الرأيالرياضة

كأس”العرب”والجِلْد المنفوخ حقداً..

كرة القدم
قد تكون اللعبة الوحيدة التي تكرّس أفق التوقع، بل وبدهشة غير متوقعة تكذّب تخمينات المحلّلين وحسابات المنجّمين.. ولعلّ ما يجعل التشويق في هذه اللعبة المجنونة بأن ينتصر متذيّل إحدى الدوريات على المتصدر
وأن يفوز منتخب خارج التصنيفات على منتخب متسيّد التصنيفات وأن يسجّل الهدف في الثواني الأخير من وقت ظل ضائعًا
هي جماليات اللعبة الشعبية الأولى في العالم
عن مستديرة يتنفسّها الناس هواءً..
مرّة تجعلهم يفرحون
وفي أخرى تجعلهم يحزنون.
أمّا الدموع فهي تسكب دائمًا في الهزيمة كما الإنتصار..
لكن ولا أبداً.. كان الحقد والتحقير والإستهزاء من الخصم المفترض أسلوباً في تشجيع وتحميس الفريق والرفع من معنوياته حتّى جاءت هذه البطولة تحت اسم كأس العرب.. الممتد بين الخليج والمحيط بين الأسيويّ والأفريقي وسط عادات وتقاليد عقليات مختلفة وأنماط تفكير وتمثلات جاهزة عن الذات والآخر.. كانت مدرجات ملاعب قطر شاشة كبيرة لإصطدام هذه العجينة المركبة تحت أضواء الكاميرا.. والصراخ الصاخب للمعلقين على مختلف المبارات..
هو الصراخ نفسه الذي يمتد إلى ما يسمى قاعات التحليل الرياضي خاصة ذاك المجْمع الهجين وتحت اسم المجلس وبجلسة القرفصاء وعلى قرّاص السّاعة لحظة سماع اسم المغرب كي تنفخ أوداج البعض حقداً وسط تقاطع الأصوات صراخاً جهة اليسار..
نعم.. ومنذ بداية هذه البطولة لا يذكر اسم بلدنا إلاّ ويرافقه هذا المشهد السّوقيّ مع بعض الإستثناءات طبعاً..
وقد يكون الأمر جدّ طبيعيّ.. وأكثر لأننا الاستثناء هناك بقوة الإنجازات والانتصارات والإشعاع العالمي.. مما يجعل مواجهة المنتخب المغربي في حد ذاته حدثاً رياضيّاً داخل أيّ بلد عربي..
أمّا الإنتصار عليه فهو يوم عطلة لا شك في ذلك..
وهنا أتفهّم هذا الحماس الزائد للجماهير السعودية التي سوّقت للمقابلة قبل وقوعها بنفس التحدّي والكثير من النرجيسيّة الزائدة التي ترافق جماهير منتخب سيلعب مع الكبار
والانتصار على الكبار مثل المغرب له طعم خاص..
ويوم تاريخي.. واحتفالات بسقف اسبوع..
هي أساليب حماسية تدخل ضمن منطق ومجال كرة القدم كما في كل أرجاء العالم..
وقد لبّينا طلب الإخوة السعوديين.. وجئنا لهم برديف الرّديف.. وبمنتخب غير متنافس.. ولاعبين في العقد الثالث.. ووو… جئنا كي نعتذر لهم عن الإنتصار.. وبهذا الأسلوب الساخر الذي لا يقلل من قيمة المنتخب السعودي الأول ولا من جماهيره والشعب السعودي الأشقاء عموماً ما دمنا في المجال الرياضي على قاعدة التنافس كذريعة للتقارب بين شعوب ودول الجامعة العربية فقط..
ولا أعتقد أننا نتقاسم هذه الروح الرياضية مع بعض الوجوه والنكرات كحالة ذلك الكويتي الذي اتهمنا في شخص السيد فوزي لقجع بالتزوير في اعمار منتخبنا العالمي بدولة الشيلي..
هكذا تكلّم وبكل سفالة لسان وقلب اسود حاقد وبدون حياء أو حشمة عار
( لقد زوّرتم أعمار منتخبكم بكأس العالم للشباب)
هو الوحيد الذي يعرف هذه المعلومة.. دون غيره كالارجنتين منتخب الوصيف.. أو مراقبوا ومفتشوا دولة الفيفا.. وحتى الصحافة العالمية المختصة في المجال..
هو الوحيد طبعاً… وباسم جماعات وجماعات ممتدة من الخليج إلى حدود الجيران ازعجهم وأقلقهم حصول شبابنا على كأس العالم..
وقد أجد لهم الف مبرر لكن ليس بهذا المستوى من التشكيك وشيطنة انتصاراتنا والتقليل من إنجازاتنا التي هي في آخر المطاف مغربية مغربية صرفة وبكامل التواضع الذي يفرضه المقام والمقال..
نعم نحن استثناء لدى هؤلاء المشارقة وخاصة الخليجيين الذين لم يستسيغوا بعد كيف أن بلدا بدون موارد مالية طاقوية مثلنا جعل العالم يردد
( ديما المغرب)..
ديما المغرب.. وفي جميع المجالات والمواقف والندّية وعلى المستوى العالي وداخل العائلة الخليحيّة نفسها كانت المملكة المغربية الوحيدة التي كسّرت الحصار على قطر وضدّاً على قرار سعودي بفرض العقوبات على أي بلد غير منضبط..
وكان المغرب هو الوحيد الذي انسحب من التحالف ضد اليمن بعد أن تغيرت أهدافه..
هذا هو المغرب..
أمّة واحدة في الرياضة كما في كل مناحي الحياة التي علّمتنا التواضع أمام كل انتصار.. والتجاوز قبالة كل هزيمة أو انكسار..
هي لوزتنا الدّماغيّة الجماعيّة التي جعلتنا
حين ننتصر.. ننتصر باستحقاق.. وعلى دوام التاريخ
أما الهزيمة.. فبشرف
وحين يسرق منّا الإنتصار..
ننسحب بهدوء
ونصمت.. صمت الأقوياء
تاركين الضجيج والصراخ للضعفاء البؤساء كما هو حال ذاك الكويتي العبيط.

  • يوسف غريب كاتب صحفي
          

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى