المغرب اليوم

مجلة “Telquel” ومحاولة إحياء الفكر البعثي في المغرب..

ذ. الحسن زهور

مجلة “Telquel” التي نعتبرها من المجلات المغربية التي خطت في بداية مشوارها خطا صداميا مع السلطة لكنها تراجعت بعد أن وجدت نفسها تعيد تجربة دون كيشوت دي لامانشا، حيث تراجعت لتتعايش مع الواقع المغربي بما يمكن ان نسميه بالعيش المشترك اي التزام حدود معينة لا تسيء إلى الوطن، لكن هل التزمت المجلة دوما بهذه الحدود؟
العدد الاخير رقم 1037 ل 30 مارس الى 6 ابريل 2023 ينطبق عليها المثل الأمازيغي ” ارد تسفاغ اسكيون” اي بدأت ب “إخراج قرونها”حين رجعت في مقال نشرته في هذا العدد الى بعث الايديولوجية القومية البعثية التي حاول المغرب الابتعاد عن كوارثها السياسية والتي دمرت دولها التي تبنتها سابقا(سوريا، العراق، اليمن، ليبيا….)
ففي مقال (بدون ذكر كاتبه) نشرته المجلة من 4 صفحات عن العرب في المغرب، وهو مقال ايديولوجي وغير موضوعي، تحامل فيه كاتبه على المغرب وعلى تاريخه، فمن يقرأ المقال سيظن ان المغرب قبل مجئ العرب ( المقال يتحدث اكثر عن مجىء العرب وليس عن مجيء المسلمين) كان وطنا لأقوام بدوية لا حضارة ولا ثقافة ولا مدنية … لهم وكأن الكاتب يعيد ما قرأه في كتب المقررات الدراسية الأولى في الستينات ” سكان المغرب هم البرابرة …وكانوا يسكنون في الكهوف ويلبسون جلود الحيوانات”.
يتحدث الكاتب في مقاله عن ان العرب هم من ادخلوا الحضارة والثقافة والصنائع والزراعة الى المغرب، وبنوا المدن (فاس، مكناس ،الرباط، مكناس) التي سماها الكاتب في مقاله بالمدن العربية، ففاس مثلا في التاريخ -كعنوان فرعي- هي “مدينة عربية محاطة بالبربر” ( دلالة التمدن و البداوة) أي أن العرب هم من ادخلوا التمدن الى المغرب (ونوجه السؤال لصاحب المقال لماذا المعمار المغربي وزخرفته الرائعة والبديعة متقدم جدا على المعمار العربي في الشرق، وأحيانا لا يشبهه؟)، وحين يتنازل الكاتب عن ايديولوحيته ليعترف ببعض التجمعات الحضرية الأمازيغية القليلة في المغرب يربطها ببقايا المراكز الرومانية (أي تجريد المغرب من حضارته وثقافته كأنه الأمازيغ بدو همج لا حضارة ولا ثقافة لهم ولا كيان لهم ).
كما يتحدث الكاتب عن الوجه المتحضر لبني سليم وبني هلال وبني معقل في شمال افريقيا عكس ما تقوله أغلب كتب المؤرخين ومنهم ابن خلدون… وفي كل مقاله اعتمد الكاتب في أغلب استشهاداته على المستشرقين.
لكن إذا ربطنا مقال مجلة Tel quel بالظرف السياسي الحالي في المغرب سنفهم لماذا عادت هذه المجلة إلى الترويج للايديولوجية القومية العربية في المغرب.
أولا، فالزخم الكبير الذي عرفه المغرب مؤخرا من خلال الكرة المغربية التي اعادت الكثير من المغاربة إلى الافتخار بهويتهم المغربية بصلبها الامازيغي اخرجت اصحاب الايديولوجية القومية من تقيتهم للإفصاح عن معاداتهم للهوية المغربية التي اجمع عليها المغاربة في دستورهم ل2011 (ولا ننسى أن ما كان يطلق عليها الاحزاب الوطنية والاسلامية هي من وقفت ضد ترسيم الأمازيغية كلغة رسمية).
ثانيا، في زمن هذه الانتصارات المغربية في أغلب المواقع الأفريقية والعالمية والتي اعتمدالمغرب على الرجوع الى تميزه الحضاري والثقافي للمغرب (التعدد، العودة إلى جذوره الثقافية والافريقية) كبلد تاريخي وله نظامه السياسي المتميز (كأقدم نظام سياسي في عالمنا المعاصر) الممتد من الممالك الأمازيغية قبل الاسلام الى اليوم، هذا القوة التي تمنحها هذه العودة إلى تميزنا الثقافي والحضاري اربكت بعض القوميين المغاربة، لذلك يخرجون – في كل مرة يحقق فيه المغرب انتصارات لهويته ولثقافته- أقلامهم لتعكير هذا الجو الاحتفالي بانتصاراتنا، ويدخل مقال Tel quel في هذه الردود غير “الوطنية” التي تريد تدمير الوطن من الداخل عبر بعث قومية إثنية دمرت بلدانها في الشرق.
نقول لمسؤولي مجلة Tel quel، نحن هنا في المغرب ولسنا في سوريا، فهل المقال يساير السياسة الحالية لبعض الدول العربية لارجاع سوريا الى صفها لإبعادها عن ايران “الفارسية”؟
وهل المقال، وهو مقال ايديولوجي يعتمد على قراءة التاريخ قراءة ايديولوجية إثنية، هو لتبليغ رسالة غير مباشرة للمسؤولين المغاربة لتذكيرهم بالقومية العربية ضد السياسة الوطنية المراعية لمصلحة الوطن والتي يسلكها المغرب حاليا في تنويع علاقاته الدولية ومنها إعادة علاقاته مع اسرائيل دون التفريط في الحقوق الوطنية للفلسطينيين؟
نقول لصاحب المقال: إقرأ كتاب المفكر المغربي العضو في أكاديمية المملكة المغربية الاستاذ محمد شفيق ” ثلاثة وثلاثون قرنا من تاريخ الامازيغيين” اي تاريخ المغاربة، لتعرف ان بلدك المغرب بلد الحضارة العريقة وان المغاربة أمازيغ حضارة وثقافة المغرب، فافتخر ببلدك وبتاريخه ودعك من اوهام القومية العربية فقد هربت بلدانها.
ذ. الحسن زهور

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى