً.
ورغم الضغط، يواصل الرجل الاشتغال، يختبر، يجرّب، ويغامر أحياناً، لأنه يفكر في الألقاب لا في إرضاء الأصوات المرتفعة على مواقع التواصل.
أعداء النجاح… ظاهرة مغربية قديمة:
ما يواجهه وليد الركراكي اليوم ليس جديداً في المشهد المغربي. كل من ينجح، يُطالب بالمستحيل، ويُحاسَب أكثر من غيره. بدل البناء على المنجز، يتم البحث عن الهفوات. وبدل دعم الاستقرار التقني، تُفتح معارك جانبية لا تخدم المنتخب ولا الكرة الوطنية.
مدرب بحجم المرحلة:
وليد الركراكي ليس معصوماً من الخطأ، لكنه مدرب بحجم المرحلة، أعاد الثقة للاعب المغربي، وفرض الاحترام للمنتخب الوطني قارياً وعالمياً. يحتاج إلى نقد موضوعي، نعم، لكن أيضاً إلى اعتراف بما قدّمه، وإلى دعم مشروع لا يزال في طور البناء.
عود على بدء:
في زمن كرة القدم الحديثة، الاستمرارية هي مفتاح النجاح، والمنتخبات الكبرى لا تُصنع بتغيير المدربين عند أول عثرة، بل بالصبر على المشاريع الجادة. والركراكي، إلى حدود الآن، قدّم ما يجعله مستحقاً لهذا الصبر.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



