الثقافة

موسم سيدي سعيد بيوكرى : حضور غفير، وسهرة كبيرة، وموسم تسوّقي وسط تميز أمني

في مشهد قلّ نظيره، أسدل الستار على موسم سيدي سعيد الشريف بمدينة بيوكرى، حاضرة إقليم اشتوكة أيت باها، وسط إشادة واسعة بنجاح أمني استثنائي، رسم ملامح نسخة يُضرب بها المثل في التنسيق، التنظيم، والانضباط. آلاف الزوار حجّوا من مختلف ريوع الإقليم ، بل ومن خارجه، لحضور الفعاليات والسهرة الكبرى للموسم، دون أن يُسجّل أي حادث يُذكر، أو فوضى تنسف فرحة الاحتفال.

وفي الوقت الذي امتلأت فيه فضاءات الموسم، وصدحت منصة السهرة الكبرى بنغمات مجموعات أمازيغية ذائعة الصيت وذات استقطاب جماهيري معهود، من أشهرها “أودادن”برئاسة عبد الله الفوى، كانت خلف الكواليس ملحمة أخرى تُكتب بصمت: ملحمة أمنية محكمة التفاصيل، نسج خيوطها باقتدار رجال الأمن الوطني، بتنسيق دقيق مع السلطات المحلية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، وباقي المصالح المعنية.

ولم تكن المهمة سهلة، لكنها لم تكن مرتجلة. منذ اتخاذ القرار بنقل موقع الموسم إلى فضاء السوق الأسبوعي، المعروف برحابته وسهولة تأمينه، وُضعت خطة أمنية دقيقة، بُنيت على التوقع المسبق، والانتشار المتوازن، وحسن التواصل بين الفرق الميدانية. والنتيجة؟ موسم بلا أدنى حادث، سهرة بدون مناوشة واحدة، واكتظاظ سُيّر بانسيابية تحاكي دقة عقارب الساعة.

اللافت في هذه النسخة، أن المقاربة الأمنية لم تكن فقط قائمة على الحضور الاستعراضي، بل على الذكاء الميداني، والحضور الاستباقي، والتعامل الإنساني مع الجمهور. لم تسجَّل حالات عنف، ولا شجارات، ولم تُسجَّل تدخلات اضطرارية تُذكر. كان الأمن المواكب حاضراً بقوة، لكنه لم يكن صارماً إلى حد الترهيب، بل حاضناً للاحتفال، ضامناً لحق الناس في الفرح.

موسم سيدي سعيد بيوكرى : حضور غفير، وسهرة كبيرة، وموسم تسوّقي وسط تميز أمني - AgadirToday

وإذا كانت السهرات الكبرى في مثل هذه المناسبات تُقاس بنجاح الفنانين على المنصات، فإن نجاح موسم سيدي سعيد الشريف في بيوكرى هذه السنة كُتب بحروف أخرى: لا حوادث، لا فوضى، لا تجاوزات… فقط وئام وانضباط وتنسيق جعل من بيوكرى نموذجاً حياً لمدينة تعرف كيف تحتفي، وكيف تحمي احتفالها.

موسم سيدي سعيد الشريف لم يكن مناسبة دينية فحسب، بل حمل في طيّاته أبعاداً اقتصادية وتجارية، حيث يتحوّل إلى سوق موسمي نابض، استقطب عدداً كبيراً من الباعة والعارضين، وفتح المجال أمام روّاد التجارة التقليدية لعرض منتوجاتهم المحلية، ويسهم هذا الجانب التجاري في تنشيط الدورة الاقتصادية للمنطقة، كما يوفّر فرصاً مؤقتة للدخل، خاصة لفائدة شباب المنطقة.

ويُجمع المتتبعون على أن البُعد التسويقي للموسم يُعدّ أحد أبرز محركات الجاذبية التي تدفع الزوار للتوافد من مختلف مناطق إقليم اشتوكة آيت باها، بل ومن مناطق مجاورة، في مشهد يعكس دينامية اجتماعية وتنوعاً ثقافياً واقتصادياً مميزا.

وقد شكّل الغنى الفني لبلاطو سهرة الموسم ، إلى جانب دقّة التنظيم التقني وتناسق فقراته، عاملاً محورياً في إنجاح فعاليات الحدث، التي مرّت في أجواء انسيابية وخالية من أي إخلال أمني، ما جعل من هذه التوليفة – الأمني والفني واللوجستي – معادلةً متكاملة لنجاح موسم سيدي سعيد الشريف، على المستويين التنظيمي والرمزي ، ما يبرز أنه لم يكن مجرد طقس احتفالي، بل تمريناً جماعياً على حسن التدبير، وتجسيداً لنجاح أرقام معادلة التنظيم المشارك الذكي.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى