الرأيالمغرب اليوم

رؤساء المصالح والأقسام بقطاع التربية الوطنية: جسامة المهام والمسؤوليات وهزالة التعويضات

  • د. الناجي الدرداري//

لا يخفى على كل متتبع للشأن الإداري بالمؤسسات العمومية المغربية الدور الكبير الذي تلعبه الأطر الإدارية داخل هذه البنيات، وتعتبر فئة رؤساء المصالح والأقسام من الركائز والدعامات التي يُعْتمد عليها في تدبير مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وعلى الخصوص العاملة بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي بالمديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وكذا المصالح المركزية. فهذه الفئة من الأطر الإدارية وبالرغم من المهام والمسؤوليات الجسيمة التي تتحملها من أجل تطوير منظومة العمل الإداري والنهوض بالمنظومة التربوية على جميع المستويات : الإقليمي والجهوي والوطني من خلال تنزيل مختلف مشاريع وبرامج الإصلاحات التي تتبناها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ، فإنها مازالت تعاني من الحيف وعدم الإنصاف على مستوى التعويض عن المسؤولية، حيث لازالت هذه الفئة تستفيد من مقتضيات مرسوم رقم 2.75.864 الصادر بتاريخ 19 يناير 1976 والمتعلق بنظام التعويضات المرتبط بمزاولة المهام في مختلف الوزارات، والمرسوم رقم 2.97.1052 الصادر بتاريخ 02فبراير1997 والمتعلق بالتعويضات عن المهام وتعويض جزافي عن استعمال السيارات، والذي يقدر ب 1750 درهم لرؤساء المصالح و3000 درهم رؤساء الأقسام.

حيت أصبحت هذه التعويضات متجاوزة وغير متناسبة مع حجم الأعباء والمهام التي تفرضها المسؤوليات الإدارية.

إن هزالة التعويضات عن المسؤولية بقطاع التربية الوطنية، لم يعد محفزا بالنسبة للمسؤولين الحالين من رؤساء المصالح والأقسام للاستمرار في تحمل مسؤولية تدبير المصالح والأقسام، كما أنها لا تتناسب وثقل المهام الملقاة على عاتقهم، نظرا للضغط الكبير الذي تعاني منه هذه الفئة وخصوصا وأنها تدبر مشاريع وبرامج الإصلاحات الكبرى التي تعرفها المنظومة التربوية؛ ونخص بالذكر: مشاريع البرنامج الاستعجالي 2009-2012 ، التدابير ذات الأولوية 2012-2014 ، مشاريع الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 ومشاريع القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين 17-51 والمشاريع الملتزم بها أم أنظار صاحب الجلالة بتاريخ 18 شتنبر 2028 وأخرها برامج خارطة الطريق 2022-2026، وتسهر على حسن تنزيلها وتتبعها وتقييمها.

وكذا الملفات التي تدبر بالمديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية لتربية والتكوين من قبيل: الحركات الانتقالية، تعيينات الخريجين الجدد، إعادة الانتشار والترقيات، الامتحانات الإشهادية، الخرائط التربوية، الإحصاء المدرسي، صفقات برامج الإحداثات والتوسيعات والتأهيل، تتبع سير عمل المؤسسات التعليمية، العمل التربوي، تفعيل الحياة المدرسية، تدبير الممتلكات، التجهيزات،…

وكذا وتيرة اشتغالها، حيث تكاد أن تكون مستمرة بدون توقف، طيلة الموسم الدراسي، حيث أنها أخر فئة تغادر مقرات العمل، أي يوم 31 يوليوز، وأول فئة تلتحق بمقرات العمل يوم 22 غشت من كل سنة مع ضمان ديمومة المرفق الإداري خلال شهر غشت. ناهيك عن الاشتغال خارج أوقات العمل ليل نهار وأيام السبت والأحد والعطل، على الملفات المتعلقة بالمصلحة او القسم وكذا ملفات أخرى يتم تكليفهم بها من طرف الرؤساء المباشرين، حيث خول المشرع هذه الإمكانية طبقا لإحدى مواد قرارات وزير التربية الوطنية الذي تحدد الهياكل والبينات الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بتاريخ 08 فبراير 2016، وتنص هذه المادة صراحة على أن رؤساء المصالح والأقسام يمارسون “الاختصاصات المنوطة بالأقسام والمصالح التي يشرفون عليها والمهام التي تسند إليهم من طرف رؤسائهم.”

وبناء على ما سبق وفي إطار المقارنة الإيجابية مع تعويضات هيئات أخرى وعلى سبيل التخصيص هيئة الإدارة التربوية التي استفادت من زيادات جد مهمة خلال السنة الماضية، عبر تحيين مرسوم تعويضات المخولة للإدارة التربوية عدد 2.24.141 الصادر بتاريخ 23 فبراير 2024، بحصولها على تعويض شهري لمديري المؤسسات الابتدائية والثانوية الإعدادية والثانوية التأهيلية على التوالي وصل إلى 3645 درهم و4072 درهم، و4671 درهم؛ مما يؤكد الهوة الصارخة بين التعويضات التي يستفيد منها رؤساء المصالح والأقسام وهيئة الإدارة التربوية، حيث يتراوح الفرق حوالي 3000 درهم شهريا، مع العلم أن هيئة الإدارة التربوية تخضع للسلطات الإدارية لرؤساء المصالح والأقسام.

بالإضافة لهيئة الإدارة التربوية، استفادت فئة المديرين الإقليميين من زيادات وصفت بالسمينة، التي تراوحت ما بين 6000 درهم و15000 درهم، حيث تم توحيد الأجرة الجزافية للمديرين الإقليميين في 30000 درهم شهريا، وتم أيضا الرفع من الأجرة الجزافية لمديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لتصل 57000 درهم.

في حين أن فئة رؤساء المصالح والأقسام لم تستفد من أي زيادة في التعويضات منذ إقرار تعويض لرؤساء المصالح والأقسام، رغم إثقال كاهلها بكثرة المهام والأعباء والمسؤوليات.

في ظل كل هذه المعطيات التي تم سردها أعلاه، يظهر جليا مدى المظلومية والحيف الذي يمارس في حق هذه الفئة من المسؤولين الحاليين من رؤساء المصالح والأقسام، حيث ان مطالبهم جدا عادلة ومتمثلة في النقط التالية:

1- الرفع من تعويضات الشهرية عن المهام والمسؤولية، 7000 درهم لرؤساء المصالح 9000 درهم لرؤساء الأقسام على الأقل، (تؤدى من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على غرار المديرين الإقليمية ومديري الأكاديميات حتى لا يطرح نقاش أن تحيين المرسوم الخاص بالتعويضات المخولة لرؤساء المصالح والأقسام من اختصاص وزارة الانتقال الرقمي وتحديث الإدارة وزارات أخرى، مع العلم أن مجموعة من الوزارات قد رفعت من قيمة تعويضات المسؤولين من خلال منح تعويضات تكميلية لهم).

2-تفعيل المذكرة الوزارية 75×21 بتاريخ 02 يوليوز 2021 في شأن تنظيم التباري على مناصب المسؤولية بقطاع التربية الوطنية، والتي تنص صراحة على إقرار حركية إدارية لهذه الفئة استنادا لمقتضيات المادة 13 من المرسوم 2.11.681 الصادر بتاريخ 25 نونبر 2011 في شأن كيفية تعيين رؤساء الأقسام والمصالح بالإدارات العمومية، حيث أكد على إمكانية اقتراح تنقيل بعض المسؤولين في إطار الحركية الإدارية، لتولي منصب آخر في نفس المستوى بعد استطلاع رأي المعنيين بالأمر.

3-الرفع من التعويض الجزافي لرؤساء المصالح والأقسام، وإقرار تعويضات عن المردودية.

4-تمكين رؤساء المصالح والأقسام من السكن الإداري.

          

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى