الثقافةالرأي

العلم الأمازيغي، من أين أتى؟

  • بقلم محمد أورمضان خاصر//

علم أمازيغيا (تمازغا): النشأة، الرموز الثقافية والهوياتية

الرموز الثقافية والهوياتية الأمازيغية: إن الرموز الثقافية والهوياتية الأمازيغية غنية ومتنوعة وعريقة تعود لآلاف السنين. فهي تعكس تاريخ هذا الشعب الأصلي العظيم في شمال إفريقيا – جزر الكناري، ومعتقداته وهويته. ومن أبرزها:​

  • التيفيناغ (ⴰ، ⵎ، ⵣ، ⵖ…): هذا الأبجدية ركن أساسي في حفظ اللغة الأمازيغية (تمازيغت). نقلت شفهياً، لا سيما من قبل النساء، قبل توحيدها من جمعية “أفوس ديغ وفوس” في روبيه عام 1993، ثم من المعهد الملكي للبحث والثقافة الأمازيغية في الرباط بالمغرب عام 2001، وحظيت باعتراف رسمي تدريجي في عدة دول شمال إفريقيا – جزر الكناري.​

  • الأزا (ⵣ) باللون الأحمر، هذه الحرف مستمدة من جذر “MZGH” في “أمازيغ”، ترمز إلى الإنسان الحر القائم، إذ يعني “أمازيغ” الرجل الحر، وتجسد المقاومة والتمسك بالهوية التاريخية الأمازيغية والدم المسفوح من أجل الحرية.​

  • الوشوم التقليدية التي تحملها النساء بشكل أساسي تشير إلى معانٍ عميقة: الحماية والخصوبة والانتماء المجتمعي.​

  • الزخارف الهندسية على السجاد والفخار والمجوهرات تنقل روايات وقناعات أسلافية.​

  • الحبوب، رموز الخصوبة والحياة، غالباً ما تُمثل في الحرف اليدوية.​

العلم الأمازيغي، من أين أتى؟ - AgadirToday

ألوان العلم الأمازيغية:

ألوان العلم الأمازيغية أكثر من مجرد زخرفة: الأخضر يرمز إلى أراضي الربيع، الأزرق إلى سماء الصيف الصافية، الأصفر إلى الشمس أو الحقول الناضجة من القمح أو الشعير قبل الحصاد. هذه الألوان الثلاثة، التي توجد في مجوهرات “آت ياني” كما في مجموعات أمازيغية أخرى بالجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر عبر إفريقيا وجزر الكناري، تعبر كذلك عن نعمة وجمال المرأة الأمازيغية.​

نشأة العلم:

كانت هذه الألوان نفسها – الأزرق والأخضر والأصفر – موجودة على الراية التي حملها جد صديقي عمار نارون، محند أورمضان آت نافيت، المقاوم العظيم، خلال الانتفاضة عام 1854 بقيادة فاطمة نْسُومَر وبوباغلا. اقترح هذا العلم حفيده عام 1970، عمار نارون، المؤسس المشارك للأكاديمية البربرية التي سماه بهذا الاسم. وسّع رمزيته: الأزرق للبحر، الأخضر للأراضي، الأصفر للصحراء، الفضاء الشاسع للحرية عند الأمازيغ في الجنوب. وهذه التمثيلية تشمل الفضاء الجغرافي الأمازيغي من مصر إلى المغرب، ومن شمال الجزائر إلى حدود الساحل. وقد صدّقت هذه المقترح مع عبد القادر رحماني وسعيد حنوز، المؤسسين المشاركين ورؤساء الأكاديمية أيضاً.​

أخبرني عمار نارون يوماً أنه شارك هذا القرار مع محجوبي أحرضان، السياسي المغربي، الذي التقاه مرات عدة في باريس بصيدلية سعيد حنوز. وفي حماسه، نشر هذا الأخير في أسبوعيته “تيدمي” (أكتوبر 1995) أول دعوة لي لاستخدام التيفيناغ. وكنت قد دَعَوْتُ فيها إلى بناء “الولايات المتحدة لتمازغا” وطباعة الوثائق الرسمية (بطاقات الهوية، جوازات السفر، العملة) بالأمازيغية والتيفيناغ. كما نشرت “تيدمي” أول صفحات بالتيفيناغ مع أول خط ويندوز قمت بتوحيده عام 1989.​

عام 1971، خلال اجتماع في مكتب سعيد حنوز رئيس الأكاديمية البربرية، كشف لنا عمار نارون – ابن علي نارون المعلم الشاعر الأمازيغي – أن ألوان العلم موجودة بالفعل في لوحة هنري فيليكس إيمانويل فيليبوتو (1866). صور مزعومة للشريف بوباغلا ولالة فاطمة نْسُومَر تقودان الجيش الثوري عام 1854. تُظْهِرُ اللوحة لالة فاطمة على حصان برفله في يدها، محاطة بفرسان راية يحملون رايات بالثلاث ألوان: أزرق وأخضر وأصفر. وهي معروضة اليوم في صالون رئاسة الجمهورية الجزائرية (قصر المرادية).​

العلم الأمازيغي، من أين أتى؟ - AgadirToday

تحديث العلم:

حدّثت الأكاديمية البربرية هذا العلم بإضافة حرف التيفيناغ “أزا” (ⵣ)، المستمد من جذر “MZGH” لكلمة “أمازيغ” الشائع في عدة كلمات أمازيغية مرتبطة بالحرية والنبل. وكان عبد القادر رحماني وسعيد حنوز وعمار نارون وأنا من قرر إدراج ⴰⵣⴰ القائم بالأحمر، ليرمز إلى الهوية التاريخية الأمازيغية والدم المسفوح من قبل المقاومين عبر آلاف السنين ليبقوا شعباً حراً. وفي ذلك الوقت، فضّلنا عدم نشر هذه الرمزية علناً لنفادِي اتهامات أعداء الأمازيغية لنا بمحاولة التفرقة، كما يفعل الأنظمة الديكتاتورية الموالية للأيديولوجيا العربية الإسلامية البعثية.​

وقد اقترحت هذه الراية أنا وبعض النشطاء خلال المؤتمر العالمي الأمازيغي في تافيرا بجزر الكناري الكبرى في أغسطس 1997، واعتمد رسمياً في 30 أغسطس 1997 كعلم أمازيغي (تمازغا). هذا العلم يخص جميع الأمازيغ والأمازيغيين سواء كانوا ناطقين بالأمازيغية أو الدارجة أو الكناريين. وهو ليس علماً وطنياً ينافس أعلام الدول الشمال إفريقية، بل رمز ثقافي وهوياتي موحِّد.​

النسخة ذات النجوم:

كمؤسس لفرع الأكاديمية البربرية الشمالي الذي كان مقرُّه من 1971 إلى 1975 في 17 شارع البلاد بروبيه، أضفتُ سبع نجوم فوق ⴰⵣⴰ تكريماً للأستاذ أنطونيو كوبيّو، مؤسس “حركة الاستقلال الذاتي والاستقلال لجزر الكناري” (MPAIAC)، الذي عرفته في “المركز البحثي الأنثروبولوجي ما قبل التاريخي والإثنولوجي” (CRAPE) بقيادة مولود معمري في الجزائر. يمتد التراب الأمازيغي من واحة سيوة بمصر إلى جزر الكناري، ومن شمال الجزائر إلى جنوب النيجر. غداً، أرجو أن يرى الأجيال المقبلة هذا العلم مع سبع نجوم الكناري فوق ⴰⵣⴰ إلى جانب الأعلام الوطنية، في إطار اتحاد كبير للولايات الأمازيغية المتحدة الذي أدعو إليه.​

مصطلح “أمازيغ”:

مصطلح “أمازيغ” الذي أعْدَه أعضاء الأكاديمية البربرية، مستمد من لغتنا الخاصة ويشير إلى الشعوب الأصلية في شمال إفريقيا. خلال رحلة إلى النيجر عام 1998 في جبال آير مع مقاومة الطوارق وقائد إسياد كاتو، رفعنا هذا العلم وسلّمنا عليه. داخل مؤسستنا النبيلة، الأكاديمية البربرية، وبفضل التزام فرعها الشمالي بروبيه، كرِّسْتُ طاقتي بفخر وحزم للدفاع عن هويتنا ولغتنا وثقافتنا الأمازيغية.​

اليوم، في عالم يتغير باستمرار، لا تقتصر رسالتنا على الحفظ: بل تتمثل في إشعاع تراثنا، وتسجيله في الحداثة، وتقديمه كثراء مشترك. وبقناعة أواصل هذا الطريق، ليستمر صوت الأمازيغ في التأكيد والحوار وإلهام الأجيال الحاضرة.​

رئيس جمعية أفوس غ وفوس
 مؤسس سابق للأكاديمية البربرية أكراو إمازيغن، فرع الشمال بروبيه (1971-1980).

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى