الجهة اليوم

تارودانت : دوار بوغانيم يعيش في ظل التجاهل الحزبي والتنمية الانتقائية

رغم عقود من الدعم والوفاء، ما زالت ساكنة دوار بوغانيم تنتظر من الأحزاب التي تسيّر شؤونها أبسط مقومات التنمية، بعدما وجدت نفسها بين سندان الوعود القديمة ومطرقة الانتقام السياسي.

منذ سنة 2003، حين تولّى حزب الاستقلال تسيير شؤون جماعة أصادص، ظلّت ساكنة دوار بوغانيم وفيّة له، تصوّت له وتدافع عنه في كل محطة انتخابية، مؤمنة بأن دعمها سيُترجم يوماً إلى مشاريع تنموية تُخفّف من معاناتها اليومية. غير أنّ الواقع كان عكس التطلعات، فبعد أكثر من عقد من الزمن، بقيت الوعود مجرّد شعارات معلّقة، وتحوّل الأمل إلى خيبة.

طوال فترة تسيير الحزب للجماعة (2003 – 2015)، لم يرَ سكان بوغانيم أثراً لأي مشروع تنموي ملموس. فلا طرق معبّدة تربطهم بباقي الدواوير، ولا نقل مدرسي يُخفّف عن التلاميذ مشقة التنقل اليومي نحو التانوية الإعدادية ، ولا تزويد شامل بالمنازل بالكهرباء رغم كثرة الوعود المتكررة. أما دور الشباب والمستوصف الصحي، فظلاّ حلمين مؤجلين رغم أهميتهما في حياة الساكنة، خصوصاً لفئة الشباب والنساء والأطفال.

النقطة التي أفاضت الكأس لدى ساكنة بوغانيم كانت حين قامت وزارة التجهيز، التابعة لحزب الاستقلال، بتوزيع مشاريع الطرق على الجماعات الموالية للحزب داخل إقليم تارودانت، بينما تم تجاهل جماعة أصادص ودوار بوغانيم بشكل تام، ولم يستفيدوا حتى من متر واحد من هذه المشاريع. وهو ما اعتبرته الساكنة دليلاً واضحًا على الحيف والإقصاء المتعمد، و”حكرة” تمارس ضد منطقة ظلّت مخلصة للحزب، رغم تجاهله المتواصل

لكن خيبة الأمل لم تتوقف عند هذا الحد، فبعد أن انتقل التسيير إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأس الجماعة منذ ولايتين، لم يتحقق أي تحسن يُذكر. بل يرى سكان بوغانيم أن الرئيس الحالي، المنتمي إلى حزب رئيس الحكومة، يتعامل معهم بعقلية انتقامية بسبب انتماء أغلب الساكنة لحزبٍ آخر، ويعتبرهم “خصوماً سياسيين”، ليُمارس عليهم سياسة الإقصاء الممنهج.

فعلى مدى ولايتين كاملتين، لم ينجز المجلس أي مشروع حقيقي لفائدة الدوار، بل حول ما يقارب خمسة كيلومترات من الطريق إلى أرض خلاء، انتقاماً من الساكنة، وحرم العديد منهم من رخص ربط منازلهم بالكهرباء، رغم أن ثلث ساكنة الجماعة يقطن في دوار بوغانيم. أما في ملف النقل المدرسي، فقد استفادت الجماعة من حافلة مقدمة من المجلس الإقليمي، إلا أن الرئيس رفض تشغيلها لفائدة تلاميذ بوغانيم فقط لأن المستفيدين – في نظره – “خصوم سياسيون”، في سلوك غريب ومخالف لقيم العدالة والمواطنة.

كل هذا يجري أمام أنظار سلطة الوصاية التي تكتفي بالتفرج، في وقتٍ تدفع فيه الساكنة ضريبة الاختيار الخاطئ، وضريبة الجهل السياسي الذي مكّن أشخاصاً من التسيير لا يملكون رؤية ولا ضميراً تنموياً.

اليوم، لم يعد السؤال هو: من المسؤول عن تهميش بوغانيم؟
بل أصبح: إلى متى ستظل الساكنة تدفع ثمن وفائها وثقتها في من لا يستحقها؟

لقد آن الأوان لساكنة بوغانيم أن تُعيد ترتيب أولوياتها السياسية، وأن تمنح ثقتها لمن يضع مصلحة المواطن فوق الحسابات الحزبية، لمن يؤمن بأن التنمية ليست امتيازاً حزبياً بل حقاً دستورياً، ولمن يملك الإرادة الفعلية لرفع التهميش عن هذه المنطقة التي قدمت الكثير ولم تنل سوى الوعود.

فبوغانيم لا تحتاج إلى مزيد من الشعارات، بل إلى من يعبّد طريقها، ويوفّر النقل لتلاميذها، والكهرباء لمنازلها، والمستوصف لعلاجها، ودور الشباب لأبنائها.

إنها تحتاج إلى من يؤمن أن التنمية مسؤولية جماعية، لا غنيمة انتخابية.

  • حسن أيت بلا
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى