الاقتصاد

ما حقيقة المنافسة غير المشروعة للطماطم المغربية في السوق الفرنسية؟

لم يتردد مزارعون في فرنسا في الشكوى مما يعتبرونها منافسة غير مشروعة، يتعرضون لها عبر واردات منخفضة التكلفة لمنتجات فلاحية آتية من بلدان تربطها اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وكان للطماطم المغربية بفرنسا نصيب من النقاش الدائر في ذلك البلد، الذي تظاهر الفلاحون فيه منذ فترة؛ بسبب الزيادة في ضريبة الوقود وتدني الأجور والضرائب المرتفعة والقيود التنظيمية التي يرون أنه تتم المبالغة فيها.

وقد دخلت الحكومة الفرنسية في حوار مع المزارعين، مقدمة وعودا بتوفير مبالغ نقدية وتخفيف القواعد التنظيمية والحماية من “المنافسة غير المنصفة”.

غير أن النقاش انصب، كذلك، على اتفاقيات التبادل الحر مع عدة بلدان، حيث نددت نقابات زراعية فرنسية بما تعتبرها “منافسة غير مشروعة”، عبر تلك الاتفاقيات الموقعة في إطار الاتحاد الأوروبي، والتي ترمي إلى تقليص حقوق الجمرك وإرساء حصص بالنسبة لبعض المنتجات الزراعية والحواجز غير الجمركية.

في هذا السياق، لم يتردد رئيس فيدرالية نقابات الاستغلاليات الزراعية، دافيد سيف، في تصريح أوردته إذاعة فرنسا الدولية، في تبريره في وقت سابق، رفض تعليق الحواجز على إحدى الطرق السيارة بكونها “تعتبر معبرا لآلاف الشاحنات المملوءة بالفواكه والخضر الآتية من إسبانيا والمغرب التي تقتل فلاحتنا”.

وتحدثت جمعية منتجي الطماطم والخيار بفرنسا عن منافسة غير مشروعة؛ حيث ضربت مثلا بالأسعار التي يستحيل في تصورها منافستها، وكلفة اليد العاملة المغربية الرخيصة، مشيرة إلى المعايير البيئية غير المشابهة لتلك المعمول بها في فرنسا.

المزارعون الذين يطالبون بإصلاحات، في إطار الاتحاد الأوروبي تستحضر هواجس الحمائية لديهم، يعتبرون أن صادرات المغرب من الطماطم ارتفعت من 400 ألف في موسم 2021-2022 وإلى 430 ألف طن في الموسم الماضي.

غير أن ذلك الرقم لا يعني أن تلك الصادرات تصرف في السوق الفرنسية، بل يعاد توجيه جزء منها إلى أسواق أخرى أوروبية.

وقد بلغت قيمة صادرات المغرب من الطماطم الطرية في عام 2022، حسب مكتب الصرف، إلى الاتحاد الأوروبي حوالي 7,98 مليار درهم، مسجلة زيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بعام 2021، غير أنها تمثل 3,3 في المائة من مجمل الصادرات المغربية الرئيسية إلى ذلك الفضاء.

ويذهب رشيد بنعلي رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، التي تضم جمعيات وفيدراليات فاعلة في القطاع الزراعي إلى أن المبادلات مع فرنسا والاتحاد الأوروبي تتم في إطار اتفاقات يمتثل لها الفاعلون المغاربة.

ويشير إلى أن الصادرات الفلاحية من المغرب تتم في إطار الحصص التي يكفلها الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي، وعندما يحدث أن يتجاوز المصدرون تلك الحصص، تخضع الصادرات للتدابير الجمركية العامة، التي تقضي بأداء رسوم جمركية لا تتم الاستفادة فيها من الامتيازات التي يمنحها الاتفاق الفلاحي.

ذلك ما يؤكده بدوره الحسين أضرضور، رئيس الفيدرالية البيمهنية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه بالمغرب، الذي يرى أن الصادرات المغربية لا تشكل منافسة غير مشروعة للمنتجين الفرنسيين، حيث تخضع لضوابط تضعها الاتفاقات التجارية، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن الدفع بأن المهنيين المغاربة يستفيدون من تكاليف أقل من نظرائهم الفرنسيين محض ادعاء لا يسنده غلاء المدخلات وكذلك النقل الذي يتحمل مصاريفه المصدرون المغاربة.

وينبه رشيد بنعلي إلى أن المغرب يعاني من عجز تجاري مع فرنسا في ما يتصل بالمبادلات التي تنصب على المنتجات الفلاحية، حيث يأتي ذلك العجز من واردات القمح من ذلك البلد.
وتشير بيانات مكتب الصرف، إلى أن فاتورة واردات المغرب من القمح من فرنسا بلغت في العام ما قبل الماضي مثلا 13,11 مليار درهم، بزيادة بحوالي 10 ملايير درهم، مقارنة بعام 2021.

هذا ما يدفع بنعلي إلى التأكيد على أهمية تنويع أسواق صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية بهدف عدم الارتهان للسوق الأوروبية.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى