السياسة

هل صار الإسلاميون المغاربة في خدمة أهداف الصهيونية؟

كتب الصحفي المغربي محمد سعلي،  هل صار الإسلاميون المغاربة يخدمون أهداف الصهيونية؟

هتف الآلاف من المتظاهرين، الذين خرجوا أول أمس في مدينة الرباط دعمًا لحركة حماس، بشعاراتٍ ضدّ السيّد أندري أزولاي، لا لشيءٍ سوى لأنه يهوديّ، في تهجّم يُعدّ رسالة إلى المكوّن اليهودي المغربي بأكمله.

وفي السياق ذاته، أذاعت منابر عبرية مؤخرًا خبرًا عن انخفاض عدد اليهود من أصل مغربي الذين يزورون البلاد للاحتفال بمناسبات “الهيلولة” والحجّ إلى أضرحة الأولياء المنتشرة في مناطق مختلفة من المغرب.

وقد تلقّفت المنابر الإسلاموية المغربية هذا الخبر وراحت تُضخّمه بابتهاج، على اعتبار أن هذا الانخفاض مردّه إلى المظاهرات التي تتضمن مظاهر معادية للسامية، وهو ما يجعل المغرب يبدو زورًا كبلد “خطير على اليهود”.

أتخيّل أن الآباء المؤسسين للصهيونية سعداء جدًّا في قبورهم بهذا “الإنجاز” الإسلاموي، سواء ما يرتبط بحجّاج “الهيلولة” او التهجُّم على السيد أزولاي، السُّلوك الذي لم يتبرأ منه أيُّ أحدٍ من المشاركين أو يعتبرَه انفلاتاً غير مرغوب فيه.

أنا أعتبر أن الإيديولوجية الصهيونية شأن يهوديّ خالص، كأيّ فكرٍ قوميّ آخر، لكن من حقي أن أطرح سؤالًا، طالما أن الإسلاميين يقولون إنهم يعملون على تفكيك الصهيونية وتطبيقاتها العملية:

هل مضايقة اليهود المغاربة، ومنعهم من زيارة بلدهم، وقطع صِلتهم بذاكرة الأجداد، سلوك يخدم تفكيك الصهيونية، أم يعزّز تطبيقها العملي؟

إنّ أسوأ سيناريو كان يمكن أن يتصوّره الرعيل الأول من الساسة الصهيونيين هو فشل تهجير اليهود إلى أورشليم وأكنافها، أو حدوث هجرة عكسية لليهود من أرض إسرائيل إلى الشتات.

وفي سياق تأسيس الدولة في إسرائيل وعلاقته بالمغرب، أتخيّل أن الصهيونيين الأوائل كانوا يتطلّعون إلى نقل كلّ المزارات اليهودية إلى إسرائيل، حتى لا يعود يهوديّ واحد ليرتبط بـ”الملاح” في الرباط أو الدار البيضاء أو غيرهما.

عندما يعمل الإسلاميون على خلق شرخٍ مع نحو مليون يهودي مغربي، فإنهم بذلك يدافعون باستماتة عن جوهر الصهيونية، عبر ترسيخ فكرة أن لا وطن لهؤلاء إلا إسرائيل، بما يتطلّبه ذلك من احترازات وجودية صارمة هناك، لا هنا.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى