الجهة اليومالرأي

في الحاجة إلى تجديد النخب الباعمرانية

  • الحسين ابليح//

علاوة على كونها محطة مركزية في الذاكرة التاريخية للمنطقة، تُمثّل ذكرى انتفاضة آيت باعمران إحدى أبرز التعبيرات عن مقاومة الاستعمار والدفاع عن الأرض والهوية. فقد شكّلت تلك الانتفاضة لحظة فارقة، أسهمت في صياغة وعي جماعي يقوم على التضحية، والانتماء، والالتزام بالقيم العليا للقبيلة والمجتمع المحلي.

ماذا بعد استحضار هذه الذكرى اليوم؟

بينما يحتفي الجميع بمآثر الماضي وبتجربة الأعيان الذين لعبوا أدواراً محورية في قيادة المجتمع وتحصين تماسكه، نجد أنّ الأعيان الحقيقيين – بما يحملونه من شرعية تاريخية واجتماعية – قد أُقصوا تدريجياً إلى هامش المشهد. وقد تم ذلك بفعل تحوّلات سياسية واجتماعية معقدة، ساهمت في إعادة تشكيل خريطة النخب المحلية.

في مقابل ذلك، بدأت تظهر في السنوات الأخيرة فئات جديدة تقدّم نفسها بوصفها “نخباً محلية” أو “أعياناً جدداً”، دون امتلاكها لرأسمال رمزي أو تاريخي أو معرفي يؤهلها لتقمّص هذا الدور. ويبدو هذا التحول مؤشراً على أزمة في آليات إنتاج النخبة، وعلى خلل في منظومة الوساطة الاجتماعية والسياسية في منظومة آيت باعمران.

إن قراءة هذا الواقع تبرز الحاجة الملحّة إلى صحوة جديدة تعيد الاعتبار للنخب الأصيلة، وتفسح المجال أمام الأطر والكفاءات التي راكمت تجربة علمية ومهنية قادرة على الإسهام في تنمية المنطقة وتأطير مجتمعها المحلي. فآيت باعمران اليوم تحتاج إلى المحفز Catalyseur بالمعنى المؤسّسي والنخبوي.

محفز يملك القدرة على تمثيلها بموضوعية، وعلى الدفاع عن مصالحها، وعلى الربط بين تاريخها العريق وتطلعاتها التنموية.

إن إعادة بناء النخبة المحلية ليست عملية تقنية فقط، بل هي مشروع مجتمعي يرتكز على استعادة الذاكرة، وتثمين الرصيد التاريخي للمنطقة، وإدماج الكفاءات الشابة في مواقع القرار المحلي. كما تتطلب إعادة الاعتبار للأعيان الحقيقيين الذين يمتلكون شرعية اجتماعية متجذّرة، بدلاً من ترك المجال مفتوحاً لظهور “كائنات رمزية” تفتقر إلى العمق التاريخي والمعرفة الجغرافية والسوسيولوجية بالمنطقة.

إن تخليد ذكرى انتفاضة آيت باعمران ينبغي ألا يقتصر على الاحتفاء بالماضي، بل يجب أن يكون مناسبة لإطلاق مسار تفكير جماعي حول مستقبل النخب في المنطقة، وكيفية تأهيلها لقيادة مشروع تنموي يرقى إلى مستوى إرث آيت باعمران وتاريخها النضالي المتميز.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى