المغرب اليوم

مهارة التواصل: حلقة القوة الناعمة المفقودة لدى المسؤولين..

  • بقلم امحمد القاضي* //

أصبح في عصرنا فعل التواصل، علم يدرس في الجامعات وتخصص قائم بذاته في بعض المسالك، وذلك نظرا لأهمية مهارات التواصل في عملية الإقناع، توصيل الخبر، خلق جسور الثقة بين المتكلم والمتلقي وغيرها. لكن الأهم من آليات وأهداف التواصل هو عامل المعاملات الإنسانية التي تعد قاعدة الربط.

تتغير لغة التواصل وتتلطف مفرداتها داخل المجتمعات بتغير الأزمنة ومراحل تقدم وتحضر الأفراد وتقدم مستوى تعليمهم ووعيهم بحقوقهم وادوارهم المجتمعية وأسبقية حفظ كرامتهم وفرض إحترامهم وماء الوجه على باقي الواجبات والحقوق.

كل إناء بما فيه ينضح. للأسف لازال بعض المسؤولين يعيشون بيننا بعقول الأزمنة الغابرة، وبمخالفات ممارسات إضطهادية وإستعمارية ولم يستوعبوا بعد التغير الحاصل في المجتمع المغربي على المستوى الدستوري والحقوقي والوعي بالذات، ولا يعون حجم الأضرار المادية والمعنوية التي يتسببون فيها داخل محيطهم بسوء تصرفاتهم ويلحقونها بذواتهم وسمعتهم أكثر مما يظنون بأن تعنتهم يبرهنون به عن الإنفراد بالقرارات، ودورهم المركزي وعن قوة منصبهم المؤقت

يجتمع في ضعف لغة التواصل عدة مسؤولين بدأ بالوزير المتعلم، والمسؤول الحزبي “المكون”، وإنتهاءا بآخر منتخب جماعي بقرية نائية بالتلث الخالي من المغرب العميق.

هؤلاء يعتبرون المنصب غاية وأقصى طموح شخصي في الحياة بلغه في غالب الأحيان بتحايل او مايشابهها، وليس وسيلة لقضاء حوائج الناس، والبرهنة عن إستحقاق المكانة أخلاقيا وسلوكا وتعاملا وتكوينا.

للأسف كما يقول المثل الشعبي: “الفقيه اللي تسننا شفاعتو، دخلنا الجامع ببلغتو”. تطلعنا وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي بتصريحات مسؤولين تنهار أخلاقهم أمام نشوة المنصب فيطفو معدن العجرفة ولغة الإستفزاز والتحقير ويراكمون بذلك غضب شعبي تزيد تردي الأوضاع وعقم النتائج الميدانية من شساعة الهوة وضعف منسوب الثقة بين المواطن والمسؤول. ويساهمون بذلك بغير وعي من تشنج العلاقات وإحتقان الأوضاع الإجتماعية في البلد. فياما تسبب ضعف لغة التواصل في كوارث إدارية واجتماعية وسياسية!

مهارة التواصل، بكل تجلياتها كإختيار التعابير، النبرة الصوتية، لغة الجسد وتعابير الوجه، تملك الغضب،وغيرها أداة لتجويد العلاقات الإنسانية، وكسب الثقة، وتعبير عن أخلاق وتربية وتكوين الأشخاص ومدى قدرتهم على ضبط النفس ومقياس قناعاتهم ومرآة تعكس أحاسيسهم وما يخلج بدواخيلهم وتخبئه نفسياتهم.

لغة التواصل فن وسيلة أساسية لبناء العلاقات وتعبير عن تعاون وتماسك المجتمع والقدرة على إمتصاص الغضب، عوض تاجيجه، والتفاهم وتقديم حلول وبدائل وتوسيع آفاق التفاعل الحضاري. توفرها في المسؤول قوة ولست ضعف، إمتياز وإدراك لواقع، وفقدانها باب من الجهل وتقليل من قيمة الشخص.

لكن فاقد الشئ لا يعطيه، ولكل مقام مقال. التواصل باللغة التي يفهمها العامة، وتفي بدور إيصال الرسالة، إستراتيجية وتقنية ومهارة تكتسب مع تراكم التجارب والإختلاط والتعامل، يجب ان تختبر في كل مسؤول في منصب التعامل المباشر مع المواطن كإحدى الضروريات للحصول على مناصب حساسة. فلا عيب يخضع فاقد هذه المهارة لتكوينات وورشات تدريبية لتحسين مستوى تعامله وتواصله مع الآخر ليجنبنا مشاهد ومواقف مخجلة.

تجاربتنا الجمعوية الفتية والمتواضعة علمتنا أن للعمل الميداني ضرائب نؤديها. التسلح بصبر أيوب وطول التفس، وخلط العمل المدني التطوعي عند البعض بالأطماع الإنتخابية، وتعرض بعض المشاريع لعراقيل مفتعلة، وقلة مشاركة بعض الجهات في المبادرات الميدانية، وحجب الحق في التمويل العمومي، وغيرها.

تنضاف إليها غياب الضمير، وضعف روح المسؤولية، وفقدان أدنى مستويات مهارة التواصل الأخلاقية عند بعض المسؤولين المحليين.

رسالة لمن يهمهم الأمر، “إياك أعني وإسمعي ياجارة”، دوركم المجتمعي ومسؤوليتكم الإدارية وواجبكم الأخلاقي أمام المواطن، أن تسطفوا أمام القضايا كجزء من الحل عوض أن تكونوا طرف من المشكل.

*رئيس جمعية تيويزي للتنمية الإجتماعية لأيت عبد الله.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى