الرأيالمجتمع

إقصاء الفنون من مباريات التعليم… رسالة مقلقة عن موقع الإبداع في المدرسة المغربية

  • بقلم الفنان التشكيلي، الإمام دجيمي//

أثار الإعلان الأخير لوزارة التربية الوطنية عن مباريات توظيف الأطر التعليمية، والذي خصّص 19000 منصباً دون أي حصة لمادتي التربية التشكيلية والتربية الموسيقية، موجة استغراب وغضب في الأوساط الثقافية والفنية. فغياب هذين المكونين التربويين من الخريطة الرسمية للتوظيف ليس مجرد صدفة إدارية، بل يعكس رؤية عميقة ومقلقة لموقع الفنون في المدرسة المغربية.
من الناحية الرمزية، يُعتبر هذا القرار تراجعاً صريحاً عن حقّ التلميذ في التربية الجمالية والفنية، التي نصّت عليها الوثائق المرجعية الكبرى للمنظومة، من الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى الرؤية الاستراتيجية 2015-2030. فالتربية الفنية ليست نشاطاً ثانوياً، بل وسيلة أساسية لبناء الحسّ الإنساني، وتربية الذوق، وتنمية الخيال والإبداع.

إقصاء الفنون من مباريات التعليم... رسالة مقلقة عن موقع الإبداع في المدرسة المغربية - AgadirToday
على المستوى العملي، سيؤدي هذا الغياب إلى تجفيف منابع الإبداع داخل المؤسسات التعليمية، وحرمان آلاف التلاميذ من التكوين الجمالي الذي يساعدهم على التعبير والتفكير النقدي. فالفنّ في المدرسة ليس غاية جمالية فحسب، بل أداة بيداغوجية تساهم في بناء التوازن النفسي والعاطفي للمتعلمين.
كما أن هذا الإقصاء يعبّر عن اختزال التعليم في بعده النفعي والاقتصادي، حيث تُمنح الأولوية للمواد التقنية والعلمية على حساب المواد التي تُغذّي الوجدان وتُنمّي الحسّ الإنساني. وهي مفارقة غريبة في زمن أصبحت فيه الصناعات الإبداعية والفنية من أهمّ روافع الاقتصاد العالمي.
إنّ الرسالة التي تُرسلها وزارة التربية الوطنية من خلال هذا القرار ليست مشجّعة:
مدرسة بلا فنون هي مدرسة بلا روح.
ولذلك، فإنّ إعادة الاعتبار للتربية التشكيلية والموسيقية لم تعد مطلباً فئوياً، بل قضية تربوية وثقافية ومجتمعية ترتبط بمستقبل الأجيال وبصورة المدرسة المغربية نفسها.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى