المغرب اليوم

ما جمع بين أبوليوس وأزولاي الأمازيغيين من ظلم..

هذا نص “مرافعة” مستوحاة من محاكمة الكاتب والمستشار الأمازيغي أبوليوس، الذي دافع عن نفسه في القرن الثاني الميلادي ضد تهمة السحر في محكمة مسرح صبراتة، مع محاولة مقارنة، تُقارن موقفه بمستشار ملكي أمازيغي معاصر مثل أندريه أزولاي، الذي أتهم في الشارع العام بأبشع النعوت. وتمت “محاكمته جماهيريا وإدانته بدون وجه حق” إنه صك تبرئة في الدفاع عن الحقيقة، الفكر، والهوية. والذاكرة المشتركة.

يا سادتي، أيتها العقول المتعطشة للإنصاف، نقف اليوم عند مفترق الطرق بين العدل والبهتان، بين النور والظلمة، بين صوت الحق وهمسات الزيف. جئناكم لا نطلب فضلاً ولا نستجدي رحمة، بل نلقي أمامكم الحقيقة عارية كما الشمس، لا تحجبها غيوم المراوغة ولا تسدل عليها ستائر الباطل.

أيها المتظاهرون، أليس التاريخ أصدق الشهود، وهو الذي لا يشيخ ولا يموت؟ أليس للحقيقة لسان ينطق، وإن حاولوا خنقه؟ ألا يحمل الحجر أثر اليد التي صقلته وكتبت عليه، كما يحمل الدهر صدى أفعال الأجيال؟

جئتم تتهمون، وتحملون بين أيديكم دفاترَ كتبتها الأهواء، لكننا نحمل بين أضلعنا يقينًا نقشته الأيام. قلتم إننا أخطأنا، فمن ذا الذي لم يخُطئ؟ لكن هل يُساوى المذنب بالبريء؟ هل يُقطع النهر لأنه فاض يومًا؟ هل يُجتث الشجر لأنه تساقط منه ورق في الخريف؟

أيها السادة، أيها المتظاهرون. إن الحق كالسيف، لا يصدأ إن تُرك، ولا ينكسر إن لاقى الحديد. وإننا هنا، لا ندافع عن شخص، بل عن فكرة، لا عن فرد، بل عن مبدأ. إن جدران هذا جدران هذا البلد، وما فوق ترابه، وما تحته، ستشهد على ما نقول، وإن أنكر السامعون، فالأرض تحفظ صدى الخطوات، والتاريخ لا ينسى.

فاحكموا بما شئتم، لكن اعلموا أن عدل اليوم هو ذكرى الغد- إن تمكن سترون- وأن كلمة واحدة قد تصنع مجدًا، أو تهدم حضارة. احذروا أن تظلموا، فإن للظلم أنيابًا تنغرس في رقاب أصحابه. وإننا هنا، لا نرهب الحكم، بل نذكّركم بأن من يقف على منصة الاحتجاج اليوم، قد يجد نفسه غدًا في قفص الاتهام أمام التاريخ.

وأما نحن، فسنمضي مرفوعي الرأس، لا تنحني جباهنا إلا للحقيقة، ولا تطأطئ نفوسنا إلا لعظمة العدل. وإن كنا اليوم وحدنا، فإن الغد سينصفنا، والتاريخ سينطق يومًا بما خنقته الأبواق الزائفة.

فما قولكم؟ أتدفعون بالعدل أم تستسلمون للظلم؟

الحسين بوالزيت
صحافي وباحث في التاريخ

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى