المغرب اليوم

المغرب…الخيار الإفريقي الحاسم ورهان الثقة

  • بقلم :حسن كرياط //

يشكل تصريح رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، باتريس موتسيبي، حول تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025، محطة مفصلية في علاقة القارة الإفريقية بالمغرب. فحين يؤكد الرجل الأول في “الكاف” أن «المغرب هو الخطة (أ) والخطة (ب) والخطة (ج)» لتنظيم البطولة، فإن ذلك لا يعبر فقط عن موقف إداري أو تنظيمي، بل يحمل دلالات أعمق تتصل بمكانة المغرب داخل المنظومة الرياضية الإفريقية، باعتباره بلداً يحظى بالثقة والريادة والقدرة على احتضان كبريات التظاهرات القارية والدولية.

لقد استطاع المغرب، خلال العقدين الأخيرين، أن يبني حضوره الرياضي على أسس استراتيجية واضحة، قوامها الاستثمار في البنية التحتية المتطورة، وتحديث منظومة الحكامة الرياضية، وربط الرياضة بمسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذه المقاربة لم تكن وليدة الصدفة، بل ثمرة رؤية بعيدة المدى جعلت من الرياضة مجالاً لتجسيد طموح وطني، يهدف إلى تعزيز صورة المغرب في الخارج وترسيخ دوره كفاعل ريادي داخل القارة. ولعل الثقة التي حظي بها من طرف الاتحاد الإفريقي اليوم، ليست سوى امتداد طبيعي لمسار ناجح، أثبته المغرب في تنظيم بطولات كبرى مثل كأس العالم للأندية وكأس إفريقيا للسيدات، فضلاً عن استضافته المنتظمة لعدد من التظاهرات الرياضية العالمية.

إن تنظيم كأس الأمم الإفريقية في المغرب لا يختزل في كونه حدثاً رياضياً ضخماً، بل يمثل أيضاً رهانا استراتيجياً لتثبيت مكانة المملكة كقاطرة للتنمية الرياضية الإفريقية. فالمغرب يرى في “الكان” فرصة لتعميق روابط الأخوة والتعاون بين شعوب القارة، وجعل الرياضة وسيلة للدبلوماسية الناعمة وبناء الجسور، انسجاماً مع الرؤية الملكية التي تعتبر أن التعاون الإفريقي خيار استراتيجي ثابت. وستكون نسخة 2025 مناسبة لتقديم نموذج مغربي متكامل في التنظيم، يزاوج بين الكفاءة التقنية والانفتاح الثقافي والاستدامة البيئية، ويعكس روح التخطيط الوطني والإحساس الجماعي بالمسؤولية.

إن تأكيد “الكاف” على أن المغرب هو الخيار الوحيد لتنظيم البطولة يحمل في طياته دلالة رمزية عميقة، تتجاوز الجانب التقني لتصل إلى البعد السياسي والاعتباري. فهو إقرار ضمني بمكانة المغرب في إفريقيا الحديثة، تلك القارة التي تتطلع إلى الاستقرار والتميز والتكامل بين مكوناتها. وهكذا يتحول تصريح موتسيبي إلى رسالة مزدوجة: إشادة بقدرات المغرب التنظيمية من جهة، وتثمين لدوره الريادي في صياغة مستقبل الرياضة الإفريقية من جهة أخرى.

وصفوة القول، لا يمكن النظر إلى كأس الأمم الإفريقية 2025 كمجرد تظاهرة رياضية عابرة، بل كحدث تاريخي يعيد رسم خريطة النفوذ الرياضي في القارة، ويكرس المغرب كعاصمة جديدة للرياضة الإفريقية، يجتمع فيها الإتقان بالتخطيط، والبنية بالكفاءة، والرؤية بالثقة. فالمملكة لا تستعد فقط لتنظيم “الكان”، بل لتأكيد زعامتها الإفريقية المتجددة في زمن تتجه فيه القارة نحو صناعة مستقبلها الرياضي بملامح مغربية واضحة.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى