وسائل التواصل الاجتماعي: هل تشكل خطرا؟ – الحلقة الثالثة
- بقلم: المكي بوسراو //
كل شيء سهل: فالولوج إلى حسابك يتم بنقرة خفيفة، كما أن الخروج لا يستدعي إلا نقرة واحدة. هكذا صار الفرد لا يبذل أي جهد في التفكير، فهو يظهر ويختفي كلما رغب في ذلك حسب مزاجه الشخصي. ماذا يعني هذا؟ إنه إعلان عن نهاية الابداع والمبادرة الحرة. فالنقرة تغتال التفكير، إذ أنها تختصر الطريق دون أن تدفعك إلى تأمل المشكل والبحث عن حل له. هكذا يألف الفرد تفادي التعامل مع المشاكل والوضعيات الصعبة ويفضل الانسحاب السهل والسريع. إن النقرة السحرية هي الحل، ولا حل أفضل منها بالنسبة للعقول المتكلسة، فهي تسمح لك بالتخلص من أي رأي أو شخص لا يفكر مثلك، كما تمنحك فرصة القضاء على كل المتشككين الذين يشوشون علي خمولك وراحتك. صار كل شيء في منتهى السهولة: الولوج، الانسحاب، التخلص، استبدال الحساب….إلخ. كل شيء في متناول الجميع: نقرة واحدة تكفي، إنها النقرة السحرية.
حرية بلا حدود: أمام شاشة الحاسوب أو الهاتف الخلوي انت حر، لا أحد يراقبك، لا أحد يعطيك الأوامر ولا أحد يمنعك. كل شيء متاح وفي متناول أصابعك: بإمكانك الولوج إلى أي موقع أو الخروج منه وقت ما تريد دون أخذ موافقة أحد ودون طلب إذن أحد. هي ذي الحرية التي يبحث عنها المراهق الذي يكون متمردا على السلطة في كل تجلياتها ويكره بشدة وعناد لغة الأوامر والنواهي. لذا يكون أقصى مبتغاه هو التخلص من ذلك والقطع مع عالم الموانع والإكراهات الذي يشكل في اعتقاده نقيضا للحرية،
فكل قانون هو بالضرورة ضد الحرية وهذا بالضبط هو ما يفسر الإقدام الكبير على الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعترف بأهليته وقيمته وتمنحه حرية بلا حدود: لأول مرة سيشعر بنفسه حرا لا يراقبه أحد ولا يتحكم فيه أحد. إنه سيد نفسه يختار المواقع التي يريد والأصدقاء الذين يريد والصور التي يريد، ينشر ويحذف ما يريد. إنها الحرية التي ما فتئ يحلم بها وينتظر قدومها، حرية لا مكان لها في الأسرة والمدرسة. هكذا يجد المراهق نفسه سيدا لا يرضخ لأي إملاءات. مع الانترنيت والهاتف النقال يرسل ويستقبل ما يريد إلى من يريد، يلعب اللعبة التي يريد، يختار المواضيع التي يرغب فيها ويتبادلها مع من يشاء. إنه عالم الحرية المطلقة التي تعني السعادة بالنسبة له.
لكن هل هي حرية حقيقية؟ بالنسبة للمراهق هي كذلك. لكن بالنسبة للكبار والمجتمع هي ليست كذلك، لاعتبارين: أولهما هو استحالة وجود حرية بلا قيود. ثانيهما هو أن الحرية مسؤولية أخلاقية. المكي بوسراو
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News