
قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية: انتصار دبلوماسي جديد يكرّس الواقعية السياسية ويكشف عزلة الجزائر و”البوليساريو”
أصدر مجلس الأمن الدولي أواخر أكتوبر 2025 قراراً جديداً بشأن الصحراء المغربية، جدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”، ودعا إلى استئناف العملية السياسية على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007.
القرار حظي بتأييد 11 دولة من أصل 15، في حين امتنعت الصين وروسيا وباكستان عن التصويت، بينما انسحبت الجزائر ورفضت المشاركة في التصويت.
يأتي هذا القرار في لحظة دقيقة من تاريخ النزاع، إذ يعكس تزايد القناعة الدولية بأن الحل الواقعي والعملي هو الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، وليس خيار الانفصال الذي تروّج له الجزائر و”البوليساريو”.
أولاً: مضمون القرار وأبعاده الجديدة
القرار الأممي لسنة 2025 يؤكد على:
- دعم متزايد لمبادرة الحكم الذاتي كـ”أساس واقعي وذي مصداقية للحل السياسي”.
- دعوة الأطراف إلى استئناف المفاوضات تحت إشراف المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، دون شروط مسبقة.
- الإشادة بالدور الذي يقوم به المغرب في التنمية والاستقرار بالأقاليم الجنوبية.
- الإشارة إلى أن الحل الواقعي والتوافقي هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده.
هذه الصيغة تمثل تحولاً نوعياً في لغة الأمم المتحدة، إذ لم تعد تتحدث عن “الاستفتاء”، بل عن “حل سياسي واقعي قائم على التوافق”، وهو ما ينسجم تماماً مع المقترح المغربي.
ثانياً: تحليل مواقف الدول وتصويتها
الدول الإحدى عشرة التي صوتت لصالح القرار
شملت الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، سويسرا، مالطا، سلوفينيا، الإكوادور، سيراليون، وموزمبيق.
مبرراتها:
- اعتبار مبادرة الحكم الذاتي المغربية الإطار الأكثر جدية وواقعية.
- الإقرار بدور المغرب في محاربة الإرهاب وضمان الاستقرار الإقليمي.
- دعم جهود الأمم المتحدة في العودة إلى طاولة المفاوضات بدل الجمود.
- الرغبة في إغلاق ملف مفتعل طال أكثر من نصف قرن دون تقدم.
هذه الدول باتت تعتبر أن الحل المغربي هو ضمان لاستقرار الساحل والمغرب العربي، خصوصاً في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة.
الدول التي امتنعت عن التصويت: الصين، روسيا، باكستان
- الصين تبنّت موقف الحياد، متمسكة بمبدأ “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، مع تجنب الاصطفاف ضد الجزائر حليفها في إفريقيا، لكنها لم تُعارض مضمون القرار، وهو بحد ذاته مكسب للمغرب.
- روسيا امتنعت أيضاً، مراعاةً لعلاقاتها الاستراتيجية مع الجزائر التي تعتبر من أكبر زبائنها في مجال السلاح، غير أن امتناعها بدل الرفض يعكس رغبتها في عدم مواجهة الإرادة الدولية المؤيدة للمغرب.
- باكستان أبدت تحفّظاً دبلوماسياً تقليدياً مرتبطاً بخطاب “تقرير المصير”، دون أن تتبنّى موقفاً عدائياً من المغرب.
في المحصلة، لم تصوّت أي دولة ضد القرار، ما يجعل النتيجة توافقاً شبه شامل على الطرح المغربي داخل مجلس الأمن.
الجزائر: انسحاب العزلة الدبلوماسية
الجزائر اختارت الانسحاب من الجلسة احتجاجاً على “انحياز القرار للمغرب”، معتبرة أنه “يهمّش خيار الاستقلال” و“يتجاهل البوليساريو”.
غير أن هذا الموقف أكّد عزلتها المتزايدة داخل المنتظم الدولي، حيث لم تجد دولة واحدة تدعم وجهة نظرها بشكل صريح.
فحتى الدول التي كانت تميل إليها (مثل روسيا أو الصين) امتنعت فقط، بينما العالم يتجه للاعتراف بواقعية الطرح المغربي.
لقد أصبح واضحاً أن الجزائر راهنت على خيار خاسر، وأن خطابها المتصلّب لم يعد يجد آذاناً صاغية في الأمم المتحدة.
ثالثاً: “البوليساريو”… بين الرفض والعزلة
جبهة “البوليساريو” تلقّت القرار بصدمة، إذ وصفته بأنه “منحاز للمغرب”، وهددت بالعودة إلى “الكفاح المسلح”.
غير أن الواقع الدولي تغيّر جذرياً:
- لم تعد الأمم المتحدة تتحدث عن “الاستقلال” كخيار قائم.
- أغلب الدول الإفريقية والعربية سحبت اعترافها بـ“الجمهورية الصحراوية”.
- الاتحاد الإفريقي نفسه بات يعترف بدور الأمم المتحدة كإطار وحيد للحل.
بالتالي، فإن البوليساريو أصبحت طرفاً معزولاً دبلوماسياً وسياسياً، لا تملك سوى دعم جزائري محدود، وتعيش وضعية تراجع على المستويين الدولي والإقليمي.
رابعاً: موقف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن
| الدولة | الموقف | التفسير |
|---|---|---|
| 🇺🇸 الولايات المتحدة الأمريكية | صوتت لصالح القرار | تؤكد دعمها الثابت لمقترح الحكم الذاتي منذ اعتراف إدارة ترامب بمغربية الصحراء سنة 2020، واستمرار هذا التوجه في السياسة الأمريكية الحالية. |
| 🇫🇷 فرنسا | دعمت القرار بقوة | تعتبر المغرب حليفاً استراتيجياً في إفريقيا، وتدعم وحدة أراضيه واستقراره الإقليمي. |
| 🇬🇧 بريطانيا | صوتت لصالح | تشدد على “حل واقعي وعملي”، وتعد من المدافعين عن مسار الأمم المتحدة. |
| 🇷🇺 روسيا | امتنعت | مراعاة لعلاقاتها العسكرية مع الجزائر، دون معارضة صريحة للمغرب. |
| 🇨🇳 الصين | امتنعت | حياد براغماتي للحفاظ على التوازنات في القارة الإفريقية. |
هذه المواقف تظهر أن الأغلبية الساحقة داخل الدول الدائمة العضوية تدعم رؤية المغرب أو على الأقل لا تعارضها، ما يعني أن الفيتو لم يعد يشكل تهديداً أمام الحل المغربي.
خامساً: أهمية القرار بالنسبة للمغرب
- انتصار دبلوماسي واضح يعزز شرعية المقترح المغربي على الصعيد الدولي.
- تثبيت لمغربية الصحراء كأمر واقعي ومقبول دولياً.
- تراجع جبهة الانفصال سياسياً وإعلامياً، وتكريس العزلة الجزائرية.
- دعم لجهود التنمية بالأقاليم الجنوبية التي تحولت إلى نموذج للجهوية المتقدمة.
- إعادة توجيه النقاش الأممي نحو الواقعية بدل الوهم الانفصالي.
هذا القرار يترجم نجاح السياسة المغربية الهادئة القائمة على الدبلوماسية الذكية، والمبادرات التنموية، والانفتاح على الشركاء، مقابل استمرار خطاب التوتر من الطرف الجزائري.
سادساً: الخاسران الأكبران — الجزائر و”البوليساريو”
في لغة السياسة الواقعية، يمكن القول إن القرار الأخير كشف بوضوح:
- الجزائر فقدت قدرتها على التأثير في مخرجات مجلس الأمن، رغم إنفاقها مليارات الدولارات على الدعاية السياسية.
- “البوليساريو” فقدت شرعيتها كطرف تفاوضي جاد، إذ لم يعد أحد يصدق خطابها حول “التحرير” أو “تقرير المصير” في ظل غياب قاعدة شعبية أو ديمقراطية داخل المخيمات.
- انسحاب الجزائر من الجلسة كان اعترافاً ضمنياً بالهزيمة السياسية، وليس احتجاجاً مؤثراً.
وبذلك، فإن هذا القرار يمثل نقطة تحوّل في مسار النزاع: من نزاع إقليمي مفتعل إلى مسار تسوية نهائية تحت سيادة المغرب.
قرار مجلس الأمن الأخير ليس مجرد تمديد تقني لبعثة “المينورسو”، بل تتويج لمسار دبلوماسي مغربي ناجح استطاع أن يقنع المجتمع الدولي بأن الحكم الذاتي هو الحل العادل والواقعي.
في المقابل، أظهر القرار أن الجزائر و”البوليساريو” أصبحتا خارج الزمن السياسي، متمسكتين بخطاب متجاوز وغير قابل للتنفيذ.
لقد ربح المغرب شرعية الحل، وربحت الأمم المتحدة منطق الواقعية، بينما خسر المعسكر المعارض رصيد المصداقية.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News



