الثقافة

بورتري : “سعيد الهياق صوت أدبي وإعلامي يمضي عكس التيار”..

  • بقلم: عبد السلام بزيد //

في زمنٍ يتكاثر فيه الصخب ويقلّ فيه الصدى الحقيقي للكلمة، يبرز اسم ” سعيد الهياق ” كأحد الأصوات الأدبية والإعلامية التي اختارت أن تمضي عكس التيار، مستندًا إلى قلمه وثقافته ورؤيته العميقة للإنسان والوطن والفكر. شاعرٌ تشهد له نصوصه بنضج التجربة وصدق المعنى، وكاتبٌ يجيد الإنصات لنبض الحياة وهموم المجتمع، وإعلاميٌّ ترك بصمة واضحة في المشهد الثقافي داخل المغرب وخارجه.

فمنذ بداياته الأولى، تميز سعيد الهياق بجرأة في التعبير وحرصٍ على أن تكون الكلمة أداة بناء لا هدم، وجسر تواصل لا جدار فصل. تنوعت كتاباته بين الشعر والمقالة والتحليل الثقافي، وجاءت أعماله مشبعة بروحٍ وطنيةٍ وإنسانيةٍ تعكس صدق انتمائه وعمق رؤيته.

حيث لم يكن الهياق مجرد شاعر يغازل اللغة، بل مفكر يشتغل بها. في قصيدته يلتقي الجمال بالحكمة، وفي مقالاته تتجاور الرصانة بالجرأة. عرف كيف يجعل من الإعلام منبرًا للوعي، لا مجرد صدى للأحداث، مؤمنًا بأن الكلمة مسؤولية وأن الثقافة مشروع حياة قبل أن تكون ترفًا فكريًا.

كما حصد سعيد الهياق الفائز بالشخصية الثقافية لسنة 2015 بإقليم تارودانت عدة جوائز وشهادات تقدير تقديرًا لعطائه المتميز، وكان دائم الحضور في الندوات واللقاءات الأدبية والفكرية داخل المغرب وخارجه، حيث حمل صورة المثقف المغربي الحر، الملتزم بقضايا وطنه وأمته، والمنفتح في الآن ذاته على روح العصر.

حيث تتسم إسهاماته الإعلامية بالعمق والموضوعية، إذ استطاع من خلال برامجه ومقالاته أن يمنح مساحة للثقافة والفن في زمنٍ طغت فيه السرعة والسطحية. وهو من الأصوات التي تؤمن بأن الكلمة لا تكتمل إلا حين تُسهم في الارتقاء بالذوق العام، وتغرس في النفوس بذرة الوعي والجمال.

فإن الحديث عن سعيد الهياق هو حديث عن جيل من المثقفين المغاربة الذين لم يفصلوا بين الشعر والرسالة، ولا بين الإبداع والمسؤولية. ظل صادقًا مع نفسه ومع قرائه، محافظًا على خطه الإنساني الأصيل، متشبثًا بقيم الوفاء والانتماء، واضعًا قلمه في خدمة الوعي لا الشهرة.

و في كل سطر يكتبه، وفي كل قصيدة يوقعها، يترك الهياق أثرًا جميلاً يشبهه: بسيطًا في لغته، عميقًا في فكرته، نبيلاً في غايته. فهو صوت لا يشيخ، لأن الحرف حين يُكتب بالصدق يظل حيًا في ذاكرة الناس، كما يظل صاحبه حاضرًا في وجدان الوطن …

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى