نوستالجيا ورزازات..
- بقلم عبد الرحمان بلعياشي//
يوم حزين عشته بعد زوال ذلك الأحد الذي صادفت زيارتي مدينة ورزازات إجراء مباراة في كرة القدم جمعت بين الفريق المحلي النادي البلدي ورزازات وفريق رجاء دمنات برسم الاسبوع الثالث للقسم الوطني الثاني هواة. يوم حزين ومؤلم بالنسبة إلي، لا بسبب نتيجة المباراة، التي آلت إلى الزوار بهدفين مقابل هدف واحد، أو بسبب أداء اللاعبين على رقعة الملعب، لكنني حزين بسبب الملعب نفسه. لا شيء تغير تقريبا منذ أن غادرت المدينة بعدما حصلت على شهادة الباكالوريا عام 1985. صحيح أنني أتردد على المدينة كثيرا عندما أزور تمازيرت إينو أثناء العطل الدراسية أو في مناسبات أخرى، لكن قدماي لم تطأ أورتي نومغار، هكذا كان يسمى وهكذا عرفنا الملعب البلدي منذ ما يقارب أربعين سنة. لهذا حزنت، وحزنت أكثر عندما رأيت بأم عيناي أن التغييرين الوحيدين الذين تحققا في هذه المدة الطويلة هما وضع العشب الإصطناعي ومدرج صغير تم بناؤه على مستوى وسط الملعب، لست أدري بأية مواصفات.
ما عدا هذين الإنجازين، إن صحت تسميتها كذلك، لا شيء آخر يذكر. السور الخارجي هو نفسه، ربما بتغيير طفيف في واجهتيه الغربية المحاديتين لدوار سيدي داود، وآخر طيني من التابوت من جهة الشرق، المطلة على الجنان التي تحتل مقدمة المصب المؤدي إلى سد المنصور الذهبي. أما غرفة الملابس فلم يطرأ عليها أي تغيير يذكر، فهي جاثمة في مكانها عند المدخل الرئيسي للملعب وتستظل بنفس أشجار الأربعين سنة الماضية، تشرف على مدرجات متآكلة توجد خلف مرمى الحارس، يفصل بينهما سياج سلكي مشبك يحيط بأرضية الملعب كلها، بل وتدهورت حالة المدرج الذي يوجد على زاوية الملعب الغربية حيث كنت أتابع مقابلات أولمبيك ورزازات في البداية واتحاد ورزازات بعد ذلك خلال سنوات الثمانينيات من القرن الماضي.
عند نهاية الشوط الأول سألت حراس الأمن عن المراحيض وتبين أن الملعب لا يتوفر عليها أو هي موجودة في أسفل المدرج الإسمنتي الصغير ولا يمكن الولوج إليها لأن القائمين على الملعب وضعوا حواجز حديدية لتفادي دخول الجمهور القليل الى ما قد نسميه تجاوزا المنصة الشرفية، وهي خاوية إلا من بعض الكراسي الخشبية يجلس عليها بعض مسؤولي الفريقين وربما بعض المحظوظين المقربين، علما أن الدخول مجاني، على الأقل ذلك اليوم. لهذا اضطررت كباقي الحاضرين لمغادرة الملعب البلدي لقضاء حوائجنا في المقاهي المجاورة مقابل بعض الدراهم.
أربعون سنة والملعب البلدي على حاله. سافرت كثيراً عبر التراب الوطني ورأيت أن بعض المدن والبلدات التي تقل إمكانياتها عن إمكانيات ورزازات، تتوفر على ملعب بلدي محترم تتوفر فيه أدنى الشروط ليس فقط من حيث أرضية الملعب، بل أيضا من حيث المدرجات وباقي المرافق بما فيها المرافق الصحية. رأيت ملاعب بمدرجات ليست كبيرة، لكنها تتسع للجمهور المحلي وتوفر له بعض شروط مشاهدة وتتبع مقابلات فريقه المحلي. كما أن الأرضية التي شيد عليها الملعب يسهل تهييئ أرضية بعشب طبيعي، ذلك أنها، أي الأرضية، توجد في مقدمة مصب الوادي في سد المنصور الذهبي، دليل ذلك كون الأراضي الممتدة من الملعب نحو الوادي والسد كلها فلاحية وتعتمد السقي باستعمال المياه الجارية أو الجوفية، وأعتقد أنها قريبة ومتوفرة بحكم ثقافتي البدوية المتواضعة. أعتقد وبدون مبالغة أن أربعين سنة كافية لتشييد العشرات من الملاعب البلدية. ورزازات تستحق أفضل.
حملتني المقابلة والأجواء الساخنة والصاخبة التي خلقها مشجعو وجمهور الفريق المحلي، إلى سنوات خلت عندما كنت أتابع دراستي في إعدادية سيدي داود. كنت أتردد رفقة اصدقائي الجدد على ملعب أورتي نومغار كل أحد لمشاهدة مباريات إحدى الفرق المحلية ضد فرق أخرى قادمة من مختلف مناطق الجنوب الشرقي. ما زلت أتذكر فرقة الزويت ولاصونطي أو الصحة وفرقة التعليم. غير أنني أجد ذاتي وأنا أشجع أولمبيك ورزازات التي تمثل باسمها كل ساكنة الإقليم، في حين أن الفرق الأخرى لا تمثل إلا حيها وهذا حال الزويت، أو القطاع الذي تنتمي إليه وهذا حال فريق الصحة والتعليم. ما زاد من تعلقي بالفريق وهو يلعب آنذاك في القسم الوطني الثالث هو أنني اعرف معظم اللاعبين، وهم ينحدرون من مختلف أحياء المدينة الصغيرة حيث الكل يعرف الكل. وما تزال ذاكرتي تحتفظ بأسماء بعضهم مثل الحارس العملاق بنور وبوزو وحسن اليعقوبي وبعلي وغيرهم.
وكانت مباريات أولمبيك ورزازات تتسم بالندية والقتالية على أرضية ترابية صلبة تقتضي توخي الحيطة والحذر من كل انزلاق أو وقوع مفاجىء جراء اصطدام عنيف أو احتكاك قوي بلاعبي الفريق الخصم. كانت اصعب المقابلات تلك التي تضع وجها لوجه الفرق الأربعة المحلية، وأيضا ضد فرق تنغير وقلعة مگونة وإيميني، الذي كانت تحتضنه شركة صاصيم التي تستخرج معدن المنغنير في منطقة إيمينى والمناطق المجاورة. كان دخول الملعب بالمقابل ولم نكن نتوفر دائما على النقود الكافية لاقتناء تذاكر الدخول إلى الملعب البلدي، وكنا ننتظر وصول الحاج أداد رحمه الله، وهو من أقوى المشجعين والداعمين للفريق وكان أمينا لجزاري ورزازات.
نترقب وصول سيارته وهي عبارة عن فورگونيت بيضاء ذات صوت خاص نميزه عن بعد، وكان يشتري لنا التذاكر ويتوسطنا في ذلك المدرج الجانبي الذي رأيته تلك الظهيرة مع الأسف متآكلا، وكنا نردد كلمات وشعارات لم أكن دائما أعي معناها ومغزاها لكنها كانت كافية لإذكاء الحماس في اللاعبين وفي الجمهور. كنا نشجع بالوسائل المتاحة من صراخ وهتاف وصفير وعلى البنادير ولم نكن بذلك نتابع جميع أطوار المقابلة. وعندما صعد الفريق إلى القسم الثاني تغير إسمه إلى اتحاد ورزازات، وأصبح يستقبل فرقا جديدة قادمة من مناطق مختلفة من المغرب، هكذا تعرفنا على فرق جديدة مثل مولودية مراكش وفرقا من سوس ومن مراكش ومن مناطق أخرى. وطعم الفريق صفوفه بلاعبين جدد أكثر قدرة على التنافسية. وأكثر ما أعجبني هو إقحام لاعبين أعرفها جيدا كونهما من تمازيرت إينو، وهما كازي حسن كمهاجم أيمن وأخيه الأصغر كازي حميد كحارس رئيسي للفريق. وشعرت بذلك ان فريق اتحاد ورزازات يمثلني أكثر من ذي قبل. كنت فخورا بهذه التمثيلية.
نقرأ في موسوعة ويكيبيديا أن “ورزازات هي مدينة سياحية مغربية بجهة درعة تافيلالت، وتبعد عن مدينة مراكش بحوالي 200 كلم، وعن مدينة الرشيدية بحوالي 295 كلم. يحدها شمالا الجماعة القروية لغسات، وشرقا الجماعة القروية لادلسان، وجنوبا الجماعة القروية لتارميكت، وغربا الجماعة القروية لأيت زينب”. كما نقرأ في الموقع الرسمي لجماعة ورزازات: ” عرفت مدينة ورزازات في القديم باسم ”تمغززت“ وبعد اختيار موقعها ليكون مقرا إداريا للإقليم، أطلق عليها اسم ”ورزازات“، هذا الاسم الذي يستمد أصله من اندماج كلمتين أمازيغيتين هما ”وار“ بمعنى بدون و”زازات“ بمعنى الضجيج”.
وهي فعلا مدينة هادئة جدا وإيقاع الزمن فيها بطيء جدا أيضا. ويعتقد أن المدينة تأسست في عشرينيات القرن الماضي وكانت في بدايتها منطقة عبور نحو المناطق المجاورة لها سواء في اتجاه اگدز وزاگورة عبر واحة نخيل مترامية في الكتبان الرملية تعتبر ربما الأطول على الصعيد الإفريقي بطول يفوق 90 كيلومتر، أما وادي درعة الشهير فيواصل مسيره ليصب في شواطى المحيط الأطلسي في الصحراء المغربية. أو في اتجاه سكورة بومالن وقلعة مگونة فتنغير، أو ما يسمى طريق ألف قصبة وقصبة، كونه يعج بالقصبات والقصور والديار المشيدة بالطريقة التقليدية، قبل العبورنحو الراشدية وكل مناطق الجنوب الشرقي، أو في اتجاه آيت زينب مرورا بتابوراحت التي تتفرع عنها الطريق المؤدية إلى قصر آيت بن حدو الشهير التى توجد في نهاية وادي أونيلا الذي يصعد بك إلى منبعه بجماعة تلوات بقصبتها الشامخة التي تعتبر إحدى رموز الگلاوي، من هنا تسمية الگلاوة الجنوبية للتعبير عن النفوذ الترابي للكلاوي.
أما آيت زينب فتضعك على طريقين مفصليين، الاول يقود نحو تازناخت في اتجاه سوس الكبير مرورا بتالوين المعروفة بزراعة الزعفران فأولوز وأولاد برحيل ثم تارودانت، لينتهي بك المسير إلى اكادير، أما الثاني فيقود نحو وادي إيمني وبعده وادي تزگي نوزاليم الذي ينتهي في مركز اگويم، وهو مركز مهم يتفرع عنه مسلكين، الأول في اتجاه تامسطينت وتديلي ومنه تصل إلى أربعاء أمسوزرت، الذي يؤدي إلى بحيرة إفني الشهيرة، ومن أربعاء أمسوزرت تميل يسارا وتواصل عبر طريق ملتوية ذات منعرجات لا متناهية صعودا ونزولا إلى أن تصل إلى أولوز، لتأخذ طريقك نحو تارودانت واكادير. أما الطريق الثانية انطلاقاً من اكويم هي نفسها الطريق الوطنية القادمة من ورزازات ورقمها 9 وتربطها بمراكش، مرورا بإغرم نوگدال وأگلموس وتتوقف قليلا بتيزي نتيشكا على ارتفاع يفوق 2000 متر، وتواصل لتنزل منعرجاته إلى أن تصل إلى تدارت السفلى وتدارت العليا فتازلياضا وتغدوين وزرقطن وتوفليحت، وتنزل إلى مركز التوامى الذي ينهي المنعرجات وتصل إلى أزغار أو المنبسط بدأ بأيت أورير فمراكش المدينة.
غير أن مدينة ورزازات تخلت عن كونها منطقة عبور اعتبارا من ثمانينات القرن الماضي، وأصبحت قطبا سياحيا مهما عندما تحولت إلى هوليود المغرب وأفريقيا، لما تزخر به من مؤهلات طبيعية من جبال وواحات ووديان وتلال ورمال وغيرها، ومن مؤهلات عمرانية وأثرية مثل القصبات وأشهرها قصبة تاوريرت وقصبة تيفولتوت وقصبتي تلوات وأيت بنحدو التي صنفتها اليونسكو ضمن الثرات اللامادي مند 1987، ومؤهلات أخرى على صعيد البنى التحتية من استوديوهات التصوير، وهي الآن تزيد ربما عن ثلاثة، وأقدمها هو استوديو الاطلس وقد تم تشييده في ثمانينيات القرن الماضي، إضافة إلى معرض ومتحف ومعهد سينمائي وكلية ومطار دولي أصبح في الآونة الأخيرة يستقبل رحلات ذات التسعيرة المخفضة وشبكة فنادق مصنفة وأخرى شعبية واقتصادية لا بأس بها، رغم أن التقطيع الجهوي لم ينصفها في المرة الأولى عندما ألحقت بجهة سوس درعة، أو في المرة الثانية عندما ألحقت بجهة درعة تافيلالت.
من كبر في هذه المدينة يدرك جيدا أن ورزازات لها ارتباط وطيد بمراكش. كل هذه المؤهلات جعلت منها فضاء سينمائيا عالمياً لتصوير افلام يصعب حصر لائحتها بالكامل هنا. وأصبحت بذلك المدينة قبلة لأكبر وأشهر المنتجين السينمائين العالميين لتصوير افلام عالمية نالت جوائز دولية رفيعة من قبيل الأوسكار وغيرها. صناعة سينمائية خلقت مناصب شغل من نوع آخر وأكيد أنها تدر على خزينة المدينة إيرادات مالية مهمة يجب أن يكون لها الأثر على المدينة وساكنتها. بل وظهرت مهن موازية مرتبطة بالقطاع السينمائي وانتعشت مهن أخرى. ويعود تصوير أول فيلم بفضاءات المدينة إلى نهاية القرن التاسع عشر “بفيلم “راعي الماعز المغربي” عام 1897، ثم فيلم “موروكو” عام 1930، و”عطيل” 1949، ثم توالت الأعمال السينمائية الأكثر شهرة على رأسها “الرجل الذي يعرف أكثر” عام 1955 لجيمس ستيوارت، و”لورانس العرب” 1962 لعمر الشريف، و”باتون” عام 1970 لجورج سي سكوت.
وهنالك أيضا فيلم “الرجل الذي سيصبح ملكا” 1975 لشين كونري، و”جوهرة النيل” عام 1985 لمايكل دوغلاس، وفيلم “وندون” للمخرج الأميركى مارتن سكورسيزي. كما شهدت المدينة صناعة أفلام عالمية أخرى كفيلم “المومياء”، والذي لعب بطولته الممثل الكندي برندان فريزر عام 1999. وكذلك فيلم “المصارع”، والذي قام ببطولته الممثل النيوزيلندي راسل كرو عام 2000، وفيلم “عودة المومياء” عام 2001، و”لعبة تجسس” لروبرت ريدفورد وبراد بيت سنة 2001، و”مباشر من بغداد” لمايكل كيتون 2002، و”هيدالغو” لعمر الشريف 2004، و”الإسكندر” لكولن فاريل وأنجلينا جولي 2004، و”مملكة الجنة” لأورلاندو بلوم وإيفا غرين وخالد النبوي 2005، وغيرها من الأعمال السينمائية.” (موقع الجزيرة نيت).
تنضاف إلى هذه القائمة المختصرة إنتاجات وطنية بالعربية والأمازيغية من أفلام طويلة وقصيرة ومسلسلات، وإنتاجات عربية أصبحت تصور أعمالها في فضاءات المدينة سواء داخل الاستديوهات المجهزة بكل ما تحتاجه هذه الإنتاجات أو في الفضاءات الخارجية التي تتلاءم وطبيعة الأعمال المصورة، منها على الخصوص قصر أيت بنحدو. وقد عادت بي ذاكرتي إلى تلك الفترة الذهبية حيث كنا نذهب كل أحد وسط ازدحام رهيب لعشاق الفن السابع لاقتناء التذاكر لمشاهدة الافلام المتنوعة التي تتم برمجتها في قاعتي سينما الصحراء وسينما الاطلس، وهما الآن ومنذ فترة طويلة مغلقتين، لتبقى هوليود المغرب وأفريقيا بدون قاعة سينمائية. وكانت كل الملصقات التي تظهر عليها بعض لقطات الأفلام المعروضة تحمل تأشيرة المركز السينمائي المغربي ولم نكن بعد نعرف أهمية هذه التأشيرة ولا دور هذه المؤسسة في تدبير السياسية السينمائية بالمغرب. كنا نتدبر سعر التذكرة وكان على ما أذكر درهمين وسبعون سنتيم. وهذه الافلام كانت بداية انفتاح مخيلتي على عوالم عجيبة وعجائبية وكنت مع بقية اصدقائي نتفاعل معها كما لو كنا طرفا فيها.
هكذا تفتحت أمام خيالي و مخيلتي الصغيرة آفاقا واسعة، فبدأت أحلم أحلاما كبيرة ومستحيلة، وأصبحت مخيلتي مشتلا لأفكار لا حدود لها، بوجود سينما الأطلس والصحراء التي كانتا تسهلان لي العبور بسلاسة نحو عالم الخيال، في سفر فني يتسم بتشويق يفرضه كل لون سينيمائي من أفلام هندية ذات إحساس رقيق بأغانيها ورقصاتها العجيبة والمثيرة وموضوعاتها التي تلائم العصر وتفكير الشباب الذي كانه جيلا كاملا، وبقيت صورة الفنان الهندي الشهير شاروخان راسخة للأبد في أذهان أجيال كاملة، بل وكان القدوة والنموذج وكنا نتعاطف معه في كل ما يقبل عليه في أفلامه من مبادرات وأفعال وممارسات وردود أفعال. وكنا ننتظر جميعا تلك الفقرات الفنية الغنائية الاستعراضية التي يتغنى بها البطل ليستميل حبيبته أو لنبد الظلم والمطالبة بتحقيق العدالة. وكانت الاشعار التي يتغنى بها مليئة بالمشاعر وبالرسائل، وكنا تلتقطها بسهولة دون النظر إلى الدبلجة إذ كنا نعيش مع الأبطال قلبا وقالباً كما لو كنا طرفا في الفيلم.
وكانت أفلام فنون الحرب تستهويني كما كل أجيال تلك الفترة، وكنا نسميهما التاريخ والجغرافيا، نكاية عن الأفلام الهندية وفنون الحرب. فتعرفنا على بروسلي وجاكي شان وجيم كيلي، وبالموازاة كنا نتابع بحماس منقطع النظير أفلام الكوبوي أو الويستيرن أو رعاة البقر، بشخصياتها الفريدة من أمثال جون واين وشارل برونصون وكلينت إستويد وكيرك دوگلاص وستيف ماكوين وغيرهم، وأفلام المغامرات التي تعلمك الشجاعة ومحاربة الخوف والتضحية من أجل أن ينتصر الخير على الشر بممثلين عالميين مرموقين مثل مايكل دوكلاص وهاريسون فورد وريشار گير وميل جيبصون وأرنولد شفارزنيغر وسيلفيستر ستالوني وتشين بين والثنائي الرهيب طراڤولطا وبيد سبينسير وآل باتشينو وروبير دي نيرو، والعميل 007 أو جيمس بوند الذي يؤديه ببراعة الممثل البريطاني شين كونري وطوم كروز بطل كل المهمات الصعبة والمستحيلة، وهي تلخص في مجملها أيضا الحلم الأمريكي. ولم نفوت بالطبع أفلام الحب العذري التي كانت تستهوينا بحكم عبورنا لفترة المراهقة. كما لا يجب أن ننسى استمتاعنا بنجوم السينما الفرنسية من قبيل ألان دولون وكاترين دو نوف ولوي دو فوانيس وجان فوندا ولويس فيرنانديث وجيغاغ دي باغديو ودون فيتو الإيطالي الأصل وغيرهم ممن كانت لهم بصمة جميلة على تربية ذوق أجيال بكاملها.
إضافة إلى اكتشافنا للعصر الذهبي للسينما المصرية عبر عباقرة الشاشة الكبرى من قبيل فريد شوقي ومحمود المليجي وصلاح ذو الفقار وعزة العلايلي وليلى طاهر وأمينة رزق وفاتن حمامة و فردوس عبدالحميد وليلى علوي وأنعام سالوسة ونادية الجندي وبوسي وعبلة كامل وعادية رياض وإسماعيل ياسين وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي ورشدي أباضة والكوميدي حسن حسني ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز وأحمد زكي ويحيى الفخراني وصلاح قابيل وأحمد بدير وجمال إسماعيل وسهير البابلي ونجاح الموجي والمنتصر بالله ووحيد سيف وبدرية سوسن وميرفيت أمين وإسعاد يونس ويسرا وعادل أدهم والرهيب عادل إمام ويونس شلبي وصلاح السعداوي ويوسف شعبان وأحمد وحسين فهمي وسمير غانم وأحمد راتب وهشام سليم وفاروق الفيشاوي وهشام عبدالحميد وجميل راتب والنابلسي وإلهام شاهين وبوسي وسهير رمزي وسناء يونس وعمر الحريري والقائمة طويلة بالطبع. وبدأنا أيضا نشاهد بعض الأعمال السينمائية المغربية وتعرفنا على سهيل بن بركة، وبقيت راسخة في ذهني عناوين مثل تلاغنجا ووشمة وحلاق درب الفقراء والبحث عن زوج امرأتي وحب في الدارالبيضاء، الذي أثار ضجة بجرأة منى فتو، الفنانة المغمورة التي كانت آنذاك في بداية مشوارها الفني.
ومما كان يثير دهشتنا عندما نشاهد بعض هذه الافلام الغربية، هو تعرفنا على بعض أماكن التصوير حيث كانت ورزازات ونواحيها مسرحا لها وهذا ما كان يزيد من شوقنا لمتابعة الفيلم ومشاهدته إلى الأخير. وكنت شاهدا على بعض المشاهد والمقاطع التي كانت تصور أمام قصبة تاوريرت ومحيطها، وكنا نحن التلاميذ نتجول عند خروجنا في المساء من ثانوية ولي العهد وسط ديكورات من الخشب أو القصب المطلي بالطين المختلط بالتبن، كانت تنصبها شركات التصوير العالمية بالاعتماد على اليد العاملة المحلية، بل وكنا نتفرج على هذه النجوم التي لم أكن شخصيا أعرفها بعد، وهي تعمل بروفات قبل التصوير. وكانت هذه الديكورات تقحمني في عالم كله خيال وأحلام. وأتذكر تحديدا تصوير فيلم سقوط بغداد بديكوراته الشرقية التي تذكرنا بمجد حضارة قد ولت وخلت واندثرت.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News