
أيت حديدو: موسم “أكرام” موعد توزيع اللحوم مجانا تجسيدا لقيم التضامن والتآزر
تُعرف بلدة أكدال التابعة لقبائل أيت حديدو بعادة سنوية متجذّرة في الذاكرة الجماعية، تحمل اسم موسم “أكرام”، نسبة إلى أحد الأولياء الصالحين الذين عاشوا بالمنطقة. ويُعتبر هذا الحدث أكثر من مجرد طقس اجتماعي، إذ يترجم قيماً عميقة من التضامن والتسامح والتآزر بين الساكنة.
توزيع اللحوم لكل فرد مجاناً
في إطار هذا الموسم، يقوم السكان بذبح عدد من الأبقار (يصل أحياناً إلى خمسة أو أكثر) إضافة إلى الأغنام، حسب عدد الأسر المقيمة بالبلدة. ويتم توزيع نصيب من اللحم مجاناً لكل فرد من العائلات المقيمة بأكدال، في حين لا يُحتسب الغائبون عن المنطقة. هذه العادة المتوارثة تعكس ثقافة الإيثار وتقاسم الخيرات بعيداً عن الخلافات والنزاعات.
آلية البيع المؤجل
وإلى جانب التوزيع المجاني، يُتاح للأسر الراغبة في الحصول على كميات إضافية من اللحوم اقتناؤها، لكن بطريقة فريدة: الدفع لا يتم في حينه، بل يؤجل إلى الموسم القادم. وهو تقليد يجسد الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع وروح التعاون، إذ يسمح لمن ليست لديه القدرة المالية في اللحظة الراهنة بتأجيل الأداء إلى العام المقبل.
شمولية العادة
ومن اللافت أن هذه المبادرة تشمل حتى الأساتذة والعمال الوافدين على المنطقة، حيث يستفيدون من نصيبهم من اللحوم المجانية أسوة بأبناء البلدة، في تجسيد عملي لقيم الإدماج والتآخي دون استثناء.
أجواء احتفالية بالكسكس وأحيدوس
بعد عملية التوزيع، تُقدَّم أطباق الكسكس بلحم البقر والأغنام للراغبين في تناول وجبة جماعية. ومع حلول المساء، يتجمع الرجال في حلقات رقصة أحيدوس التي تستمر إلى ما قبل المغرب، حيث يُقام مزاد علني (تادللت) لبيع الدجاج والديك المقدم للمسجد.
موروث ثقافي حيّ
قد يراه البعض مجرد طقس فولكلوري أو عادة تقليدية، غير أن موسم “أكرام” يمثل جزءاً من الهوية الثقافية لأيت حديدو، وذاكرةً جماعيةً تحفظ روابط التضامن الاجتماعي من جيل إلى جيل. فهو يترجم عمق القيم الأصيلة التي تجعل من العادات والتقاليد محركاً معنوياً وحضارياً للشعوب، وضمانة لاستمرار روح الجماعة.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News