
ما راد آغ سول إتيني أمارك؟ من سيطربنا بعد اليوم؟
- الحسين بويعقوبي //
بهذه العبارة/السؤال علق أحد أفراد العائلة علىموت الفنان الرايس صالح الباشا. تعليق يلخص بجلاء المكانة التي كانت لهذا الفنان في المشهد الفني السوسي، وكيف نجح في امتلاك قلوب عدد كبير من محبي فن تيرويسا. وقد ظهر ذلك جليا بعد وفاته، ذلك أنه خلال حياته، ولأنه كان عفويا في تصرفاته، غير مبال بالمظاهر، “مجدوب” في نظرته للحياة، وله طريقة خاصة في تدبير حضوره الفني على المنصات، تجمع بين استحضار تكوينه الفقهي وعلاقته بالمدارس العتيقة، ومضامين شعره الرومانسي أساسا، ذون نسيان وعيه بأهمية تنشيط الجمهور الحاضر،كل ذلك جعل جزءا كبيرا من محبيه يخفون حبهم له ولشعره، مقابل محاربته من طرف فئة ترى في ذمج هذا الفنان للدين والفن خروجا عن تصورهم للدين من جهة وللفن الذي يرفضونه من جهة أخرى. فبالنسبة لهم الدين والفن لا يجتمعان.
وفي هذا جهل كبير بعلاقة الفن بالدين في كل المجتمعات.وفي سوس يرتبطان ارتباطا وثيقا فنجد إمام مسجد ينظم الشعر ويرقص في أسايس، وتبنى الفقهاء ألحان أحواش في قراءتهم الجماعية للقرآن أولمدح الرسول، كما استعان الفنانون بالعبارات والكلمات الدينية لتأتيث أغانيهم، وبحثا عن الشرعية الدينية لممارساتهم الفنية لم يتوانوا في طلب المشورة من بعض علماء المنطقة فلم يجذوا تحريما، كما كان لأغلب الفنانين شيوخا ملهمين لهم في الشعر، ولأغلبهم ارتباطات قوية بالزوايا، ولا يتوانون في إكرام الفقهاء وطلبة المدارس العتيقة.
تلكم علاقة الفن بالدين في سوس قبل أن تأتي رياح إيديولوجية جديدة، بمواقف غريبة عن تربة سوس تفصل الفن عن الدين.لم يخرج صالح الباشا عن هذا السياق، كما كان قبله الرايس الحاج بلعيد ومحمد ألبنسير والمهدي بن مبارك الذين جعلوا من أغانيهم أداة لتفسير بعض شعائر الدين الإسلامي.
كان أول حضور لي لسهرة صالح الباشا في أحد أيام صيف 2014بمسرح الهواء الطلق. وقد أثار انتباهي وقوف صف طويل من المحبين ينتظرون دورهم للصعود للخشبةوتعليق ورقة نقدية للفنان وأخذ صورة تذكارية معه في مشهد لم أره قط بمسرح الهواء الطلق. ومنذ ذلك اليوم طرحت السؤال من يكون هذا الفنان؟ وكيف استطاع كسب قلوب هذا الجمهورالغفير؟ حضرت لسهرته من جديد بساحة إشدران (السعادة) بإنزكان فكان التفاعل نفسه من طرف الجمهور الحاضر، بل فاجأ الجميع حين أنهى سهرته بقراءة سورة من القرآن إمتدت لمدة طويلة، لم يستطع معه مقدم السهرة توقيفه. كما تنقلت السنة الماضية لمركز أربعاء الساحل لحضور سهرة له، لكن لم يتمكن من الحضور لبرمجته لسهرتين في نفس الوقت وفي مكانين متباعدين. وقد خلق ذلك استياء كبيرا لذى الجمهور الذي انتظر طويلا.
ولعل اختياره لأحد أغانيه لازمة “أد أغ داغ ءور تروبلم” (لا تزعجونا من جديد”.)، جوابا لكل من ينتقد اختياراته الفنية ونظرته للحياة. كما أن اعتقاد البعض بأن “الطرب السوسي انتهى بموت صالح الباشا”، ناسين بذلك كل القامات الفنية في مجال الروايس، السابقين والحاليين، وكذا القادمين، دليل على قدرة الرايس صالح الباشا، وفي فترة زمنية قصيرة، على كسب القلوب، ولذلك كانت وفاته “المفاجئة”، صدمة لمحبيه، ولكل من يتابع أغانيه، وحتى لمن لا يعرفه، ولم يكتشف مكانته إلا بعد وفاته.
فرحم الله صالح الباشا، وتبقى أرض سوس ولادة لعلماء وفنانين لا يجدون تناقضا بين المجالين. وأكيد سيظهر من جديد من سيطربنا

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News