الرأيالسياسة

هل يعود “العدالة والتنمية” من تحت الأنقاض؟

  • بقلم: حسن كرياط//

لم يكن المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية مجرد محطة تنظيمية روتينية، بل لحظة مفصلية في مسار حزب كاد أن يُمحى من الخريطة السياسية بعد هزيمته المدوية في انتخابات 2021. بعد أن قاد الحكومة لولايتين متتاليتين، سقط الحزب سقوطًا مدويًا لم يبق له سوى 13 مقعدًا، في مشهد فسره كثيرون بأنه نهاية طبيعية لتجربة فشلت في التوفيق بين المرجعية الإسلامية وممارسة السلطة داخل نظام مركزي مهيمن.

هل يعود "العدالة والتنمية" من تحت الأنقاض؟ - AgadirToday

لكن الحزب، خلافًا للتوقعات، لم يدفن رأسه في الرمال. عاد إلى قواعده، راجع أخطاءه، وقرر أن يعيد ترتيب صفوفه على مهل. انتخاب عبد الإله بنكيران مجددًا على رأس الحزب بعد الهزيمة، لم يكن مجرد عودة إلى الماضي، بل محاولة لاستعادة الروح القتالية والخطاب الأخلاقي الذي ميّز الحزب في صعوده الأول.

المثير أن الحزب لم يدخل في معارك كبرى مباشرة، بل اختار تكتيك “الاستنزاف الإيجابي”: معارضة هادئة، انخراط في القضايا المجتمعية الحساسة كمدونة الأسرة وفلسطين، حضور إعلامي محسوب، واستثمار في شبابه وقياداته المحلية. وكأنه يريد أن يقول: “نحن هنا، لم ننتهِ بعد.”

لكن رغم مظاهر التعافي، الحقيقة أن البيئة السياسية لم تعد نفسها. النظام أكثر إحكامًا، والثقة في صناديق الاقتراع أضعف، والتدخلات المالية والنفوذ السلطوي أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. هل يستطيع حزب خرج من رحم المعارضة أن يلعب قواعد اللعبة نفسها دون أن يتنازل عن هويته مرة أخرى؟

العدالة والتنمية أمام مفترق طرق جديد. إما أن يعيد تقديم نفسه كممثل فعلي لنبض الشارع مع البقاء في موقع متقدم في المعارضة، أو أن يغرق مجددًا في لعبة التوازنات التي سبق أن ابتلعته وأخرجته من الباب الخلفي.

السؤال اليوم ليس إن كان الحزب يتعافى، بل: هل يملك الشجاعة ليكون مختلفًا حقًا هذه المرة؟

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى