المجتمع

محاضرة بأكادير تكشف تجليات الفكر السوفسطائي في الإعلام المعاصر

نظّم النادي الجهوي للصحافة بأكادير، يوم الجمعة 5 دجنبر الجاري، بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات، محاضرة فكرية تحت عنوان: “أشكال حضور الفكر السوفسطائي في الإعلام المعاصر”، قدّمها الإعلامي والأستاذ عبد اللطيف بوزيت البعمراني، بحضور فعاليات إعلامية وأكاديمية وجمعوية.

في مستهل مداخلته، توقّف المحاضر عند مفهوم السوفسطائية باعتبارها مذهباً فكرياً وإقناعياً لعب دوراً أساسياً في الفلسفة القديمة، رغم أنه تعرّض للنقد الشديد من طرف فلاسفة كبار أمثال سقراط وأفلاطون. وأوضح أن هذا الفكر لم يختفِ، بل عاد بأشكال جديدة داخل المنظومة الإعلامية الحديثة.

وانتقل بوزيت بعد ذلك إلى إبراز كيفية حضور السوفسطائية في الإعلام المعاصر، مستحضراً التحولات التكنولوجية المتسارعة والطفرة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي. هذه الثورة أفرزت – بحسبه – صحافة تنتج أخباراً وصوراً مفبركة، وتخلق واقعاً موازياً يصعب التمييز فيه بين الحقيقي والمزيّف، في ظل انتشار أدوات التعديل الرقمي وسرعة تداول المحتوى.

وأضاف أن الصحافة الرقمية باتت اليوم تعتمد على إيقاع سريع في نشر الأخبار، ما أدى إلى ظهور أشكال من “الصحافة الافتراضية” التي تتحكم في الرأي العام وتستجيب لأذواق مختلف فئات المجتمع، دون التحقق الكافي من صحة المعطيات.

وأكد المتحدث أن الانغماس العميق في التكنولوجيا جعل الإنسان “كآلة” تخضع لتوجيهات الخوارزميات ووسائل التواصل الحديثة، الأمر الذي تسبب في تراجع القدرة النقدية لدى المتلقي، ورفع من مستوى التأثر بالدعاية الرقمية والحقائق المجتزأة.

وخلصت باقي المداخلات إلى أن الموضوع يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى راهنيته، لأنه يلامس إشكالات حقيقية يواجهها المجتمع اليوم، حيث يعمل الأسلوب السوفسطائي على تقديم أنصاف الحقائق والتلاعب بالمضامين وسط جيل يعيش ثورة رقمية غير مسبوقة. هذا الوضع أدى إلى تراجع صحافة الرأي والتحليل، رغم وفرة المعلومات، مما صعّب على القارئ الوصول إلى الحقيقة في زمن التضليل الإعلامي.

واختتمت المحاضرة بدعوة الفاعلين الإعلاميين إلى تعزيز التربية الإعلامية والرقمية، وتحصين المتلقي بمهارات النقد والتحقق، لمواجهة ما وصفه الحاضرون بـ”زمن الحقيقة المراوغة”.

          

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى