السياسة

نداء من أحمد أرحموش: “من أجل استعادة الأمل، ووقف سريان نزيف انقراض الأمازيغية”..

.لدي تقدير في كون تعايشنا السلبي مع وقائع تفيد كون الأمازيغية تسير بخطوات سريعة نحو الاندثار والانقراض, هي رسالة واشعار لكل نشطاء الحركة الأمازيغية والحركة الحقوقية ، من اجل وقف النزيف، عبر تجديد الديناميات و مواصلة العمل من جهة من اجل مزيد من المؤشرات المكرسة لمستقبل ذاكرتنا التاريخية ، ومن جهة اخرى لإستعادة الهيئات والفعاليات الأمازيغية ، تنظيميا وديناميتا ، لحيويتها، وضمان حد ادنى يمكن ( بضم الياء) من مواصلة المعارك التي تتطلبها رحلاتنا من اجل امازيغية المغرب، وسبب هذا التقدير ، يعود في رأيي من جهة الى كون الحركة الأمازيغية تواصل عيش موتا اكلينيكيا، لأسباب عدة ومنها، صمت او سكوت بعض كوادر هذه الأخيرة ، ومن جهة اخرى الى كون بعض المبادرات على قلتها التي تنظم من قبل بعض مكونات الحركة يمكن وصفها بكونها مبادرات تدبير معارك صغيرة.
 تشخيص عام:
في سياق التقديم اعلاه، اعتقد انه علينا ان نقول ونعترف علنيا بما نتداوله سرا، ونقر بأن ( الحركة الأمازيغية) تعيش أزمة حقيقية على مستوى العمل المنظم وغير المنظم (لا أعمّم)، سواء في الميدان أو في المؤسسات، وتعيش ايضا ازمة على مستوى أداء الفعاليات كما الأجهزة والقيادات الجمعوية الأمازيغية، وهي الأزمة التي تنعكس سلبا على وضعية الأمازيغية بكل مقوماته، السياسية، والإقتصادية ، والأدبية و الثقافية واللغوية.
واعتقد إن هذه الأزمة التي تفاقمت بشكل ملفت في السنوات الأخيرة، تعود لعدة اسباب وعلى رأسها :
1. التراجع الكبير والمقلق لدينامية فعاليات وهيئات الحركة الأمازيغية ، علاوة على تراجع بعضهم عن مواصلة معاركهم النضالية.
2. ضعف نجاعة انشطتها على قلتها،
3. ظهور بعض النزوات المتفرغة للحروب الداخلية، واهتمام البعض الآخر بخلق مجموعات صغيرة اعتقد انها لن تنتج سوى نفس الهزائم التي سبق لمثيلاتها ان خلصت اليها.
4. افتقاد بعض المبادرات للبعد السياسي، والغاية السياسية، باعتبار هذا الأخير هو الموجه والحاسم في تدبير الشؤون السياسية والاقتصادية كما الاجتماعية والثقافية.
5. غياب او ضعف مرافقة خريجي الحركة الثقافية الأمازيغية، وتركهم يواجهون لوحدهم فرادا لمتاعب وتحديات الحياة .
6. باستثناء ما يسجل من ديناميات ببدائل في مجال منظومة التربية والتكوين من قبل هيئات مدرسي اللغة الأمازيغية، يسجل بالمقابل غياب آليات ترافعية ببدائل مقنعة في باقي المجالات، خصوصا اذا ما استحضرنا ان لنا في التاريخ عدة تجارب ابدعت فيها الحركة الأمازيغية خلال العقد الأخير من القرن الماضي، وجد بعضها طريقه لإقناع صناع القرار بشرعيتها ومشروعيتها.
7. تراجع منسوب مرافقة التقارير الدورية الحكومية ، والتزامات بلادنا الاتفاقية في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذا الملاحظات الختامية و التوصيات الموجهة للمغرب من طرف هيئات المعاهدات و أصحاب الولايات برسم المساطر الخاصة و كذا في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
تلك بعض الأسباب التي اعتقد انه، اذا ما استمرت فلن نجني سوى التيه، وهذا الأخير سيؤدي الى ضعف التأثير، وضعف قوة حجتنا، وسيترتب عنه لا محالة شكلانية او غياب قرارات ناجعة للدولة وللأحزب السياسية المعنية بشكل مباشر بمسارات مستقبل تفعيل الطابع الرسمي والقانوني والميداني للامازيغية،
وقد كانت مظاهر ومخلفات هذه الأزمة المقلقة موضوع عدد من الندوات وورشات داخل بعض الملتقيات وهي نادرة للأسف، وكتب في شأنها العديد من قبل النشطاء في الحقل الأمازيغي والحقوقي، لكن للأسف لم تخلص هذه اللقاءات الى سبل الخروج من الأزمة وسبل تأهيل وتقوية الأداء. وبالتالي لا شيء تغير، بل ازداد ضعف ديناميتنا وازداد حبل المشنقة انغلاقا، والضحية طبعا هو مستقبل ثوابث وطننا في استكمال الركائز الأساسية للأمازيغية والديمقراطية، ومخاطر ان نكون امام صفر امازيغية بالمغرب على المدى القريب.
 كيف السبيل الى انبعاث الأمل؟
بقدر ما انني لا أملك في هذه اللحظة وصفة جاهزة ،بقدر ما وجب التنبيه الى انني لست هنا لجلد الذات او لإعطاء درس ما لشخص ما او لهيئة ما، لذلك، ارى ضرورة الاستنارة بمؤشر هام في صيرورة العمل السياسي وطنيا واقليميا، ويتعلق الأمر بكون الجمهور سياسيا في الآونة الاخيرة يتجه نحو اليمين، واليمين المتطرف ( بمعناه الإيديولوجي)، في حين اختار جزء كبير من اليسار المغربي في صيغته الحالية ان يضع نفسه على نقيض حقيقة العمق الإفريقي لوطننا ، ونقيض الرؤية التي اشتغلت عليها الحركة الأمازيغية، وهو توجه اعتقد ان من يعنيه الأمر مطالب انيا واستراتيجيا عدم الإستهانة به، وهو ما يتطلب منا جميعا ضرورة استحضار هذا المؤشر عند كل قراءة او تفكير في ما يجب ان يكون .
فلا احد في نضري يختلف في ان ملف الامازيغية تواجهه عدة ازمات ذات ابعاد سياسية ، وابعاد اقتصادية ، واخرى اجتماعية، واستعادة وهجها يلزمنا العمل على هزم اسباب هذه الأزمات عبر :
1- ملحاحية تجديد الخطاب ، والسلوك والاستراتيجية .
2- تفادي التيه التنظيمي، وضرورة الوعي ان الإشكال ليس في غياب التنظيمات حتى نتبوثق في فلسفة خلق اطارات جديدة بمجموعات صغيرة ، وبنفس الحمولة والمضمون، بل الاشكال في ضبابية الرؤى، وظعف منسوب الأمل، وهو ما يستلزم العمل على خلق وتقوية وتنويع فضاءات للعصف الذهني، بغاية تأهيلها وتنميتها.
3- التنسيق من اجل استنهاض الحركة الأمازيغية بالشتات لوجودها ولبنوغها وحيويتها.
4- حتمية العمل للتخفيف من حدة التراجع الحاصل في منسوب ديناميات الحركة الأمازيغية، وغياب البوصلة في التصورات، وبالمقابل العمل على ابداع البدائل لما بعد ترسيم الأمازيغية بالدستور (2011)،
5- التحرر من واقعة انحصار بعض تحركات وانشطة نشطاء الحركة الأمازيغية في موضوع تفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية، والتحرر من مواصلة الترويج لخطاب المؤامرة وجلد الذات ، وهي اصلا في طور الانهيار.
6- تنمية الابداع في ادبيات وتقنيات التفاوض/ الحوار / الشراكة ، وادوات العمل الترافعي، وتحيين الخطاب والأهداف على الأقل على المدى القريب.
7- النهوض بالعمل الاحتجاجي ضد مواصلة الحكومة ومعها اغلب مكونات غرفتي البرلمان ، واغلب هيئات الجماعات الترابية في التكريس لمنطق الانتظار احيانا ، واحيانا اخرى للحلول الشكلانية، واحيانا اخرى لمنطق الاقصاء والتهميش المتعمد، وذلك ظاهر وملموس من خلال استمرار الدولة في :
• تعطيل مسار اطلاق عدة اوراش استراتيجية، وعلى راسها اوراش مؤسساتية، واوراش موضوعاتية، بالرغم من انها كلها تتوفر على اساس وسند ومرجعية قانونية ودستورية قائمة منذ اكثر من عشر سنوات.
• الوعي بمخاطر استمرار الحكومة في تدبير الشأن الأمازيغي، بشكل بيروقراطي، وفرض سياسات غير منصفة للأمازيغية، كما يعتمل بملف الأمازيغية بمنظومة التربية والتكوين ( المذكرة الأخيرة للوزارة المعنية)، وكما يهيأ له من قبل المندوبية السامية للتخطيط بشأن تصورها لمسارات الإحصاء العام للسكان والسكنى السنة المقبلة 2024. و مهازل التراجمة بالإدارة العمومية ومنظومة العدالة…الخ.
• تأخر الحكومة في تنفيد تعهداتها الحزبية كما الحكومية المعلن عنها،
• اغراق اجهزة المؤسسات الدستورية المعينة باعضاء غير مقتنعين بالأمازيغية وبادوارها في التنمية، وبالمقابل اقصاء نشطاء وخبراء الحركة الأمازيغية .
• تزايد الانتهاكات المختلفة والمتنوعة الماسة بالحق في ملكية الأراضي، والانتفاع بها، كما الاستفادة من مردودية ما فوقها وما تحتها،
• انعدام اية اشارة او مبادرة لضمان شراكة سياسية مع نشطاء الحركة الأمازيغية، كسبيل منتج لتأهيل ادارات الدولة في كل ما له ارتباط بمستقبل الهوية الامازيغية.
 الخيارات الممكنة: 
اعتقد انه لا خيار في نظري لإنبعاث الأمل ووقف نزيف اندثار الأمازيغية الا بالعمل بشكل تشاركي او كل من موقعه على :
1- تقييم تجاربنا السياسية والجمعوية، الفردية منها والجماعية، بكل شجاعة وبدون مركب نقص، منذ ندوة معمورة التي لم يكتب لها الإنعقاد الى آخر تجربة عرفها جسم الحركة الامازيغية، بغاية تثمين وتقوية الإيجابي منها ، وتجاوز التعثرات او التقديرات غير المنتجة، الكل بهدف اعادة رسم خريطة جديدة قد تؤهل جسم الحركة الأمازيغية للإنتقال لمسار (الشراكة السياسية ) بين الدولة و الحركة الأمازيغية للمساهمة في صنع ووضع القرار السياسي والتشريعي.
2- تحيين ميثاق اكادير لسنة 1991، بمقاربة تروم وضع رؤى مكيفة مع المستجدات بكل انواعها واشكالها، بتعاون بين مختلف رؤى مكونات الحركة الجمعوية الأمازيغية والحركة الجمعوية التنموية المعنية، وهذه المهمة لا اعتقد بانها مستحيلة او صعبة ، بل يمكن انجازها بتفكير مشترك جماعي نسبي ،هادئ ، عقلاني ، ومتنور.
3- اعطاء اهمية خاصة لمناضلي ومناضلات خريجي الحركة الثقافية الأمازيغية، عبر مرافقتهم بعد التخرج لضمان تموقعهم بالنضال المدني اوالسياسي، بعد مغادرتهم لأسوار الجامعة.
4- احياء /أو اجرأت عمل التنسيقيات المحلية أوالجهوية أوطنية ل “تاوادا “كآلية متميزة :
• لبعث الأمل في اوساط عموم نشطاء الحركة الأمازيغية .
• لمواجهة ومحاربة التلكؤ الحكومي والشبه الحكومي في موضوع القضية الأمازيغية،
• دعم الجمعيات في ما تعانيه من حرمانها من الوجود القانوني ،
• لاستعادة عقل بعض النخب المغربية لتوازنه ،
• استنهاض تراثنا الحضاري والثقافي الأمازيغي الأصيل، والذي عمّر لأزيد من 33 قرناً من الزمن، لينضاف إلى 06 نونبر 1975 يوم إسترجاع المغاربة للأراضي الجنوبية الصحراوية المغربية وتعزيز الإنتماء للأرض/الوطن.
5- تعزيز النقاشات الجارية بفضاءات التواصل الإجتماعي، وخلق فضاءات عمومية جديدة للحوار والتفاعل المباشر الجماعي، واعتقد ان من شأن ذلك ان يهدم او يخفف من حجم التوترات والحساسيات الجارية بين عدد كبير من نشطاء الحركة الأمازيغية.
6- السعي لتخفيف العبء على عمل هيئات وفعاليات الحركة، ارى ضرورة التمرين على العمل المشترك ( وليس العمل الوحدوي) في مجال الترافع تجاه المؤسسات وطنيا، ومؤسسات لجان المعاهدات والمساطر الخاصة بدواليب هيئات الأمم المتحدة، واعتقد ان المناسبة قائمة آنيا بالنظر الى ان الدورة 111 للجنة القضاء على التمييز العنصري ستعقد للنظر في التقرير الحكومي المغربي حول مدى اعمال الدولة لإتفاقية القضاء على التمييز العنصري ، وقد قرر عقدها ما بين 20/ نوبنر و 08/12/2023 بقصر الأمم المتحدة بجنيف. وواثق ان مثل هذا العمل المشترك سيخفف اذا ما تحقق ذلك على ثقل مهام اجهزة هيئاتنا، وسيؤثر على المردودية بشكل متميز .
7- صنع او خلق ديناميات سياسية تمكن من إنخراط من استطاع الى ذلك سبيلا في المعارك الوطنية الجارية اقليميا وجهويا، ولما لا دوليا.
وسبب ذلك في رأيي هو اننا في كثير من الأحيان لا نبالي بهذه المعارك، بالرغم من اهميتها وقيمتها المضافة لمسار عمل الحركة الأمازيغية.
ولا احد يخفى عليه ان هناك تجارب سياسية استراتيجية امازيغية تواجه لوحدها مخاطر متعددة بكل اقليم من اقليم شمال افريقيا والساحل،( قضية الشعب الأمازيغي بالجزائر- الحكرة الهيكلية ضد الامازيغية بتونس- مسارات حزب ليبو والمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا- حصيلة الحركة الوطنية لتحرير ازواد ، اضافة الى نضالات اخواننا الأمازيغ بكل من بوركينافاصو والنيجر وجزر أكناري، دون ان ننسى الوضع المقلق للحركة الأمازيغية بالشتات) .
واي نجاح لتجربة ما كما يعلم العام والخاص هو نجاح للقضية الأمازيغية، ونجاح ايضا في بناء اوطان استثنائية غير مستلبة، معتزة بإنتمائها.
8- الوفاء بالالتزامات والشعارات المعبر عنها في البيانات وفي التصريحات وتجسيدها على أرض الواقع، بتشجيع العمل التطوعي، بعيدا عن الحسابات السياسوية والمصالح الضيقة ( تقوية الهيئات الجاهزة، التنسيق، خلق جبهات…).
9- دعم فعاليات الحركة الأمازيغية بالشتات، من اجل استعادة اجيال نشطائها القدامي منهم والشباب لحيوتهم النضالية بالمهجر.
10- خلق روابط مع الفاعلين والفاعلات في مجال الإبداع ( السينما، الشعر، الفن التشكيلي، الرواية والقصة، …..) بغاية ضمان تناغم نسبي بين انشطتها وانشطة الحركة الجمعوية الأمازيغية.
11- تحفيز ودعم الهيئات الجمعوية الأمازيغية ، بتعميم الخبرة في انجاز شراكات منتجة ، قادرة على تمويل انشطتها، وهذا الأمر في رأيي متاح، اذا ما تمكنا من توفير شبكات معرفية وتواصلية بين الهيئات التي لها تجارب في الموضوع وتلك التي ليست لها تجارب. علما ان الدولة اعلنت يوم 8/9/2021 بأن القيمة الإجمالية لمجموع التمويل والدعم العمومي المخصص للجمعيات بالمغرب بلغت سنة 3,6 مليارات درهم سنة 2018. دون احتساب القيمة المالية للشراكات مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية الأجنبية .
ختاما، تلك رؤية مختصرة ، آمل من خلالها ان تساهم الى جانب رؤى اخرى لتكون منطلق لبعث الأمل، ووقف نزيف اندثار الأمازيغية بالمغرب.
احمد ارحموش/ الرباط في 26/09/2023
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى