الثقافة

وداعًا صالح الباشا..رحيل صوت أمازيغي صداح بصوت الحب والأرض والأمازيغية

غيب الموت الفنان الأمازيغي الكبير صالح الباشا، أحد الأصوات الفنية الأصيلة في سوس، والذي طبع ذاكرة الأغنية الأمازيغية بأسلوبه المتميز، وصوته الدافئ، ورسائله الفنية التي كانت تحمل الهمّ الثقافي والاجتماعي للإنسان الأمازيغي البسيط، خصوصًا في القرى والجبال التي ظل وفيًا لها حتى آخر أيامه.

صوت النضال الثقافي

ولد صالح الباشا في منطقة حاحا بإقليم الصويرة، وتشرب منذ صغره الموسيقى الأمازيغية الأصيلة، رغم أنه كان له مسار ديني في بداية حياته كفقيه،  فصار بعدها  من رواد الأغنية الملتزمة بقضايا انسانية، الحب والأرض والثقافة واللغة الأمازيغتين، أغنيته، من شعره، لا تغازل الذوق السطحي، بل تخاطب العمق وتحمل رسائل اجتماعية وسياسية وإنسانية كان يغني بخنجرته وبقلبه، قلبه الكبير، الذي توقف مؤخرا عن خفقانه.

لم يكن فنانًا عابرًا، بل كان صوتًا للهوية، ومرآةً لوجع الناس وتطلعاتهم..كانت جرأته نبرسا لنضاله الفني أليس هو من دعا في أغنية مشهورة جلالة الملك للتحدث باللغة الأمازيغية ودعاه أيضا لتعليم إبنه والي عهده سيدي محمد اللغة الأمازيغية.

مسيرة فنية حافلة:

راكم الراحل تجربة فنية امتدت عبر عدة سنوات وخلالها اكتسح المهرجانات والساخة الفنية بحضور قوي وعفوي وفي بعض الأحيان ارتجالي، شارك خلالها في مهرجانات وملتقيات وأعراس ، وترك بصمة واضحة في الريبرتوار الأمازيغي، خاصة في الجوانب التي تمتح من الغرام وعشق الحياة والهوية الأمازيغية مما منحه نفسًا حداثيًا راقيًا. مزج في أعماله بين اللحن والكلمات العميقة، بين الشعر والغناء، وبين الحنين والموقف.

فنان ملتزم.. وإنسان متواضع

عرف عن صالح الباشا تواضعه الكبير، وابتعاده عن الأضواء الزائفة، فقد ظل قريبًا من جمهوره، ومن الناس البسطاء، وكان في كل لقاء فني يعبر عن قضايا اللغة والهوية والمواطنة الحقة. فنه لم يكن تجاريًا، بل رسالة حب وهوية.

رحيل في زمن الحاجة للفن الأصيل

رحل صالح الباشا في وقت يشتد فيه الخصاص للفن الملتزم، وللرموز التي تمثل الأصالة، وتمنح للثقافة الأمازيغية حضورًا نقيًا وراقيًا. إنه فقدان ليس فقط لفنان، بل لصوت ظل يصدح باسم الأرض والتاريخ والمقاومة الثقافية.

وداعًا أيها الباشا..

وداعًا أيها الفنان الإنسان، وداعًا أيها الصادق في كلمته، الجميل في صوته، الحاضر في ذاكرة جمهوره. ستبقى أغانيك رفيقة لنا، وسيرتك نبراسًا لكل من اختار الفن طريقًا للنضال والهوية.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى