المجتمع

مبادرة مدنية جديدة تطمح إلى كسر جدار الصمت وإعادة الاعتبار للمشاركة المواطنة بالدشيرة الجهادية..

في مدينة تراكمت فيها خيبات الأمل من تدبير محلي موسوم بالعشوائية والتردد، تخرج مبادرة مدنية جديدة من رحم الحاجة، حاملةً معها أملًا في إعادة رسم العلاقة بين المواطن والقرار، على قاعدة التشاركية والمساءلة. فهل تكون هذه الحركة نقطة تحوّل حقيقية في مشهد محلي أنهكه الصمت واللامبالاة؟

التشاركية كخيار استراتيجي: هل تكون “الحركة التصحيحية” نقطة تحول في الدشيرة؟

في زمن تتسارع فيه مؤشرات التراجع التنموي، وتزداد فيه فجوة الثقة بين المواطن ومؤسساته المحلية، تبرز مبادرات مدنية جديدة تنشد إعادة ترتيب الأولويات وفتح أفق جديد للعمل الجماعي. “الحركة المدنية التصحيحية” بمدينة الدشيرة الجهادية، التي تم الإعلان عنها مؤخراً، ليست مجرد مبادرة عابرة، بل مشروع مجتمع قائم على الإيمان بجدوى الفعل التشاركي، وقيمة المواطن كمحور لكل تغيير.

واقع مأزوم.. وصوت بديل

تعاني مدينة الدشيرة، وفق تقارير محلية ورصد ميداني، من اختلالات بارزة في التدبير المجالي، وتراجع لافت في خدمات النظافة والتطهير، وضعف في صيانة الطرق والبنيات التحتية، إلى جانب فقر الأنشطة الثقافية وركود المرافق الشبابية. وهي مؤشرات لم تعد تخفى على أحد، بل صارت محط انتقادات متواترة من الفاعلين المدنيين وممثلي الساكنة.

في هذا السياق، يقول “محمد أزروال”، أحد النشطاء البارزين في الحركة: “لسنا ضد أحد، ولسنا بديلاً عن أحد، نحن ببساطة مع الدشيرة. نريد فقط أن نستعيد الثقة بين المواطن والمجالس المنتخبة، ونرسي تقليدًا جديدًا في الترافع المدني المسؤول.”

من التنظير إلى الميدان

ترفع الحركة المدنية التصحيحية شعار “التشارك من أجل الإنقاذ”، مؤكدة أن الخروج من الأزمة لا يمكن أن يتم عبر النقد وحده، بل يتطلب تقديم بدائل واقعية واقتراحات مؤطرة.
وحسب تصريح “كريم شانا”، أحد الفاعلين الجمعويين ضمن الحركة: “نشتغل حاليًا على إعداد دفاتر ملاحظات قطاعية، تهم قطاعات الصحة، والنقل، والتعمير، والشباب، سنعرضها في لقاءات عمومية مباشرة مع الساكنة، ونسعى إلى جعلها أدوات ضغط وترافع حقيقية.”

وتعمل الحركة، حسب بيانها التأسيسي، على إطلاق قافلة تواصلية ستجوب أحياء الدشيرة، بهدف شرح أهداف المبادرة، والاستماع للمواطنين، وتكوين لجان أحياء مدنية تعمل كحلقة وصل بين السكان والحركة.

الرهان: من الشارع إلى القرار

المراهنة على بناء قاعدة جماهيرية واعية، وتحقيق تراكم نضالي ميداني، ليس بالأمر السهل في مدينة يطبعها اليأس السياسي وغياب بدائل حقيقية. لكن “الحركة” تعوّل، حسب أعضائها، على الجدية والاستمرارية، لتشكل قوة اقتراحية ومواكبة حقيقية للسياسات المحلية.

يقول “محمد سليماني”، أحد المؤسسين: “نحن لا نطلب المستحيل. فقط نريد أن تتحول المدينة إلى ورش مفتوح للنقاش والتقويم والتخطيط، وأن يشعر المواطن أنه شريك لا متفرج.”

هل تستطيع هذه الحركة، أن تعيد الاعتبار للفعل المدني المؤطر؟ هل يمكن أن تساهم في إحياء النقاش العمومي الرصين، وإعادة رسم العلاقة بين المواطن والمنتخب؟
هي أسئلة ستكشف عنها الشهور القادمة، لكن ما هو مؤكد أن مدينة الدشيرة بدأت تخطو، بخجل، نحو فصل جديد من فصول اليقظة، حيث لا مكان للصمت، ولا جدوى من الانتظار.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى