
قاموس السياسة بين الإنحدار اللفظي ورهانات الإبتكار: من زمن الشتيمة إلى زمن الدولة المبدعة
- بقلم: الدكتور جمال العزيز//
لم يعد النقاش حول الإنزلاقات اللفظية لبعض المسؤولين ترفا سياسيا، بل أصبح مؤشرا على حدود نموذج سياسي يحتاج إلى تجديد أدواته ولغته.
فالقاموس الذي اهتز داخل البرلمان، لم يكن لحظة معزولة، بل كان مرآة لواقع يقاوِم التحول، ويتهرب من روح الإبتكار التي يطالب بها النموذج التنموي الجديد.
إن المغرب اليوم، بقيادة جلالة الملك، دخل مرحلة تتجاوز منطق تدبير الزمن السياسي إلى صناعة المستقبل. وهذه الصناعة لا يمكن أن تبنى بخطاب”الكلاب والحمير والحشرات والموس.. لي وْلدك” ، بل بلغة تعكس نضج الدولة، ورزانة المؤسسات، ونوعية النخب التي تريدها المملكة في مشروعها الصاعد.
فالإبتكار في السياسة ليس مجرد تقنيات أو تكنولوجيا، بل هو طريقة تفكير جديدة، تُحوِّل المؤسسات من فضاءات للصراع إلى منصات للإبداع العمومي. والإبداع في الخطاب السياسي أول شرط لبناء الثقة، والثقة هي رأس مال الدولة الحديثة.
فالسياسة تجيب عن أسئلة الشباب، تُحرِّك طاقاتهم، وتشركهم في بناء النموذج التنموي الجديد، عبر الإبتكار المفتوح، والجرأة، والرؤية بعيدة المدى.
كيف يمكن لنخب تتقاذف الألفاظ السوقية أن تخاطب شبابا يبحث عن فرص في الريادة ، وفي الإقتصاد الرقمي، وفي الذكاء الاصطناعي، وفي صناعات المستقبل؟
كيف لنخب تعيش داخل قاموس الإهانة أن تقنع جيلا يقوم فكره على التجريب، والمرونة، وفتح الحدود أمام الأفكار الجديدة؟
إن الإبتكار المفتوح، الذي أصبح اليوم ركيزة من ركائز التنمية في العالم، يقوم على التعاون، وتبادل الأفكار، واحترام الذكاء الجماعي.
فكيف سنبني ثقافة الإبتكار إذا كان بعض المسؤولين لا يستطيعون حتى تدبير خلاف لغوي بسيط دون أن يسقطوا في الإنفعال والتهجم؟
إن المغرب مقبل على مرحلة جديدة، عنوانها:
الإبتكار في التدبير، الإبداع في الحلول و إشراك الشباب في صناعة السياسات و ترسيخ حكامة جديدة تحترم المواطن وتحترم الدولة.
أما الخطاب الإنحداري، فلا مكان له في مغرب اليوم، لأنه يتناقض مع الرؤية الملكية لبناء اقتصاد متفتح، ومجتمع مبدع، ودولة قوية بمؤسساتها لا بأصوات مسؤوليها.
لقد آن الأوان لتأسيس نموذج جديد يعيد للنقاش البرلماني هيبته، وللمواطن اعتباره.
فالدولة التي نريدها ليست دولة الشتائم؛بل دولة الإبتكار والإبداع و دولة الشباب وصناعة الغد و دولة الرؤية الملكية التي تعرف إلى أين تتجه، وكيف تعيد ترتيب أولوياتها، وكيف تفتح أمام المغاربة أبواب المستقبل بدل أبواب المهاترات.
وهكذا فقط، نصنع دولة تليق بمغرب يتغير ويصنع التغيير
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



