الرأيالسياسة

مفاتح التنمية والرؤية الإستشرافية من خلال خطاب العرش

  • ابراهيم العباسي*//

استهل العاهل المغربي في بداية خطابه، مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025 بالعلاقة المتينة و المتجدرة بين الملك والشعب، “من خلال الوقوف على أحوال الأمة ” لينطلق مباشرة إلى ما يمكن وصفه بخارطة الطريق للرؤية الإستشرافية التنموية لمغرب الغد بعد حصيلة لما تحقق لما “حققناه من مكاسب وما ينتظرنا من مشاريع وتحديات” مبنية على التقييم الشمولي لواقع مغرب اليوم، ومن ابرز الكلمات المفتاحية في خطاب العرش مفهوم التنمية التي ذكرت في خطاب العاهل المغربي أكثر من عشر مرات بالضبط أحد عشر، والتي يمكن صنفها الى مايلي:

-التنمية الاقتصادية والتي وردة مرتين.
– التنموية الكبرى.
– النموذج التنموي الجديد .
– التنمية البشرية.
– مؤشر التنمية البشرية، والتنمية البشرية العالية.
– التنمية الإجتماعية.
– المقاربة التقليدية للتنمية.
– التنمية المجالية والتنمية الترابية.

إن المهتم بالتنمية سيجد من خلال خطاب العرش أن العاهل المغربي ربط هذا المفهوم بالبعد الإجتماعي، وكانت الغاية من ذلك النهوض بالمواطن المغربي، من خلال السياسة المجالية الموحدة والعادلة، ولا يمكن لأي أحد من خلال الرؤية التوجيهية لمفهوم التنمية بأبعادها التي سطرها العاهل المغربي ان يجاحد، والتي اراد لها أن تكون وان تتوسع معالمها على أرض الواقع .

اراد بها محو الفوارق الإجتماعية مابين المدن فيما بينها أولا ، ومابين المدن والعالم القروي ثانيا، وفي إطار الجهوية الموسعة.

قد ارتبط العاهل المغربي هذا المفهوم التنموي بالشق البشري، وفي إطار التنمية البشرية، وقد كان للخطاب إشارة واضحة من خلال وقوفه على ضرورة النهوض بالتنمية البشرية التي تنطلق من ثلاثة اسس ومرتكزات لابد لها، الصحة ومن خلال ما يقوم به العاهل المغربي من البرنامج التنموي الاجتماعي والمتضمن للتغطية الصحية الإجبارية على المواطن المغربي وتحفيض اسعار بعض الأدوية مع توفير للجميع التغطية الصحية، والعمل على تحسين الدخل الفردي والرفع منه من خلال تحسين الأجور ، ومن خلال توفير فرص الشغل ومنح الدعم للأسر المعوزة، والحد من البطالة دون ان ننسى ما بوليه العاهل المغربي من أهمية لتحسين جودة التعليم والحد من الهدر المدرسي، واحتل هذا القطاع من بين الاولويات بعد قضية الصحراء وجل الخطب أكدت على أهمية هذا القطاع الحيوي ، واليوم انصب اهتمام على تحسين جودة التعليم من خلال اطلاق ما ينعت بالمدارس الريادة في الابتدائي والاعدادي مع توفير كل امكانات اللوجستيكية من عدة بيداغوجية وموارد بشرية شابة من خلال تحديد سن الولوج لهذا القطاع في اقل من ثلاثون سنة.

كما يمكن أن نستنتج من توجيهات العاهل المغربي من خلال هذا الخطاب العرش، اختيارات تنموية مبنية على مشاريع ضخمة في مجال التصنيع، والذي حقق نهضة تنموية ملحوظة منذ ان غير معالم البناء الاقتصادي الذي عرف تحولا ، من الارتكاز على الفلاحة عبر تاريخ المغرب والتي عرفت تراجعا طيلة سبع سنوات الأخيرة لما ميز المغرب من جفاف وحبيس من التساقطات كل هذا اثر على الاقتصاد المغربي ، فبفضل حنكة وتبصر العاهل المغربي استطاع ان يغير معالم ومرتكزات الاقتصاد المغربي من خلال التركيز على قطاع التصنيع منذ بداية الألفية الثالثة، وكان لهذا التحول نتائج مبهرة وحقق في ظرف عقدين ونصف مالم يحقق في قطاع الفلاحة، فمغرب التصنيع اصبح اليوم قادر على خلق مناخ تنافسي من خلال الرفع من نسبة التشغيل في هذا القطاع، وطور الموارد في مجال الخدمات كما خلق مناخ اقتصادي متقدم عبر شراكات من خلال التجارة الحرة في الميناء المتوسطي والانفتاح على الدول الأفريقية وتقوية النية التحتية، وكان المغرب اليوم رائدا في صناعة السيارات ازيد من 700الف وحدة سنويا، رافعا تحديا صناعيا في هذا المجال الى ازيد من مليون سيارة في الأعوام القادمة منافسا عددا من الدول الصناعية الرائدة في هذا المجال.

كل هذا ساهم في تطوير مناخ الأعمال الذي ساهم في جاذبية الاستثمارات المباشرة داخل المغرب 645مليار ، طبعا حكمة وتبصر العاهل المغربي ساهمت بشكل كبير في في سياسته التنموية مما كان لها اثر إيجابي في خلق تنمية مستدامة رغم ما مر به المغرب من تحديات كبرى كالتصخم توالي سنوات الجفاف تقريبا سبع سنوات متتالية، أزمة كوفيد، حرب اوكرانيا…

لكن الحنكة السياسية للعاهل المغربي وارادته القوية استطاع ان يتجاوز ما يعرفه العالم من تحديات جراء ظرفيات دولية في مجال ماكرو اقتصادي، ظل المغرب صامدا ومتحكما في التنمية البشرية والرفع من مستواها ، وعلى الرغم من تسجيله تراجعا في مستوى الفقر “من 11,9% خلال 2014 إلى 6,8% سنة 2024, فالمغرب يراهن وبحنكة وارادة العاهل المغربي على المزيد من خلق تنمية شمولية ، بالرغم من إشكالية على مستوى التنمية المجالية التي تقتضي ضرورة التقليص من الفوارق العدالة الإجتماعية.

وقد ركز العاهل المغربي على التنمية الترابية من خلال “أن يمنح لكل مهتم خلاصة ما وصلت إليها” والتي تميزت بانجازات ضخمة ذات قفزة نوعية منذ عقدين، مشيرا أنه لم يعد مقبولا 75% من الاستثمارات داخل المدن الكبرى، مقابل 25% للعالم القروي وبعض المدن والارياف مما يؤكد بضرورة الاستثمار المالي للنهوض بالجهوية المتقدمة، وقد أكد العاهل المغربي بضرورة الاستثمار المالي للنهوض بالجهوية المتقدمة، وقد أكد للمهتمين بضرورة استقراء معطيات ما تضمنها الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 لاستناج مايلي:

*دمقرطة المجال*
*العدالة المجالية*
*الحد من الفوارق المجالية*
*خلق النموذج التنموي الصريح*
فخارطة الطريق التي ارادها العاهل المغربي تنبني على التشغيل المجالي، لنا ميز مجال الجبل والريف والعالم القروي بشكل عام من فرص تنموية تحتاج الى من يدبرها عبر اقتصاد سياحي، والزخم الفلاحي، من فلاحة صناعية خلق صناعة غدائية والحد من الهجرة القروية في اتجاه المدن، مع الاستفادة من اقتصاد الماء عبر التدبير الأمثل لهذه الثروة ومن خلال خلق صناعات أستباقية تعنى لاقتصاد الماء.

العاهل المغربي يؤكد على ضرورة من سياسة عمومية وترسانة قانونية للنهوض بالعالم القروي دون الجهل على مرتكزات مضامين القانون التنظيمي للجهوية الموسعة، الذي يرتكز على خلق فرص الشغل والحد من البطالة. وعليه لابد من استغلال كل ما تتوفر عليها الجهات واستثمارها بشكل افيد دون الجهل ومع تفعيل أمثل لصندوق التضامن ما بين الجهات.

فالعالم المغربي ومن خلال هذا الخطاب تبرز وبشكل دائم النظرة الإستباقية للعديد من القضايا، ففي هذا الخطاب أعطى اشارات التدبير الأمثل لما هو قادم ،من انتخابات تشريعية ، مؤكدا على ضرورة اخراج قانون تنظيمي محكم لتدبير الانتخابات البرلمانية القادمة، كما تتجلى ايضا النظرة الإستباقية لمغرب الغد ، في ضرورة توفير شروط أمثل لتدبير المرحلة القادمة في الانتخابات، لما سيعرفة المغرب من تنظيمات وتظاهرات دولية عالمية تحتاج الى الحنكة والتبصر والتدبير الأمثل .كما كرر العاهل المغربي مفهوم “اليد الممدودة” لأشفاء الجزائريين بحنكة وتبصر لا بنظرة ضيقة كالتي تميز الاخر، فالعاهل المغربي استحضر التاريخ والجغرافيا والدين الحنيف من جوار ولعة وعلاقات إنسانية مع المصير المشترك، وكانت الغاية التنمية الجهوية وتجاوز كل الخلافات الجيوستراتيجية، دون ان نصفق وننوه بالدول الشقيقة التي أكدت على مغربية الصحراء، والتي إكتملت عندها الرؤية بقضيتنا، والتي أقرت بالحكم الذاتي ، وخص الخطاب كل من الجارة البرتغال والمملكة المتحدة، والمغرب امن بان التنمية المغاربية لا يمكن ان تتحقق دون انسجام وانخراط الجارة الجزائر والمغرب لما لهما من دور ومكانة ضمن دول المغارب.

وقد آمن المغرب بان هناك تحديات تقتضي بضرورة التكتل والوحدة، وما يقوم به المغرب بانفتاحه على دول الاتحاد الافريقي واستثمار في مجال الشراكة بناء المتوسطي في اطار التجارة الحرة مع الدول الأوربية ،ماهو إلا تأكيد ان التنمية تحتاج الى الانفتاح وخلق شراكات وتعاون وبشكل منسجم للحد من التحديات ،والتي تفرض على الدول الأفريقية والمغارب الوحدة والتكتل لوجود تحديات كبرى تندر بالخطر من إرهاب وجماعات مسلحة ومجاعات وحروب… والمغرب ومن خلال العاهل المغربي له رؤية تنموية صادقة مع الاشقاء من انبوب الغاز ومع ازيد من ثلاثة عشر دولة، كما يشتغل بمنطق تنموي شامل واستراتيجي لنا يشتغل به من توفير بنية تحتية يضاهي بها اليوم كبريات الدول العظمى.

*طالب باحث في سلك الدكتوراه التاريخ المعاصر جامعة ابن زهر اكادير

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى