
نجاح الملتقى الوطني الرابع لأمازيغ المغرب الذي سلط الضوء على معضلة الملكية الفكرية بالمغرب
احتضنت مدينة مراكش، على مدى أيام 23 و24 و25 ماي الجاري، فعاليات الملتقى الوطني الرابع لأمازيغ المغرب، المنعقد هذه السنة تحت شعار بليغ ومهم وهو : “حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة” والذي ثم التركيز فيه على حقوق الفنانين والممثلين الأمازيغيين، تجسيدا لعمق الإشكال الذي يؤرق المبدعين الأمازيغ، ويختزل طموحهم المشروع إلى اعتراف قانوني ومؤسساتي يحمي إبداعهم ويصون كرامتهم الفنية.
وقد نظم هذا الحدث الثقافي والفكري الهام بمبادرة من منظمة التجمع العالمي الأمازيغي، و بشراكة مع جريدة “العالم الأمازيغي”، وبدعم من مؤسسة “فريدريش ناومان” الألمانية، في تقليد سنوي يروم ترسيخ قيم النقاش الرصين، وتبادل الخبرات حول قضايا الهوية والعدالة الثقافية وحقوق الفنان الأمازيغي.
لقد اختيرت دورة هذه السنة لتسلط الضوء على معضلة الملكية الفكرية في الحقل الفني الأمازيغي، في زمن تتقاطع فيه تحديات الرقمنة وما يفرضه من ضرورة تحيين الإطار القانوني، واستحضار الإرادة المؤسساتية الكفيلة بتمكين الفنان الأمازيغي من حقوقه المادية والمعنوية كاملة غير منقوصة.
وشهد الملتقى مشاركة واسعة لأكثر من 100 فنانا وممثلا ومبدعا أمازيغيا، إلى جانب نخبة من الأساتذة الجامعيين، والخبراء القانونيين ، والفاعلين الجمعويين، ما أضفى على النقاش طابعا تعدديا يجمع بين التنظير الحقوقي والتجربة الميدانية.
وقد انكبت الجلسات الحوارية على محاور مركزية أطرها من الجانب القانوني المقارن وربطه بالعمل القضائي في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة الأستاذ الحسين بكار السباعي المحامي بهيئة المحامين بأكادير والعيون والمقبول لدى محكمة النقض، والأستاذ مولاي عبد الجليل دليل الصقلي من هيئة المحامين من باريس،
أما الجانب العملي والتطبيقي والإشكالات التي تعترض عمل الفنان الأمازيغي والمغربي عموما فقد تناولها بالتفصيل الأستاذ عبد الحكيم قرمان والأستاذة لطيفة أحرار كما ثم ختم المداخلات بتجربة عميدة الفن الأمازيغي الفنانة فاطمة تبعمرانت والتي فضلت عدم التطرق لدعواها القضائية المرفوعة ضد أحد ” الفنانات الأمازيغيات ” التي استغلت أعمالها الفنية لأكثر من 20 سنة دون موافقتها، باعتبار أن الملف لازال بين أيدي القضاء ، ولم يثم الحسم فيه ، هذا اللقاء العلمي والفني الذي كان بتسيير من طرف الأستاذة الاعلامية إمينة الحاج احمد اوكدورت ابن الشيخ ، تخلله مداخلات قيمة من طرف ممثلين لمؤسسات فنية دولية وفنانين أمازيغيين معروفين بالساحة الفنية الوطنية والدولية.
اللقاء اختتم برصد لمجموعة من العوامل التي لها تأثير مباشر على حقوق الفنان و واقع الإنتاج الفني الأمازيغي في ظل التحول الرقمي وسبل تحصين الحقوق المجاورة للمبدعين، وإعادة قراءة التشريعات الوطنية خاصة القانون 2/00 والتعديلات التي أدخلت عليه من منظور الإنصاف الثقافي ، فضلا عن التحديات المتعلقة بالتوزيع، والأرشفة، والتمثيلية داخل المؤسسات الوصية.
واختتمت أشغال اليوم الثاني للملتقى بإصدار توصيات جريئة موجهة إلى الجهات التشريعية والتنفيذية، دعت فيها إلى اتخاذ تدابير قانونية و مؤسساتية ملموسة لضمان حماية حقوق الفنانين الأمازيغ، والاعتراف بمكانتهم كمكون أصيل في المشهد الفني الوطني، وتكريس مبدأ العدالة الثقافية كركيزة لأي نموذج تنموي منصف.
كما أن الملتقى لم يكن مجرد محطة للتأمل والنقاش، حيث ثم إرساء أسس مشروع تنسيقية وطنية للفنان الأمازيغي أسندت مهام تشكيل مكتبها الى فنانين أمازيغيين و خبراء قانونيين وعلى رأسهم الأستاذ الحسين بكار السباعي والأستاذ عبد الحكيم قرمان ، و الفنانة فاطمة شاهو تبعمرانت ، وذلك للعمل إلى جانب خبراء تقنيين ومختصيين مؤسساتيين وطنيين ودوليين ، من أجل العمل على إرساء منظومة قانونية تحمي الإبداع الأمازيغي من التبخيس والسطو، وتعيد للفنان الأمازيغي إعتباره ومكانته المستحقة في ذاكرة الوطن وحاضره ومستقبله.
واحتفاءً باليوم العالمي لإفريقيا، قام عدد من المشاركات والمشاركين خلال اليوم الأخير من أشغال الدورة الرابعة للمنتدى الوطني لأمازيغ المغرب بزيارة علمية إلى الموقع الأثري “جبل إيغود” بإقليم اليوسفية، الذي يُعد أحد أقدم المواقع المرتبطة بتاريخ الإنسان العاقل في العالم.
الزيارة عرفت مشاركة أحد أبرز الباحثين المغاربة في علم الآثار، الأستاذ عبد الواحد بن نصر، الذي أشرف إلى جانب العالم جان جاك يوبلان من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا المتطورة بألمانيا، على الفريق الدولي الذي اكتشف بقايا عظام خمسة أفراد من الإنسان العاقل البدائي، تعود إلى حوالي 315 ألف سنة.
وبالمناسبة أطر الأستاذ بن نصر ندوة علمية ميدانية، قدم فيها شروحات دقيقة حول أهمية الموقع، وظروف الحفريات، والمنهجيات العلمية المعتمدة في تحديد تأريخ المكتشفات، و استعرض السياق التاريخي للاكتشاف.
ويُعد موقع “جبل إيغود” من أغنى وأقدم المواقع الأركيولوجية التي تعود إلى العصر الحجري الوسيط، إذ يحتضن معالم تطور الإنسان العاقل في مراحله الأولى، وقد كشفت الحفريات إلى جانب بقايا العظام، عن آثار حيوانية خاصة للغزال، وأدوات حجرية مصنوعة من حجر الصوان المستقدم من مناطق أخرى، ما يدل على مستوى متقدم من السلوك الإنساني والتبادل في تلك الحقبة.
.مراكش : ابراهيم فاضل

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News