
لحسن السعدي: إقليم تزنيت نموذج للمنظومة المحلية للمجوهرات ولحلي الفضة..
كلمة لحسن السعدي كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني في افتتاح الدورة 13، لمهرجان تيميزار للفضة بتيزنيت ..ننشرها كاملة لأهميتها:
“يسرني اليوم غاية السرور أن أشارك في هذا اللقاء المبارك الذي يتوج كل سنة العمل الذي يقوم به حرفيو قطاع الحلي والمجوهرات الفضية بهذا الإقليم، والذي يشكل مكونا أساسيا ضمن النسيج الاقتصادي والاجتماعي بهذه الجهة. ويمكن تفسير العناية التي يحظى بها هذا القطاع ضمن برامج التنمية لكتابة الدولة، كونه كانت له دائما جدور وعلاقة وطيدة ومكانة خاصة في وسط مجتمعنا المغربي العريق المتشبث بتراثه الحضاري والفني، من جهة، والحريص، من جهة أخرى، على تطويره لمسايرة التغيرات والاستجابة للأذواق والرغبات المتجددة سواء على مستوى السوق الداخلي أو الخارجي.
إن أهمية الحلي والمجوهرات ودورهما في حياة الإنسان منذ أقدم العصور، قد جعلت منهما موضوعا خصبا للعديد من البحوث والدراسات. فقد عرف هذا القطاع تطورا ملموسا رافق التحولات التي عرفتها المجتمعات المتعاقبة، باستعمال بعض المواد والأدوات التي ابتكرها الإنسان في هذا المجال كالأحجار النفيسة أو العاج أو العظام، وبدأت الحلي تفرض نفسها كنمط لاهتمام الإنسان بذاته وبشكله الخارجي.
وقد برزت منتجات هذا القطاع لتصبح لصيقة بالتجميل والتميز الاجتماعي والقبلي، بالإضافة إلى كونها أمست تشكل مكونا أساسيا ضمن الثقافة المحلية السائدة، باعتبارها مظهرا للموضة وتطور الأذواق سواء بالنسبة للمرأة أو للرجل.
إن الموقع الجيوستراتيجي للمغرب، كجسر بين قارتين مختلفتي الثقافات، جعل منه محطة للعديد من الحضارات التي انصهرت مع الحضارة المغربية وهذا التفاعل هو الذي مكن بلادنا من رصيد تراثي غني ومتنوع، من ضمنه منتجات صناعتنا التقليدية، ومكنه على الدوام من الانفتاح على ثقافات أخرى والتعايش معها مع الحفاظ على هويته الأصيلة.
وموازاة مع التطور الذي شهدته باقي فروع الصناعة الحرفية، فقد كان للحلي الفضية نصيبها في هذا المجال، بفضل جهود صياغينا المهرة الذين استطاعوا، بالرغم من المنافسة الأجنبية وبعض الإكراهات البنيوية والهيكلية، المحافظة على هذا المنتوج وضمان استمراريته وتطوره.
وانطلاقا من هذه الأهمية التي يتميز بها هذا الفرع، وتنفيذا لتوجهات كتابة الدولة وبرامجها لتنمية الصناعة التقليدية، خاصة في محورها المتعلق بدعم الصناع الفرادى بالقطاعات التي حظيت بالأولوية ومنها قطاع الصياغة، تم تسطير وتنفيذ عدد من البرامج نهدف من خلالها إلى استغلال المعدات الحديثة للإنتاج لربح الوقت وتخفيض التكلفة وذلك لكونها لا تؤثر على اللمسة المتميزة للصانع وأصالة المنتوج التقليدي وهو ما يمكننا من تجاوز مجموعة من الإكراهات المرتبطة بالتطورات التكنولوجية السريعة وبالتحولات الناتجة عن متطلبات وتوجهات السوق التي تتغير باستمرار.
من جهة أخرى، وموازاة مع ضرورة مسايرة الصناع لمستجدات المحيط التقني والاقتصادي، فإن كتابة الدولة تركز في تدخلها ومواكبتها على جانب التجديد والإبداع وتثمين المهارات الحرفية، لكونها من أهم الركائز الضرورية لضمان استمرارية الحرفة وتطويرها. فالعلاقة بين توسيع النسيج الاقتصادي للقطاع وانفتاحه على التجديد والإبداع علاقة بديهية وجب العمل على تعزيزها وتثبيتها.
مواصلة لبرامج الدعم والمواكبة التي ننفذها لفائدة صياغينا بهذا الإقليم العريق الذي يحظى بمكانة خاصة لدينا، حرصنا، بمعية شركائنا المركزيين والمحليين، بناء على مقاربة المنظومة على وضع برنامج مندمج ومتكامل يشمل كل حلقات سلسلة الإنتاج بدءا من المادة الأولية مرورا بالإنتاج ثم التسويق وكذا الجانب الهيكلي والبنيوي الهدف منه تثمين المنتوجات المحلية ودعم الفاعلين في هذا القطاع وتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للسكان المستفيدين.
وقد تم في إطار منظومة الحلي والمجوهرات، بعد تشخيص دقيق لهذا القطاع، من توقيع اتفاقية شراكة بين عدة وزارات وقطاعات حكومية لتنظيم وتثمين وتطوير هذه المنظومة من أجل تجاوز الاكراهات التي تعترضها. وسيتم، تنفيذا لهذه الاتفاقية الإطار، توقيع اتفاقيات خاصة تهم الأقطاب المحلية للحلي والمجوهرات.
وقد اخترنا إقليم تزنيت كنموذج بالنسبة لهذه الاتفاقيات الخاصة، حيث سيتم في الأيام المقبلة توقيع اتفاقية خاصة تهم قطب أو cluster أو المنظومة المحلية لمجوهرات تزنيت وذلك في أمل تثمين هذا القطاع في هذا الإقليم العزيز علينا.
ومن خلال هذه الاتفاقية سيتم إحداث هيئة مركزية لاقتناء المادة الأولية المتعلقة بالفضة وانشاء مركز لتحويل هذه المادة الى منتوجات قابلة للصياغة.
كما أن البرامج الطموحة التي يتم تنفيذها في إطار مبني على الشراكة والتعاون والتنسيق مع مختلف الفاعلين في الجهة من أجل تسريع وثيرة إنجاز بعض مشاريع البنيات التحتية الخاصة بالإنتاج أو العرض لتوفير محلات مهنية مهيكلة، تستجيب لحاجيات الحرفيين والمهنيين خاصة لتحسين ظروف اشتغالهم وتعزيز مساهمتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية في إطار منظور تنموي منظم ومستدام يراعي جودة البنيات التحتية.
وستمكن هذه البرامج من دعم التسويق وتوفير فرص شغل إضافية وكذا تحسين مداخيل الحرفيين الذي يعتبر هدفنا الأسمى لدعم الاقتصاد المحلي عموما. وهذه المشاريع تهم عددا من الجماعات نذكر منها أنزي وأملن وسيدي بوعبد اللي وأربعاء الساحل.
وفي هذا السياق، وخلال هذه السنة، حرصت كتابة الدولة، بتعاون وثيق مع شركائها، على توقيع أو الإعداد لتوقيع عدد من اتفاقيات الشراكة، نذكر منها ما يلي:
اتفاقية إطار تهم منظومة الحلي والمجوهرات، تم توقيعها مع عدة قطاعات حكومية وجمعيات مهنية (كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني والوزارة المكلفة بالميزانية ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة والوزارة المكلفة بالاستثمار وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وجامعة غرف الصناعة التقليدية وفيدرالية مقاولات الصناعة التقليدية)؛
اتفاقية شراكة لتنمية وإنعاش الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالجماعة الترابية سيدي بو عبد اللي. تهدف هذه الاتفاقية إلى إحداث وتجهيز فضاء مخصص لعرض وتسويق منتوجات الصناعة التقليدية، والمنتجات المرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني. والغاية من هذا المشروع هو تثمين المنتوجات المحلية ودعم الفاعلين في هذا القطاع، إلى جانب تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للسكان المستفيدين، وذلك من خلال إحداث فضاء تسويقي دائم يُسهم في تحسين دخل الفئات المستهدفة والنهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية؛
اتفاقية شراكة من أجل احداث وتجهيز منطقة الحرف والخدمات بجماعة أربعاء الساحل. تهدف هذه الاتفاقية إلى تعبئة الشراكات والموارد اللازمة من أجل إحداث المشروع على وعاء عقاري تبلغ مساحته 1000 متر مربع. ويهدف هذا المشروع إلى إحداث فضاء مهني مكون من 25 محلاً لفائدة الحرفيين والمهنيين في مجالات: النجارة، الحدادة، نجارة الألمنيوم، وغيرها من الأنشطة الخدماتية؛
اتفاقية شراكة من أجل تأهيل سوق الصناعة التقليدية بجماعة تافراوت. تهدف هذه الاتفاقية إلى تأهيل سوق الصناعة التقليدية لفائدة الصناع التقليديين الذي يتضمن أشغال تأهيل وترميم 15 محل للعرض والبيع وفضاءات مشتركة ومرافق صحية والتهيئة الخارجية والربط بشبكة التطهير السائل والماء والكهرباء؛
اتفاقية شراكة من أجل احداث وتجهيز فضاء لعرض وبيع منتوجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بجماعة تافراوت. تهدف هذه الاتفاقية إلى انجاز مشروع لأنشطة تهم الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي وذلك بإحداث وتجهيز فضاء لعرض وبيع منتوجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بهذه الجماعة التي تعتبر واحدة من المناطق الخلفية لمدينة أكادير(arrière-pays) والتي تساهم وتكمل مؤهلاتها السياحية وبالتالي من الضروري تأهيلها من أجل توفير عرض متنوع للسياح المتوافدين على المنطقة لا سيما من حيث منتوجات الصناعة التقليدية والمحلية؛
اتفاقية شراكة لتنمية وإنعاش الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالجماعة الترابية لاملن. تهدف هذه الاتفاقية إلى انجاز مشاريع وأنشطة تهم الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بتراب جماعة أملن والتي تعتبر واحدة من المناطق الخلفية لمدينة أكادير، التي تساهم وتكمل مؤهلاتها السياحية وبالتالي من الضروري تأهيلها من أجل توفير عرض متنوع للسياح المتوافدين على المنطقة لا سيما من حيث منتوجات الصناعة التقليدية والمحلية. وتتمحور هذه المشاريع حول احداث وتجهيز فضاء لعرض وبيع منتوجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتجهيز مركزين للتمكين والتأهيل الحرفي للنساء بدواري أسكين وإغالن وتنظيم معارض للمنتوجات المجالية والصناعة التقليدية: معرض بالموازاة مع فعاليات مهرجان تيفاوين ومهرجان اللوز ومعارض أخرى ؛
اتفاقية شراكة حول دار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بمركز “تنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الحاج محمد بوركوز” بجماعة تيزنيت.
تهدف هذه الاتفاقية إلى إحداث فضاء قار ومجهز لعرض وتسويق منتجات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بمركب الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوركوز” بالجماعة الترابية لتيزنيت. يتمثل المشروع في تهيئة وتأهيل وتجهيز وتنشيط دار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، المشار اليها أعلاه، بإرساء قواعد منصة ذات طابع استراتيجي، لا تقتصر وظيفتها على توفير فضاء مادي لعرض وترويج المنتجات، بل تُعدّ مشروعًا تنمويًا متكاملًا يهدف إلى تحفيز الدينامية الاقتصادية المحلية، وتعزيز أسس العدالة الاجتماعية، مع ضمان إدماج اقتصادي منصف ومستدام، يتيح تحسين شروط العيش ويعزز تموقع الفاعلين في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ضمن المنظومة التنموية للجهة. ويشكل هذا الفضاء رافعة مهمة للنهوض بهذا القطاع محليًا وجهويًا ووطنيا؛ فضلا عن توقيع عدة اتفاقيات مع المجتمع المدني على صعيد جهة سوس-ماسة.
فضلا عن ملحقين تعديلين : الاول يتعلق باتفاقية الشراكة المتعلقة بإنجاز مجمع للصناعة التقليدية بجماعة أنزي يهدف إلى تعديل المادة الثالثة من اتفاقية الشراكة المبرمة بين الأطراف المتعاقدة من أجل إنجاز مجمع للصناعة التقليدية بجماعة أنزي والثاني خاص باتفاقية الشراكة المتعلقة بإحداث مركب حرفي للفخارة بتزنيت يهدف إلى تعديل بعض بنود االاتفاقية وإضافة بنود جديدة لاتفاقية الشراكة المتعلقة ببناء مركب حرفي للفخارة بتزنيت وذلك قصد استكمال أشغال البناء والاشغال النهائية للمشروع
كما أنه تم تخصيص اعتمادات مالية ضمن ميزانية كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، من أجل تهيئة مجمع الصناعة التقليدية بمدينة تيزنيت، حيث الأشغال حالياً في طور الإنجاز.
وبهذه المناسبة، أعلن لكم عن أن كتابة الدولة ستطلق تنفيذ عدة برامج وطنية انطلاقا من جهة سوس-ماسة. ونخص بالذكر جائزة أمهر صانع في نسختها التاسعة وقافلة مهني لتنفيذ جميع الاتفاقيات التي تم توقيعها على الصعيد الوطني.
ولا تفوتني الفرصة هنا دون أن أنوه بأوجه التعاون والدعم الذي تقدمه السلطات المحلية للقطاع بالإقليم وعلى رأسها السيد العامل وأوجه كامل عبارات التقدير والاحترام كذلك للسادة رؤساء المجالس الإقليمية والجماعات الترابية والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان ورئيس غرفة الصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة وجمعية تيمزار ورؤساء الغرف وممثلي الصناع وأتمنى المزيد من التوفيق لهذا القطاع الذي يشكل رمزا حقيقيا لتراثنا الوطني ومكونا هاما للاقتصاد المحلي، لنكون جميعا عند حسن ظن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News