الثقافة

 نفحة من تاريخ ليبيا.. 

  • بقلم ذ. محمد شنيب//

1

ليبيا هذا الأسم التاريخي القديم كان متجليآ ومعروفآ قبل أن يعرفه الغزوالعربي  الإسلامي من قاطني الجزىرة العربية بقيادة الأمويين. فمن هم سكانها وما هو أصلهم…وبالطبع وبهذا التسلسل المنطقي قبل أن يتعلم الليبيين  ويتاثروا وليصبح هذا النمط المتخلف العربي الأسلامي مفروضا بقوة السيف والذي سمى فتحآ إسلاميآ ولينسيهم تاريخهم وينسيهم ذاكرتهم التاريخيه ليتغنوا بالغزوات الهمجية وليمجدوا أبطالها وليتنكروا لإبطالهم الحقيقين من أمثال ” قائدهم “أكسل” وملكتهم “كهنا ديهيا” …ومن هنا ثم تأثروليس فقط الليبيون وحدهم بل كل الشعوب التي تم غزوها بالثقافة العربية فيما يسمى الآن بالشرق الأوسط والشمال الأفريقي     لاحقآ في تاريخهم مما أدى إلى طريقة قرائتهم الخاطئه للتاريخ, هذه الطريقة المعروفة لدينا الآن..

وعندما نأخذ في الإعتبار تاريخنا الحديث ولنقل منذ نهايات عصر الدولة العثمانية أو مايسمى الخلافة العثمانية وليبيا الحديثة ,سنجد أن التاريخ الذي كتب بشكل بعيد كل البعد ولا يعكس الواقع التاريخي ذلك الذي مر على هذه البلاد. هذا الأمر الذي يتطلب منا نحن الليبيون اليوم

إعادة قرائتنا لتاريخنا ومن تم إعادة كتابته ونشره للأجيال القادمة حتى يتمكنوا من معرفة الحقائق التي حذفت وزورت وإستبدلت بتزوير صارخ..

2

فليبيا هي أرض شمال أفريقية وكان هذا الإسم قد تم إطلاقه على الأرض الممتدة من شرق ليبيا اليوم وذلك من واحة “سيوة” الواقعة في الجنوب الغربي اليوم لجمهورية مصر إلى المشارف الغربية

المطلة على “المحيط الأطلسي”أي ما يسمى المغرب الأقصى .وكانت معروفة أيضآ بأرض “تامزغا” وذلك لتواجد البطون الأمازيغية المختلفة على ربوعها في الشمال الأفريقي…وكانت تملك أطول ساحل مقابل جنوب القارة الأوروبية.

ووفد إلى ليبيا بعض البحارة والتجار” الفينيقيين” * وآثارهم مازالت موجودة في مدينة “صبراتة” القريبة من مدينة “طرابلس” عاصمة ليبيا اليوم ومسرح “قرطاج” القريب من مدينة “تونس” العاصمة….

وجاء بعدهم وبالذات إلى مايعرف ليبيا اليوم وبالذات الشرق الليبي الوافدون الإغريق أو اليونان وما يشهد عليهم من آثار مازالت قائمة في الجبل الأخضر في شرق ليبيا ظاهرة في مدينة “شحات” أي “قورينة” و “سوسة” وما لعبه فلاسفة “شحات” ومنهم بالذات الفيلسوف القوريني “أريستبوس القوريني” الذي عاش بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد كما ذكر في كتاب “الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغي القديمة” الطبعة الثانية  في 2010 ص 59 للمؤلف الأستاذ  المغربي “عبدالسلام بن ميس”.

وجاء بعد الإغريق الرومان وبالذات في غرب ليبيا اليوم تتجلى آثارهم في الغرب الليبي اليوم في عدة مدن تاريخية منها “مدينة لبدة” التي جاء منها إمبراطور روما الليبي الإمبراطور “سيبتيموس سافيروس”.

 نفحة من تاريخ ليبيا..  - AgadirToday

3

الذي غزا الجزر البريطانبة كإمبراطور “روما”ومات في مدينة “يورك” في شمال “إنغلترا”

وجثمانه مازال بها حتى الآن بعد رفض الديكتاتور القذافي إحضار جثمانه إلى ليبيا لإعتباره له بأنه ليس ليبيا بل رومانيآ.

وجاء من بعد الرومان “الوندال” شعوب وسط أوروبا الهمحيين وإستقروا في الشمال الأفريقي ما يقرب القرن ولم يخلفوا من آثارهم ما ينم على وجود آثار حضارية لهم تتذكرها الأجيال التي أعقبتهم تاريخيآ      وذلك لإنهم لم يكونوا لا أهل حضارة ولا ثقافة عكس مافعل الوافدين الذين سبقوهم مثل الإغريق والرومان والتي أثارهم مازالت قائمة حتى اليوم.

ورجعت الإمبراطورية الرومانية من بعدهم في وجهها الجديد والمعروف بالأمبراطورية “البيزنطية” أو الرومانية الشرقية.وكانت هذه الإمبراطورية إمتداد طبيعي للأمبراطورية الرومانية السابقة. وكانت الإمبراطورية “البيزنطية” تتخد من مدينة ” إسطنبول” عاصمة لها ولم تتخد مدينة “روما” عاصمة. وهكذا كان لها علاقات وتأثير على المناطق الشرقية من آسيا والقريبة من شرق البحر الأبيض المتوسط مثل “تركيا” و “سوريا” القريبة من شبه الجزيرة العربية.

وإذا ما تم إستثناء فترة من يسمون الوافدين “الوندال” فإن آثار الوافدين الآخرين مازالت باقية ودالة على أن ثقافتهم مازالت موجودة في “ليبيا”

4

القديمة وأنها وبشكل وراثي قد كان لها أثر في ضفاف البحر الأبيض المتوسط بالرغم مما حاوله الوافدين وبالذات العرب الأموين الذين أتوا إلى الشمال الأفريقي الذي كان يسمى “تامزعاء” والتي أيضآ تتميز ب “ميثولوجيا” ذات طابع “امازيغي” ولمعرفة هذه “الميثولوجيا” يمكن مراجعة كتاب “كوكرا في الميثولوجيا الأمازيغية” للأستاذ المغربي “محمد أسوس” الذي تم نشره في عام 2008 من قبل “المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية” بالمغرب وهوكتاب يتناول “الميثولوجيا الأمازيغية في ما يقارب 330 صفحة باللغة العربية وبأسلوب بسيط **…ويتناول هذا الكتاب العادات والمناسبات والتي مازالت موجودة عند الأمازيغ في شمال أفريقيا ومنهم الأمازيغ في ليبيا كمثال “الرزنامة” السنوية والإحتفال برأس السنة الأمازيغية  وإعداد بعض الأكلات الأمازيغية التي مازالت معروفة ومازالت موجودة  عند الأمازيغ الليبين***.ويلاحظ أن الطريقة الأمازيغية في ليبيا وتونس أيضآ قد حولت عادة الإحتفال بالأعياد الأمازيغية وسمتها بالأعياد الإسلامية العربية..

ولما جاء العرب بالإسلام, تصدى الأمازيغ لمواجهة الغزو العربي ولمدة حوالي سبعين سنة والذي إستخدم الغزو العربي فيه طريقة الغزو والذهاب والإستمرار قدمآ إلى الأمام والرجوع إلى الخلف وإلى المناطق  التي إنقلبت على هذا الغزو لإرجاعها إلى سيطرتهم.وكان هذا سببآ في إطالة النضال الأمازيغي  لمدة

5

وصلت إلى ما يقارب حوالي سبعين سنة وتم حسمه أخيرآ بسيطرة  العرب والإسلام الأموي**** وكان ذلك بلإنتصار على ملكة الأمازيغ “كهينا ديهيا”  من طرف الغازي العربي “موسى بن نصير” الذي إستخدم  أسلوب المراوغة والتجسس على ملكة الأمازيغ “كهينة ديهيا”

وللأسف نجد أن ديكتاتور ليبيا القذافي إستخدم ,أثناء سيطرته  “علي  ليبيا الدكتور”علي فهحي خشيم” في محاولته لتزيف لإيجاد أصل الجذور التاريخية لإسم ليبيا,

حيث في ندوة كان د”علي فهمي خشيم” المتحصل على شهادة الدكتوراة  من جامعة “درهام” البريطانية والمشهورة بعراقتها  الأكاديمية في علوم الإجتماعيات والتاريخ يقول في إفتتاح ندوة قام بها في أبريل عام1984 في طرابلس بحضور عدد من اللغوين والمؤرخين الذين تم إستدعائهم من خارج ليبيا يقول د”علي فهمي خشيم” ( إن أصل إسم كلمة ليبيا هو كلمة عرب الذي تحول مع الزمن إلى عريبو  الذي تحول أيضىآ مع الزمن إلى ليبو ثم إلى ليبيا) ناكرآ إسم ليبيا القديم الذي إستخدمه الإغريق القدماء والمؤرخ الإغريقي “هيرودوت” الذي يعد أبو التاريخ البشري إلى جانب مؤسسي التاريخ الآخرين أمثال “بيلليني وغيرهم”…..!!!! ونسى د”علي فهمي خشيم” ماكان يقوله وبكل موضوعية في كتايه “نصوص ليبية” الذي صدر يوم 09.08.1967 قبل وصول القذافي إلى حكم ليبيا مستشهدآ بمؤسسي التاريخ البشري وأورد ما جاء في ص 24 الإستشهاد***** من كتاب “نصوص ليبية) “ذكرت ليبيا في الأذيبة على أساس أن  إسمها مأخود من الجنس الوطني الرئيسي الذي كان على المستوطينين اليونان أن يتصلوا به….الخ”  في ترى ماعلاقة كلمة عرب التي تحولت إلى

 نفحة من تاريخ ليبيا..  - AgadirToday

6

كلمة ليبيا؟ ولا حتى كيف كان يمكن  تم هذ التحول التاريخي  في إسم ليبيا والذي لم يذكرمن الدكتور الذي تحصل على الدكتوراه من جامعة “درهام” البريطانية العريقة دور فيما تعلمه هذا الدكتور؟  في هذه الجامعة الدائعة  الصيط وهو الذي في كتاب سابق (تحديدآ في عام 1997) قبل عهد الديكتاتور القذافي العروبي يذكر فيه من أين جاء أصل إسم ليبيا الحقيفي.

إختفى إسم ليبيا من الذكر أثناء حكم الخلافات العربية الإسلامية الأموية المختلفة ولم يتم ذكره نهائيآ حتى في أيام الخلافة العثمانية وكان يعرف ب “ولاية طرابلس” والتي كانت عاصمتها مدينة “طرابلس الغرب” الحالية.

إرتبطت “ولاية طرابلس” ببعض النشاطات التجارية مع بعض المدن الإيطالية مثل “فينيسيا” و”ليفورنو” وإلى حد ما مدينة “نابولي” وتجلت في الإتجارببعض المواد مثل “الملح” الآتي من “زوارة” ذو الميزة الخاصة.

وكانت ترتبط “طرابلس الغرب” بالمدن التونسية وأن حدود و”لاية طرابلس” كانت تمتد  أحيانآ إلى مدينة “بنقردان” التونسية وبالذات أيام الحكم “القرمالي” والذي ربطته علاقات جيرة مغاربية قوية جدآبالذات مع تونس وكانت كلا من “فزان وبرقة جزء أساسي ورئيسي من ولاية “طرابلس” العثمانية بالرغم من المسافات الصحراوية التي تفصلهم.

7

غير أنه في عام 1934 وبعد سيطرة العسكر الإيطالي بقيادة الجنرال “غراتسياني” والمعروف أيضآ بإسم “الجنرال السفاح” ظهر تاريخيآ

إسم ليبيا من جديد ضامآ الولايات الثلاث “ولاية طرابلس”,”ولاية برقة” و”ولاية فزان” وسميت هذه الولايات بإسم “ليبيا”  و”الشاطىء الرابع لإيطاليا.وهذا ماكانت تحلم به حكومة إيطاليا….

وتشكلت أحزاب سياسية بعد فترة الحرب العالمية الثانية وإنهزام فاشبة إطاليا بقيادة زعيمها “بينيتو موسيليني” وتمكنت القوات البريطانية من السيطرة على كل ليبيا وتحالفت معها الحركة السنوسية بقيادة رئيس هذه الحركة ” محمد إدريس السنوسي” والذي كان كل همه هو الحصول على الإعتراف بإمارته على الحركة السنوسية وإمارته على برقة وكان له ما أراد…

وإتفق الخصمان “بريطانيا وإيطاليا” على تنفيذ مشرع عن طريق وزراء خارجيتهم وسمي مشروع “بيفن سفورزا” وقدم كمقترح إلى مجلس الأمن لتمريره وتطبيقه من بعد. وكان مطالبآ بان تتكون ليبيا من ثلاث ولايات تكون فيها كاتالي

-“ولآية طرابلس” تابعة لإمرة الحكومة الإيطالية’.

-“ولاية فزان” تابعة لإمرة الحكومة الفرنسية.

-“ولاية برقة” تحت إمرة البريطانية وكانت إمارة سنوسية تحت الأمير “محمد إدريس ألسنوسي”

وكانت الحركة السنوسية راضية بهذا التقسيم وعلى شرط أن يحتفظ السيد “محمد إدريس ألسنوسي” بإمارته لولاية برقة.

8

إستخدم الإتحاد السوفياتي مايسمى حق “ألفيتو” وأوقف تمرير هذا المشروع وذلك لعدم حصوله على مكان في مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئه من الشواطىء الليبية والتي تبلغ حوالي 2000 كم.

كما عارض, حزبي المؤتمر بقيادة “المناضل “بشير السعداوي” ورئيس حزب المؤتمر وحزب الكتلة الوطنية برآسة الأخوين المناضلين “محمد الفقي حسن” و”علي الفقي حسن” وجمعية “عمر المختار” في مدينة درنة هذا المشروع.وكان الأخوين قادة حزب الكتلة من أنصار تكوين جمهورية ليبية عند تمكنها من  الحصول على الإستقلال..

كان كل من حزبي المؤتمر الوطني وحزب الكتلة الوطنية وجمعية عمر المختار من المعارضين لتولي السيد “محمد إدريس السنوسي” ملك المملكة الليبية المتحدة.هنا قامت بريطانيا بإقناع السيد “بشير السعداوي” رئيس أكبر حزب في ليبيا بقبول تولية “محمد إدريس السنوسي” ملكآ على المملكة الليبية المتحدة على أن تقوم بريطانيا بمساعدة ليبيا على الحصول على إستقلال كل ليبيا  ******

وفي ذات الوقت كانت تنوي بريطانيا تولية “محمد إدريس السنوسي” عل الطريق التي تم تنفيذها في الشرق األأوسط كما حدث في الأردن وعلى أساس دول إسلامية تكون بريطانيا لها السيطرة والتبعية في كل الأمور. وكان هناك شرط أساسي فرضته المخابرات البريطانية على تطبيقه ألا وهو منع وجود الأحزاب السياسية ومن تم عدم وجود فرص تطوير الحركة السياسية بين الليبين.

9

وفي سبتمير 1969 تم الإنقلاب المدبر والذي إعتبر تشكيل الأحزاب السياسية هي خيانة عظمى رافعآ شعار “من تحزب خان”

بهذا وصلت الجماهير الليبية إلى الفراغ السياسي والإرتباط القبلي والجهوي والوجاهي.ولم تعرف العمل السياسي العلني وهذا ما أدى إلى الفوضى التي تيعيش فيها الجماهير اللليبية.

10

سبعين سنة وإستغل الغزات حيلهم بغرس شاب عربي وسط عائلة ملكة الأمازيغ للتجسس عليها ومعرفة تفاصيلها الخاصة حتى تمكنوا من قتلها.

* محمد شنيب – طرابلس ليبيا – مايو 2025

(*)هناك دراسات وأبحأث  قام بها مركز بحوث تاريخية أمريكي يسمى(ماكس بلانك)   وصل إلى إستنتاجات تاريخية حديثة تبين أن مدينة “قرطاج” قد تم إنشائها من سكان مدينة “تونس” الأصليين وليس الفينيقين كما ورد في السابق.وسيتم تناول هذه الإستنتاجات في موضوع آخر مستقبلآ

(Max Planc) إسم مركز البحوث الأمريكي هو

(**)كتاب (كوكرا في الميثولوجيا الأمازيغية) تم تأليفه من السيد “محمد أسوس” المؤرخ والباحث المغربي في الميثولوجيا الأمازيغية و

(***)تم تغير أسماء الأكلات الأمازيغية وتنسيبها إلى الثقافة العربية وإنكار أصولها الأمازيغية.

(****)قاوم امازيغ الشمال الأفريقي الغزو العربي الأموي بقيادة الملكة “كيهنا ديهيا” وكما ذكر إستمرت هذه المقاومة حتى وصلت مايقارب.

(*****) كما جاء في كتاب المناضل من حزب المؤتمر السيد “صالح عمر النائلي” أن كوادر حزبية لم تكن راضية على تنصيب “محمد إدريس ألسنوسي ” في كتابه الذي لم ينشر.

(******) وكان كل إهتمام السيد “يشير السعداوي” هوإستقلال ليبيا ولم يكن يكترث بوضع السيد”محمد إدريس السنوسي” ملكآ وربما لأنه كان يتصور سهولة تحويل الملك عن الحكم. وهنا كان موقف       المعارضة القوي من حزب الكتلة وقيادته لتكوين المملكة الليبية             المتحدة بقيادة الزعيم السنوسي.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى