الجهة اليومالرأي

مؤسسة الوالي ودورها المحوري في التنمية: جهة سوس ماسة نموذجا

  • بقلم الدكتور جمال العزيز//

تُشَكِّل مؤسسة الوالي اليوم أحد الأعمدة الجوهرية في المنظومة الترابية الجديدة التي أرساها النموذج التنموي المغربي ، بوصفها حلقة وصل حيوية بين الدولة المركزية والجهات، وفاعلا رئيسيا في ضمان الإنسجام، والسرعة، وحسن تنزيل المشاريع التنموية. وفي جهة سوس ماسة، يتجسد هذا الدور بوضوح من خلال دينامية العمل الترابي التي تعرفها المنطقة خلال السنتين الأخيرتين، سواء في مجال التنسيق المؤسساتي، أو في تتبع المشاريع، أو في خلق مناخ عام يُسهِّل الإستثمار ويحفز التنمية.

فالوالي، باعتباره ممثلا ساميا للدولة، لا يقتصر دوره على الجانب الإداري التقليدي، بل أصبح يمارس مهاما استراتيجية تتمثل في الهندسة الترابية والتوجيه الإستباقي، وإطلاق المقاربات التشاورية المبنية على الإصغاء لمختلف الفاعلين المحليين والمهنيين، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى جعل المواطن في صلب السياسات العمومية، وضمان نجاعة مختلف التدخلات العمومية.

ويُلاحَظ في جهة سوس ماسة أن مؤسسة الوالي استطاعت أن تُحدِث نقلة نوعية في أساليب تدبير المشاريع من خلال اعتماد مقاربة تشاركية فعلية، تُشرِك المنتخبين، والإدارات الجهوية، والغرف المهنية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، في بلورة رؤية موحدة للتنمية الترابية. كما برز حرصها الواضح على المتابعة اليومية لمختلف الأوراش الكبرى، بما في ذلك مشاريع البنيات التحتية، والطرق، والمناطق الصناعية، وتأهيل المجال الحضري، ودعم الإستثمار المحلي والدولي.

وتُعتبَر اللقاءات التشاورية الأخيرة مثالا دالا على هذا التوجه، حيث تحولت إلى فضاءات للنقاش الجاد، وتبادل الخبرات، واقتراح الحلول العملية، مع إرساء ثقافة جديدة قوامها الحكامة، والمسؤولية المشتركة، وتجاوز المقاربة القطاعية الضيقة لصالح رؤية مجالية مندمجة. والذي سَيُمَكِّن من تسريع وتيرة إنجاز عدد من البرامج، وتحسين جودة تنفيذها، وضمان التقائية تدخلات مختلف المؤسسات.

إن قوة مؤسسة الوالي في سوس ماسة لا تكمن فقط في الإشراف والتنسيق، بل أيضا في القدرة على اكتشاف مكامن التعثر مبكرا، وتفعيل المتابعة الميدانية، وتعبئة كل الشركاء لتجاوز الإكراهات، بما يعكس وعيا ترابيا عميقا بخصوصيات الجهة وتحدياتها.

كما أن حضور الوالي المستمر في قلب النقاش العمومي حول التنمية يعزز الثقة بين الدولة والمواطنين، ويؤكد أن التنمية مسؤولية جماعية، وأن الدولة حاضرة بقوة لضمان الإستمرارية، والشفافية، والإنصاف المجالي.

وبالنظر إلى ما تعرفه جهة سوس ماسة من دينامية اقتصادية واعدة، خاصة في مجالات الصناعة الغذائية، والسياحة، والإقتصاد الأزرق، والإبتكار، فإن الدور المحوري لمؤسسة الوالي يكتسي اليوم أهمية متزايدة في توجيه هذه الطاقات نحو مشاريع ذات أثر ملموس على التشغيل والعيش الكريم.

كما يشكل ضمان الإنسجام بين الجماعات الترابية، والجهة، والقطاع الخاص، أحد أهم عناصر النجاح في تنزيل الجيل الجديد من السياسات العمومية.

وفي النهاية، يمكن القول إن نموذج سوس ماسة يُبرِز بوضوح أن مؤسسة الوالي أصبحت شريكا أساسيا في التنمية، وليست مجرد مؤسسة للتنفيذ الإداري. إنها فضاء للتفكير الجماعي، وصوت للدولة القريبة من المواطن، وضامن لسير مشاريع التنمية في مسارها الصحيح، بما ينسجم مع الرؤية الملكية التي تجعل من ورش الجهوية المتقدمة رافعة استراتيجية لبناء مغرب أكثر عدلا وازدهارا.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى