
تقرير رسمي: 27.3% من المغربيات فوق 15 سنة عازبات
في إطار تحولات اجتماعية بارزة تعكس ملامح المغرب الحديث، أظهرت معطيات حديثة للمندوبية السامية للتخطيط أن 27.3% من المغربيات البالغات 15 سنة فما فوق ما زلن عازبات، بينما بلغت نسبة المطلقات 4.6% والأرامل 9.4%.
وبالرغم من أن هذه الأرقام تشير إلى استقرار نسبي مقارنة بعام 2004 حين وصلت نسبة العزوبة إلى 34%، إلا أن التحليل العميق يكشف عن تحولات ملموسة في نظرة المجتمع إلى الزواج والأسرة.
وسجلت المندوبية ارتفاعًا ملحوظًا في العزوبة بعد سن الخمسين، إذ تضاعفت النسبة خلال العقدين الأخيرين من 5.3% إلى 12.4%. ولم تعد هذه الظاهرة مقتصرة على المدن الكبرى فقط، بل امتدت إلى الوسط القروي الذي ارتفعت فيه نسبة العازبات بعد سن الخمسين من 3.1% إلى 11.1%.
ويعتبر الباحثون أن هذا التغير يعكس تراجع النظرة التقليدية للزواج، وارتفاع وعي المرأة بمسارها الشخصي والمهني، إضافة إلى تغير أولويات الجيل الجديد الذي لم يعد يعتبر الزواج “ضرورة اجتماعية”.
جدل سياسي واجتماعي حول دور الدولة
وأعاد تقرير المندوبية فتح النقاش حول مسؤولية الحكومة في مواجهة ارتفاع نسب الطلاق والعزوبة، خصوصًا بعد تصريحات وزير العدل السابقة بأن “الطلاق ليس شأنًا حكوميًا بل قرارًا فرديًا وإنسانيًا”.
وقد أثارت هذه التصريحات انتقادات من فاعلين سياسيين واجتماعيين، الذين اعتبروا أن الدولة لا يمكنها التنصل من مسؤوليتها في دعم الأسرة وحمايتها، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة والسكن.
ويشير خبراء علم الاجتماع إلى أن هذه الإحصاءات تعكس إعادة تشكيل القيم الأسرية في المغرب. فالزواج لم يعد بوابة الاستقرار الوحيدة، بل أصبح خيارًا يخضع لحسابات شخصية ومهنية واقتصادية.
ويضيف الباحثون أن ارتفاع مستوى تعليم النساء، وتوسع سوق العمل النسائي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أسهم جميعها في تحرير تصورات الأفراد عن الارتباط التقليدي وإعادة النظر في دور الزواج في حياة الفرد.
بين الحرية الفردية واستقرار المجتمع
ويبقى التساؤل قائماً: هل تمثل هذه التحولات تحررًا أسريًا ونضجًا اجتماعيًا، أم أنها تهديد لمؤسسة الزواج وقيم التضامن التقليدي؟
وبين من يرى في هذه الظواهر مؤشرات على الحرية الفردية ونضج المجتمع، ومن يعتبرها أزمة في الأسرة المغربية التقليدية، تتواصل النقاشات حول الحاجة إلى سياسات عمومية توازن بين الحرية الفردية واستقرار الأسرة.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



