
مسيرة ساكنة أيت بوكماز، صوت “ساكنة الجبال المنسية” بمغرب سرعة السلحفاة..
- بقلم امحمد القاضي * //
تقوم ساكنة أيت بوكماز اليوم بمسيرة سلمية نحو مركز أزيلال أو بني ملال الذي يبعد عن المنطقة بأزيد من 80 كلم، وترتفع على سطح البحر بما يناهز 2000 متر ويفصلها عن المغرب الحديث سنوات ضوئية.
مسيرة آلاف المشاة على الأقدام، نساءا ورجالا، خطوة شجاعة وإنتقاضة بيضاء في وجه تمادي أساليب التهميش والإقصاء لقاطني جبال الأطلس بكل أحجامه.
أيت بوكماز تستحضرها مخيلتنا الجماعية بوصف رجالات المقاومة الشجاعة ضد الإستعمار، وصورة أناس هضبة سياحية ساحرة الجمال الطبيعي، ومصادر منابع المياه العذبة، ونتصورها كمنطقة حافظة على الهوية الأمازيغية بعاداتها ونمط عيشها وقدرة نسائها على تدبير إقتصاد النذرة، ونسج صناعة زرابي تقليدية برموز هوياتية محلية، وأهازيج أصواتها المتميزة وفنون الرقص الشعبي بما فيها تقنية صفير الرعاة في الأعالي كشكل من أشكال التواصل التقليدي في طريق الإتقراض. للأسف نتذكرها فلكلوريا وننساها تنمويا.
خرجت الساكنة بما فيهم رئيس جماعتهم على ما يبدو، للتعبير عن تظلمات ومطالب حقوقية لم تعد الشكايات الورقية توصلها للجهات الوصية ولا لغة صفير أعالي الجبال المعروفة محليا ب ” أصنصك” يفهمها المسؤولون كأسلوب تواصل لنقل الرسائل.
مطالب أيت بوكماز هي مطالب عادلة وحقوق مشروعة لكل قرى جبال المغرب العميق. لا تختلف عن مطالب منطقة أيت عبد الله بإقليم تارودانت مثلا في شئ. بل كأنها تتكلم بإسم كل قاطني الهوامش.
أن تطالب بشكل حضاري وإحتجاج جماعي سلمي في الحق في فك العزلة بشق وإصلاح طريق رئيسية مطلب مركزي ونلاحظه في طرق تفراوت بمنطقة تيزنيت مثلا. أن تحتج على عدم توفر مستوصف عصري وطبيب قار والحق في سيارة إسعاف مجهزة حق من حقوق الإنسان، وننتظر توفير طبيب بمركز ايت عبد الله منذ إنحاز مستوصف من الدرجة الثانية بمبادرة جمعوية وأموال الفاعلين الإقتصاديين المحليين.
أن تطالب برفع الحيف في الحق في بناء سكن يحفظ الكرامة دون تعقيدات ومساطر إدارية محدثة مؤخرا شكاية معقولة، تطالب بها كل ساكنة المناطق القروية بسوس. أن ترفع صوتك من أجل التمدرس وإنشاء مدارس جماعاتية مع وسائل نقل وتوفير المستوى الثانوي وزيادة الطاقة الإستعابية بدور الطالب خاصة للفتيات بالمركز، وفتح مراكز تكوين الشباب وتمكين المرأة حق من الحقوق الأممية، وتطلعات جل ساكنة الأطلس الصغير الغربي .
أن تمشي قدما من أجل تغطية بالشبكات التواصل الرقمي والأنترنيت لم يعد إمتياز او ترف او ترفيه “فوق الشبعة”، بل طلب اللحاق بالركب والتحديث والعصرنة من أجل التواصل المستمر.
أن تسير على الأقدام من أجل خلق دور الشباب وأماكن للترفيه والرياضة وملاعب القرب مسيرة عادلة تتناسب مع مطالب شباب القرى النائية. أن تنتفض سلميا من أجل قطرة ماء، وصنبور بالبيت إنتفاضة من أجل البقاء.
أن تفكر في مطلب إنجاز سدود تلية ومطفيات لتجميع وتخزين المياه، وتوفير بدائل إقتصادية ومشاريع مدرة للدخل كوسائل شغل للساكنة لمواجهة الجفاف إبداع إحتجاجي وتطلع مجتمعي وكل القوى الحية بتمازيرت. مطالب واقعية فاقت أوهام البرامج الإنتخابية.
ويبقى اعلاها وعيا ووطنية أن تطالب بمحاربة الفساد والمفسدين وحماية المال العام من المتربصين من المسؤولين وهو مطلب كل المغاربة من أقصى الشمال لأعمق نقطة بالجنوب.
مسيرة أيت بوكماز السلمية بالإعلام الوطنية تفجير للغضب الشعبي بطريقة حضارية وتعبير على تماسك الوطن وروح الوحدة والوعي الراقي لأهل القرى في التنظيم والانضباط.
هي مسيرة مناطق أيت المغرب المنسي في تشبت صريح بالأرض والهوية والإعتزاز بالإنتماء لبقعة جغرافية رغم قساوة العيش.
هي مسيرة من أجل حفظ الكرامة وأدنى مقومات الحياة وصرخة من أعالي جبال الأطلس ضد الخذلان وتمادي الإختناق الإجتماعي واللامسؤزلية.
المسيرة صرخة ضد التهميش والإقصاء والتجاهل.
إذ لم يعد من المقبول ولم نعد نحتمل أن نعيش بمغرب بسرعتي: سرعة البراق في البناء وأوراش المونديال بالحواضر، وسرعة تنموية بطيئة بزحف السلحفاة في قرى المغرب العميق. الهامش هو الذي يغذي المركز والقرية كانت ولا تزال مشتل الطاقات، والإهتمام بها لم يعد خيارا أو ترفا، بل ضرورة ملحة لكل السياسيات التنموية للبلد.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News