
بورتريه الدكتور بوبكر أنغير..مهندس الفعل الثقافي وصوت الجنوب الحقوقي
في البدء:
يُعدّ الدكتور بوبكر أنغير واحدًا من أبرز الوجوه الثقافية والأكاديمية بجهة كلميم واد نون، وواحدًا من الشخصيات التي بصمت حضورها في مسار الإشعاع الثقافي للجنوب المغربي. عرفه الباحثون والفاعلون الجمعويون مفكّرًا هادئًا، ومناضلًا أمازيغيا ثقافيًا جعل من المعرفة والقيم والتنمية محاور ثابتة في مشروعه الشخصي والجماعي.
من مميزات الرجل، خاصة حين تواكبهه عن قرب، وانا تواجد بالدورة الثامنة للمهرجان الدولي ظلال أركان، اكتشفته مؤخرا وانا ببلدة تيمولاي حيث ينظم المهرجان، رغم أني أعرفه مند سنين من خلال كتاباته وبعض الجلسات القصيرة، مدبر حكيم يتصرف بهدوء ويتحدث للجميع، موزعا للأدوار والمهام بين أعضاء فريقه ويستقبل الضيوف بحكمة والبسمة لا تفرق ملامح وجهه.
رائد مهرجان “ظلال أركان’’:
يُحسب للدكتور بوبكر أنغير أنه مؤسس المهرجان الدولي لظلال الأركان بمدينة بويزكارن، هذا الموعد الثقافي الاجتماعي التنموي الذي تجاوز حدود التظاهرات المحلية ليصبح منصة دولية تعرّف بتراث شجرة الأركان ومكانتها البيئية والاقتصادية والحضارية، وتفتح المجال أمام الحوار الثقافي بين الباحثين والفنانين ومهنيي القطاع.
بفضل رؤيته، تحوّلت بويزكارن إلى جسر بين واد نون والصحراء والبوابات العالمية التي تهتم بالموروث البيئي والتنمية المستدامة. وقد نجح المهرجان، عبر دوراته المتتالية، في تعزيز إشعاع المنطقة، وخلق فضاء للتفكير في مستقبل الواحات والمرأة القروية والاقتصاد التضامني.
مسار أكاديمي وفكري لافت:
ينحدر الدكتور أنغير من أسرة معروفة بارتباطها بالعلم والمعرفة، وقد راكم مسارًا أكاديميًا غنيًا مكّنه من التموقع كأستاذ وباحث في قضايا التنمية والبيئة والاقتصاد الاجتماعي والحقوق الأمازيغية.
يُعرف عنه دفاعه المستميت عن النهوض بالمجالات القروية، وحرصه على دمج المعرفة بالعمل الميداني، سواء في الدراسات العلمية التي يشرف عليها أو في الدورات التكوينية التي يوجّهها لفائدة الجمعيات والتعاونيات.
فاعل أمازيعي حقوقي وجمعوي إنساني:
بعيدًا عن قاعات المحاضرة، يشكّل الدكتور بوبكر أنغير أحد أبرز أعمدة العمل الجمعوي بواد نون. عمل طيلة سنوات على مواكبة التعاونيات النسائية ودعم تمدرس الفتيات القرويات وتشجيع المبادرات الاقتصادية المحلية.
لا يقتصر إشعاع الدكتور بوبكر أنغير على المجالين التنموي والأكاديمي فقط، بل يمتد إلى العمل الحقوقي الذي بصم حضوره فيه منذ سنوات. فقد كان من المؤسسين للعصبة الأمازيغية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي مبادرة مدنية رائدة تسعى إلى ترسيخ قيم المساواة والعدالة وبناء وعي مجتمعي بحقوق الإنسان من منظور كوني ومنفتح، مع الاهتمام الخاص بحقوق السكان الأصليين والعدالة المجالية واللغوية والثقافية.
من خلال هذا العمل، ساهم الدكتور أنغير في خلق فضاء حقوقي بديل، يربط بين النضال الثقافي والديمقراطي، ويُعلي من صوت المواطن داخل نقاشات التنمية والسياسات العمومية، مؤكدًا أن الكرامة الإنسانية وحماية الهوية الثقافية أساس أي مسار تنموي حقيقي.
يحمل الرجل رؤية تقوم على أن التنمية تبدأ بالإنسان، وتُبنى بالمعرفة، وتتحقق بالشراكات الفاعلة بين الباحثين والفاعلين المحليين.
صوت الصحراء المغربية:
عرفته المنابر الإعلامية صوتًا هادئًا، متزنًا، قوي الحجة، يدافع عن قضايا المنطقة بلا ضجيج؛ يُحلّل ويُقارن ويقترح. فكان بذلك واحدًا من العقول التي تُساهم في تقديم صورة رصينة عن الجنوب المغربي وقضاياه الراهنة.
عود على بدء:
الدكتور بوبكر أنغير ليس فقط مؤسس مهرجان دولي ناجح، بل هو مدرسة فكرية وتنموية، تجمع بين العلم والالتزام، بين البحث والعمل، وبين المحلية والبعد العالمي.
بفضل أمثاله، تستمر مناطق الجنوب في كتابة قصة جديدة من الإشعاع الثقافي والتنمية المستدامة، وتظل بويزكارن بابًا مضيئًا للصحراء وللمغرب بأكمله.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



