
أكادير بين مطلب السكينة وحيوية الاقتصاد الليلي
استجابة لعدد من الشكايات قرر مجلس جماعة أكادير تحديد توقيت إغلاق المحلات التجارية والخدماتية في الأحياء السكنية في الساعة الواحدة بعد منتصفةالليل، القرار تلقى استحسانا من ساكنة بعض الاحياء التي تعاني من الضجيج بالليل مثل حي السلام والحي المحمدي، في المقابل رفضه بعض أرباب المحلات واعتبروه مجحفا في حق تجارتهم وخدماتهم .
تفاصيل القرار :
صادق مجلس جماعة أكادير في دورة أكتوبر 2025 على قرار تنظيمي يقضي بتحديد توقيت فتح وإغلاق المحلات التجارية والخدماتية في الأحياء السكنية، مثل حي السلام وحي الهدى، بين السادسة صباحاً والواحدة بعد منتصف الليل. الهدف، حسب المجلس، هو ضمان راحة الساكنة وخلق سكينة عامة داخل هذه المناطق التي تعاني من ضجيج المقاهي وبعض الأنشطة الليلية، وهو إلغاء لقرار قديم كان يحدد الإغلاق في منتصف الليل.
في المقابل، أوضح المسؤولون أن منطقة الكورنيش السياحية لم يشملها هذا القرار، وأنه مازال قيد الدراسة، مراعاةً لكونها وجهة سياحية يرتبط نشاطها أساساً بالليل.
بين السكينة وحقوق الساكنة:
المدافعون عن القرار يرون أن الخطوة ضرورية لحماية الحق في الراحة الليلية لسكان الأحياء المكتظة، الذين يعانون من ضوضاء مستمرة قد تمتد حتى الفجر. ويعتبرون أن هذا التنظيم سيساعد على إعادة النظام وتخفيف الشكايات المتكررة.
في المقابل، يرى بعض المهنيين أن القرار يحد من نشاطهم الاقتصادي، خصوصاً أن عدداً من المقاهي والمطاعم تعتمد على الزبناء الليليين.
الحل إيجابي ولا يكمن رفضه ومحاولة التمرد عليه واستعماله لتصفية الحساب مع المجلس، الموقع أكادير اليوم بحث في الموضوع وأعد هذه الإطلالة على تجارب مدن في العالم.
تجارب عالمية للمقارنة:
قرار أكادير لا يخرج عن تجارب مشابهة في مدن كبرى:
- باريس: مددت ساعات عمل المحلات في الصيف حتى الساعة 23:00، لكن مع ضوابط صارمة للضوضاء.
- مدريد: تحدد مواقيت موسمية، مع إغلاق المحلات مبكرا في الأحياء الحساسة.
- برشلونة: تمييز بين الداخل، وتغلق المحلات في الساعة (02:00) وفي الخارج يتم الإغلاق في الساعة (23:00) في أحياء سكنية محددة.
- لندن: تعمل بنظام الرخص الليلية مع رسم إضافي لتمويل الأمن.
- نيويورك: تعتمد على قياس الضجيج (42 ديسيبل ليلاً) بدل تحديد ساعة إغلاق موحدة.
- دبي: تحدد حدود صوتية (45–55 ديسيبل) مع آليات للشكايات الرقمية.
هذه التجارب تكشف أن فتح المحلات لا يبقى حرا وعشوائيا في جل المدن العالمية، وأن أغلب حلول الإغلاق لا تتعدى منتصف الليل، كما تظهر هذه التجارب وجود حلول أخرى ليست دائما في فرض ساعة إغلاق عامة، بل في التفريق بين الأحياء، أو اعتماد سقف للضوضاء.
خصوصية مدينة أكادير:
أكادير مدينة تجمع بين أحياء سكنية هادئة وأخرى شعبية وكورنيش سياحي نشط. قرار الجماعة بتطبيق الإغلاق في الأحياء السكنية فقط يعكس محاولة لتحقيق توازن بين حماية السكان من الضوضاء دون المساس مؤقتاً بالحيوية الاقتصادية للمنطقة السياحية.
القرار مناسبة للتفكير في حلول جدية ومنصفة للجميع، لأن مجلس جماعة المدينة يعمل من أجل جعلها مدينة ذكية تستجيب للمعايير الدولية في الحفاظ على سلامة وأمن الساكنة وفي نفس الآن في تنمية نشاطها التنموي.
التحدي اليوم هو كيف يمكن تحقيق تعايش بين الساكنة والاقتصاد الليلي بشكل منظم، خصوصاً أن المدينة تراهن على السياحة كقاطرة للتنمية.
نحو مقاربة متوازنة والحلول الممكنة قد تشمل:
- تقسيم ترابي: ضبط توقيت مبكر في الأحياء السكنية، مع مرونة في الكورنيش والمناطق السياحية.
- تمييز نوعي: المحلات تُغلق باكراً، بينما الأنشطة الداخلية تستمر لساعات أطول.
- قياسات رقمية للضوضاء: اعتماد حدود ديسيبل مع مراقبة ميدانية كما هو في مدن عالمية
- تنظيم موسمي: صرامة في الشتاء، ومرونة أكبر في الصيف السياحي.
- رخص إضافية ممولة: السماح لبعض المحلات بفتح أطول مقابل رسوم توجه لتحسين الأمن والنظافة.
يبدو أن جماعة أكادير اختارت البداية من الأحياء السكنية لحماية ساكنتها، بينما تركت الكورنيش السياحي خارج القرار إلى حين إيجاد صيغة متوازنة. التجارب الدولية تُظهر أن الحل الأمثل يكمن في سياسة مرنة تميز بين الأحياء والأنشطة والفصول، وهو ما قد تحتاجه أكادير لتظل مدينة تجمع بين هدوء السكن وحيوية السياحة الليلية.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News