وقاحة فلسطينيّة جديدة..متى ينتهي الوهم هنا وهناك
قالت العرب قديما: إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللّئيم تمرّد.
يبدو أنّ الإساءة إلى المقدّسات المغربيّة، باتت عقيدة ثابتة لدى بعض القيّادات الفلسطينيّة يمينا ويسارا. فكلّما ولغ أحدهم من بترول أو غاز الجزائر، ينطلق لسانه بكلّ وقاحة تجاه المغاربة. المغاربة الّذين مازال باب في القدس شاهد على معدنهم. المغاربة الّذين يساهمون بأكثر من 86٪ في الموارد الماليّة لوكالة بيت مال القدس الشّريف. المغاربة الّذين يقدّمون منحا دراسيّة للطّلبة الفلسطينيّين لا يستفيد منها حتّى أبناؤهم. المغاربة الّذين أعادوا بناء وتجهيز مستشفى القدس التخصصي في غزّة بعدما دمّرته إسرائيل. المغاربة الّذين تخرج جامعاتهم، ومدارسهم، وأحزابهم، وجمعيّاتهم، ومساجدهم للشّارع كلّما مسّت فلسطين. المغاربة الّذين يدرسون القضيّة الفلسطينيّة في مقرّراتهم الدّراسيّة ويمتحنون فيها…
هذا الالتزام الملموس بالقضيّة الفلسطينيّة لدى المغاربة، يقابله لؤم ووقاحة من بعض القيّادات الفلسطينيّة المسؤولة. ونباح أمين سرّ اللّجنة المركزيّة حركة فتح، ووزير الشّباب والرّيّاضة جبريل الرّجوب، كشف أوّلا عن مدى جهله الشّنيع بملفّ الأقاليم الجنوبيّة، ثمّ ازدواجيّة الخطاب الفلسطيني تجاه المملكة المغربيّة فيما يخصّ الوحدة التّرابيّة. جبريل الرجوب لن يكون الأوّل ولا الأخير. وقد سبقه كذلك خالد مشعل رئيس المكتب السّيّاسي لحركة المقاومة الاسلاميّة حماس. والسّفير الفلسطيني في الجزائر السّابق أمين مقبول، وحنان عشراوي وآخرين.
للمرّة المليون سأقول بأن عدالة معركتنا بالنّسبة لأقاليمنا الجنوبيّة، لا تقلّ قيمة عن القضيّة الفلسطينيّة. وأن رمال صحرائنا ليست أرخص من تراب القدس الشّريف. وأنّ دمائنا الّتي سالت من أجل التّحرير ليست أقلّ من الدّم الفلسطيني. ولست أفهم لماذا يريد بعض الحمقى من بني جلدتنا أن نكون مسيحيّين جدّا في التعامل مع لؤم بعض القيّادات الفلسطينيّة. بمعنى آخر أن نمدّ لهم خدّنا الأيسر كلّما صفعونا على خدّنا الأيمن. لست أفهم لماذا يثور بعض “المتناضلين” ضدّ “التّطبيع” ويؤسّسون لجانا لذلك في حين لا يحرّكون السّاكن عندما يتعلّق الأمر بإساءة الفلسطينيّين أو غيرهم لوحدتنا التّرابيّة. هل سمعتم يوما أن الإسلاميّين سواء العدالة والتّنميّة أو العدل والإحسان قد نظّموا مظاهرة أو نشاط ضدّ أيّ إساءة لوحدتنا التّرابيّة، أو تعريفا بقضيّة الصّحراء؟ هل سمعتم عن شبيباتهم تدافع أمام المنتظم الدّولي عن مبادرة الحكم الذّاتي؟ هل تتذكّرون كيف دافع النّهج الدّيمقراطي عن وحدة الأراضي الصّينيّة، وهاجم وحدتنا التّرابيّة؟
ربط موضوع الوحدة التّرابيّة للمملكة المغربيّة بالتّطبيع كلام فارغ. لأنّ هذه الإساءة تتكرّر منذ عقود. والمغرب يقول بدولة فلسطينيّة على حدود أراضي 1967، تماما كما تقول السّلطة الفلسطينيّة والّتي يعتبر جبريل الرجوب جزء منها. فكيف يقبل الرجوب تنسيقه الأمني مع الاسرائليّين ولا يقبل أن يتعامل المغرب مع جاليّته اليهوديّة المقيمة في إسرائيل؟ لماذا لم يهاجم عبد المجيد تبّون الّذي قال بدولة فلسطينيّة على حدود 67 وجلست مؤسسته العسكريّة جنبا إلى جنب مع إسرائيل؟ هل دنانير البيترول والغاز تخرس لهذه الدّرجة؟ لماذا لم يهاجم الرجوب المعتقل مروان البرغوثي الّذي يقول من داخل السّجون الإسرائيليّة بدولة فلسطينيّة على حدود 67؟ اسبانيا تحتلّ بعض ثغورنا مثل سبتة ومليليّة فهل طالب أيّ مغربي الفلسطينيّين بوقف التّعامل مع إسبانيا؟
“الجزاء من جنس العمل” كما تقول العرب. من يدعمنا ندعمه، ومن لا يدعمنا لا ندعمه. وقضيّة أقاليمنا الجنوبيّة وثغورنا المحتلّة أولى بأن تدرّس في مقرّراتنا التّعليميّة من أيّ قضيّة أخرى. ومصداقيّة أيّ تنظيم سيّاسي تستمدّ من دفاعه عن وحدة أراضيه بالدّرجة الأولى. نحن مطالبون بسلك كلّ السّبل لتحصين وحدتنا التّرابيّة أوّلا، وبالقيام بردّ الفعل تجاه أيّ تصريح وقح ثانيّا. لسنا مجبرين بأن ندعم ماديّا أو معنويّا أيّ جهة تسيء إلينا.
من سخريّة القدر أن إسرائيل تعترف بمغربيّة الصّحراء في هذه اللّحظات….
محمد بلعيش
بركان في 17 يوليو 2023
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News