الرأيالسياسة

هل معارضة السيد بينكيران خيانة وطنيّة

“يقولون ب تازة قبل غزّة فهم خونة” وأضاف ” والذين يرفعون شعار ( كلنا إسرائيليون) فيجب محاسبتهم ومحاكمتهم عوض محاكمة بعض الصحفيين الصغار القائلين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

هذا التحديد الفاصل بين الوطني والخائن الصادر عن زعيم حزب العدالة والتنمية السيد عبد الله بينكيران والذي اعتمد فيه على موقف الفرد / الجماعة من أحداث غزة بفلسطين..

وهو مقياس جديد لمفهومي الوطنية والخيانة المختلف وبشكل جدريّ مع كل المعايير والتعريفات التي دأبت كل الأمم والشعوب السير على نهجها من أجل صيانة الوطن أوّلاً والدفاع عنه أوّلاً.. والتمسك به أوّلاً.. والإستثمار في تنميته أوّلاً..

لذلك لم يسجل التاريخ عن أمة أو دولة اوشعب قدّمت قضية / صراعاً ما على وطنها وقضاياه..وبهذا المعنى فهمناه ما جاء في الخطاب السامي لجلالته بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء :

“ ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا، وإما ان يكون خائنا ”

فالخيانة هنا ذات الصلة بالمغرب وأرض المغرب وحدوده.. أما غزّة والقضية الفلسطينية في شموليتها فهو موقف يتم تصريفه حسب القناعات الشخصية والحزبية كما في حالة السيد بينكيران الذي سمح لنفسه ان يوزع صكوك الوطنية على من يشاطره موقفه… وأن يخوّن بشكل سافر كل معارضيه..

وفي هذا السلوك – للأسف – الكثير من الإرهاب الفكري لوجهات نظر أخرى تقرأ الصراع هناك في الشرق الأوسط بعيون وزوايا أخرى بعيدة عن خندقته ضمن الهويات الدينية كما هو موقف الحركات الإخوانية العالمية أو الأممية الشيعية بقيادة ولاية الفقيه..

بعيداً عن منطق التفاضل بين تازة وغزة.. فهذا هو الاختلاف الجوهري مع تيّارات الإسلام السّياسي، وهذا لن يكون مبررا لتبخيس المقاومة التي ترفعها حماس أو الجهاد في فلسطين أو أي فصيل آخر هناك اليوم.. لكن نرفض تبخيس ما قام القائد الراحل ياسر عرفات باحثاً لشعبه عن مكان تحت الشمس..وكان اليسار المغربي جنبا إلى جنب مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني كما جاء في بيان قمة الرباط 74..

كانت الأحزاب الوطنية المغربية هي من بادرت إلى تأسيس الجمعية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني أقدمها على الإطلاق.. ولم تخوّن أحداً
والشهيد عمر بنجلون العقل الأممي الذي أرسى وسط مناضلي حزب القوات الشعبية فعلاً وفكرا تبنّى القضية الفلسطينية كقضية تصفية استعمار توجّست فيه أعين الصهيونية آنذاك.. دون أن نملك إلاّ منفذ واداة الجريمة المغرقة في ظلاميتها إلى اليوم وهم يطالبون بمحاكمة من يعارضهم الرأي أو الموقف..

إننا مع القضية العادلة للشعب الفلسطيني، ومع الحل السياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ولان التناقض اليوم مع الكيان الصهيوني ففلسطين حرة مستقلة تحكمها حماس أحب إلي من فلسطين محتلة يعرب فيها الصهاينة ويصولون مؤكداً على أن هذا الموقف لا يتعارض إطلاقاً مع أسبقيّة تازة على غزّة..

لكنّه يتعارض وبشكل مطلق ضد استغلال القضية الفلسطينية لاغراض ايدلوجية توسعية لإضفاء الشرعية والمشروعية على استبداده نظام وإرهابه لشعوب المنطقة كما هو حال إيران اليوم وميليشياتها في لبنان وسوريا – سابقا – والعراق واليمن .

هذا الموقف يعارض أيضا هذا الايديولوجيات التي تستغل القضية الفلسطينية كذريعة لتفتيت الدولة الوطنية خدمة لمشروع الخلافة..

وتبقى فلسطين قضية كل أحرار العالم فوق الانتماء العرقي أو الهوياتي الديني وغيره..

وتبقى في الحاجة إلى دول وشعوب قوية ومتقدمة في جميع المجالات..

كما هو حال بلدنا الذي انتبه بشكل ذكي إلى الهشاشة الداخلية بداية العهد الجديد.. تازة نموذجا
نفس المدينة اليوم بعد ربع قرن تناصر وبقوة غزة وفلسطين بشكل عام.

هي اليوم تازة وغزة.. دون أن نصادر حق الإختلاف لدى الآخرين حد التخوين..

فلا أحد يملك في هذا البلد حق الوصاية علينا غير السقف الدستوري للمملكة

وانتهى الكلام..

يوسف غريب كاتب صحفي

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى