
لقاء تأسيسي يرسم ملامح المستقبل المهني للعاملات والعاملين الاجتماعيين بجهة سوس ماسة”
احتضن مقر اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكادير، لقاءً تأسيسيًا مميزًا جمع جمعية العاملات والعاملين الاجتماعيين بجهة سوس ماسة بعد إعلان تأسيسها، بحضور ممثلي مؤسسات رسمية بالجهة وأطر أكاديمية من جامعة ابن زهر. وقد شكّل هذا الموعد محطة أولى للحوار المهني وإعادة التفكير الجماعي في شروط الممارسة الاجتماعية داخل الجهة.
اللقاء الذي اتّسم بطابع علمي هادئ، أعاد التأكيد على أهمية التواضع المعرفي والإصغاء لنبض المؤسسات والإنتاج الجامعي، بما يسمح ببناء تصور واضح ومتين لتطوير مهنة العامل الاجتماعي. ويأتي ذلك في سياق منظومة قانونية ومهنية يؤطرها القانون 45.18 المتعلق بتنظيم مهن العاملين الاجتماعيين، وما يرافقه من مراسيم تطبيقية وقرارات تنظيمية تتطلب فهماً معمقاً وتنسيقاً مؤسساتياً فعالاً.
الدكتور رشيد بن بيه استاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر في مداخلته وُصفت بالرفيعة علمياً وإنسانياً، أبرز فيها جوهر المهنة باعتبارها ممارسة تقوم على الأخلاق المهنية، واحترام الحدود، وضمان الاستقلالية، والبناء على تكوين متين وتقنيات واضحة. وأكد بن بيه أن المهن الاجتماعية تُعد ضمن “المهن النبيلة” التي لا تُقاس بمنطق السوق، بقدر ما تُقاس بقدرتها على الدفاع عن الإنسان وصون كرامته ورفض كل أشكال التمييز. كما دعا إلى صياغة ميثاق أخلاقي للمهنة يستند إلى منظومة حقوق الإنسان ويراعي في الوقت ذاته الخصوصيات الثقافية للمجتمع المغربي.
وفي مداخلة أخرى، قدم الدكتور بوجمعة بنشمار عن وكالة التنمية الاجتماعية توضيحات مهمة ميّز فيها بدقة بين “التكوين” و“تعزيز القدرات”، مؤكدًا أن هذا الأخير يمثل آلية لتمكين العامل الاجتماعي من مهارات عملية تساعده على النجاح في الميدان. كما شدد على استمرار الوكالة في دعم الفاعلين الاجتماعيين والمساهمة في اعتمادهم مهنيًا طبقاً للمساطر القانونية، وهو ما بدّد العديد من الإشكالات لدى المشاركين.
أما ممثلة مؤسسة التعاون الوطني، السيدة شادية الهماتي، فقد تطرقت بدقة إلى دور الشبابيك الجهوية في استقبال ومواكبة ملفات الاعتماد، مقدمة شروحات حول كيفية التحقق من المعلومات والوثائق واحترام المساطر، مع إبراز جاهزية الأطر التي تلقت تكوينات خاصة وتفعيل دليل وزارة التضامن لضمان شفافية العملية من بدايتها إلى نهايتها.

وقد شكّل تفاعل العاملات والعاملين الاجتماعيين، بأسئلة دقيقة وشجاعة، فرصة لطرح الإشكالات المهنية الحقيقية التي تواجههم داخل الميدان. وأسهمت هذه النقاشات في بلورة ملاحظات أساسية ستشكل أرضية عمل الجمعية خلال المرحلة المقبلة.
وفي ختام اللقاء، خرجت الجمعية بإحساس واضح بأن المجال الاجتماعي بجهة سوس ماسة يمتلك فرصة حقيقية لتطوير شروط العمل المهني، إذا ما أحسنت التنظيم الداخلي، وعززت الثقة مع المؤسسات، وأعادت الاعتبار للهوية المهنية التي تمنح العامل الاجتماعي قوة حضوره ووضوح مسؤوليته واستقلالية قراره. كما اعتُبر هذا الاجتماع بداية مسار يراهن على المعرفة والأخلاق المهنية وشجاعة طرح الأسئلة التي تحتاجها المهنة في المستقبل.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



