
إسدال الستار على مهرجان “إسني ن وْرغ” الذي جعل السينما الأمازيغية تنطق بلغة العالم
اسدل الستار على فعاليات الدورة السادسة عشرة من مهرجان إسني ن وْرغ الدولي للفيلم الأمازيغي (FINIFA)، مساء الأحد 5 أكتوبر 2025، هذا الحدث السنوي الذي احتضنته سينما الصحراء بمدينة أكادير، في أجواء فنية مفعمة بالإبداع، والاحتفاء بالثقافة الأمازيغية في أبهى تجلياتها البصرية والإنسانية.
وقد نظّم المهرجان بشراكة مع مجلس جهة سوس ماسة والجماعة الترابية لأكادير والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (IRCAM)، وبتعاون مع المركز السينمائي المغربي (CCM) وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بآيت ملول، ما جعل هذه النسخة تحافظ على إشعاعها الدولي وتكرّس مكانتها كأحد أبرز الملتقيات السينمائية التي تربط بين الثقافة والهوية والتنوع الإبداعي.
ومنذ انطلاقته، شكّل مهرجان إسني ن ورغ جسرًا للحوار بين السينما الأمازيغية والإنتاجات العالمية، ليصبح موعدًا سنويًا يحتفي بالذاكرة والتاريخ والإنسان من خلال الصورة، وقد تميّزت دورة 2025 بحضور قوي للأعمال الأمازيغية التي جسدت هموم المجتمع وتطلعاته بلغة سينمائية راقية، عكست تطور الصناعة السينمائية الأمازيغية وتنوع مقارباتها الفنية.
وأسفرت نتائج المسابقة الرسمية للأفلام الأمازيغية عن تتويج مجموعة من الأسماء البارزة:
أفضل أداء نسائي: سمارة أيت أوكسماض عن فيلم Tawenza، لتجسيدها العميق لشخصية نسائية تمزج بين الهشاشة والقوة.
أفضل أداء رجالي: عبد اللطيف تلاحي عن L’Élève du village.
أفضل سيناريو: فيلم A Corpse on the Shore للمخرج أكسل، الذي لامس موضوع الذاكرة والجسد والبحر بلغة رمزية آسرة.
أفضل فيلم وثائقي: Izuran جمال باشا، الذي تناول جذور الهوية الأمازيغية في بعدها البيئي والاجتماعي.
جائزة إدّر يحيى لأفضل فيلم قصير: El Capitano بشير برو.
الجائزة الكبرى “إسني ن ورغ”: Fouroulou علي بركنو، المستوحى من رواية “ابن الفقير” للأديب مولود فرعون، لما يحمله من عمق إنساني وتاريخي يربط بين الذاكرة الجزائرية والهوية الأمازيغية.
وضمّت لجنة تحكيم هذه المسابقة شخصيات مرموقة، أبرزهم المخرج الفرنسي الجزائري عمّور حكار، والفنانة البصرية مونيا بولعراصي، والباحث موحى موخليص، والصحافي عزيز أجهبلي، والباحث في فنون العرض عز الدين الخراط.
في المقابل، تميّزت المسابقة الدولية بتنوع جغرافي وجمالي كبير، حيث شاركت أعمال من أربع قارات. وقد تُوّجت:
أميرة رافوزا بجائزة أفضل أداء نسائي عن فيلم Bird Boy (الولايات المتحدة/جنوب أفريقيا).
جائزة أفضل أداء رجالي (مناصفة): لثلونولوفاتسو لثلهاكانياني عن Bird Boy، وعمر دياو عن Where There Is Love, There Is No Darkness (فرنسا).
جائزة السيناريو: Monikondee (هولندا) تولين ألكساندر، لوني فان بروملن، وسيبرن دي هان.
أفضل فيلم قصير: People on the Move (الولايات المتحدة) دومينيكا لاستر.
تنويه خاص: Within the Sun (إيران) سُبيدة جمشيدي نجاد.
أفضل إخراج: Passagères (سويسرا) كاميي بريفو.
أفضل فيلم دولي: Monikondee (هولندا).
وقد ضمّت لجنة تحكيم المسابقة الدولية كفاءات فنية عالمية، من بينها المخرج الأمريكي بيتر لوم، والمخرجة رافائيل بنيستي، والمنتجة السويسرية كورين فان إيغيرآت، والمخرج المغربي الحسين الشكيري، والممثلة الفرنسية الجزائرية فضيلة بالقبلة.
إلى جانب العروض الرسمية، احتضن المهرجان ماستر كلاس متميزًا قاده المخرج المغربي مبارك لعطّاش، الحاصل على جائزة إسني ن ورغ للتضامن، رفقة المنتجة تيسي فريتس، بمشاركة المخرج فرانسوا بالدسار، حيث تناول موضوع الإنتاج في لوكسمبورغ والإنتاجات المشتركة مع المغرب، مع عرض شامل لآليات التمويل والشراكات ومسارات التوزيع في السينما الأوروبية والمغربية.
كما أقيم على هامش المهرجان معرض تشكيلي للفنان براهيم اضنور بفندق ألموڭار بأكادير، من 1 إلى 6 أكتوبر، قدّم خلاله أعمالًا تمزج بين الخط والرسم والزربية الأمازيغية، في تفاعل بصري بين التراث والحداثة.
وقد عرف المهرجان عرض 42 فيلمًا من مختلف الفئات، أعقب كل عرض منها نقاش مفتوح بين المخرجين والجمهور والباحثين، مما أضفى على المهرجان طابعًا تفاعليًا وثقافيًا عميقًا يعزز مكانة أكادير كعاصمة للفنون الأمازيغية المعاصرة.
هذا وأعلن المنظمون أن الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية سيتم الإعلان عنها يوم 17 أكتوبر الجاري بمناسبة الذكرى التاريخية لخطاب أجدير، بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، تحت إشراف لجنة تحكيم تضم الباحث إبراهيم حسناوي (رئيسًا)، إلى جانب نورة الأزرق وياسين هورتان ومصطفى صغير من مؤسسة IRCAM.
هكذا اختتمت دورة هذا العام وقد رسّخت مرة أخرى مكانة مهرجان إسني ن ورغ كأحد المنارات السينمائية التي تُعلي من قيمة الهوية الأمازيغية في بعدها الكوني، وتُعيد الاعتبار لصوت الصورة بوصفها لغة إنسانية مشتركة، قادرة على بناء جسور الحوار بين الشعوب والثقافات.
ففي كل دورة، يثبت المهرجان أن السينما الأمازيغية ليست مجرد تجربة محلية، بل مشروع فني وإنساني يتحدث بلسان العالم ويحتفي بالجذور والذاكرة والنور.
أكادير: إبراهيم فاضل

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News