الرأيالعالم اليوم

لايعنينا قرار محكمة العدل الأوربية..

“المغرب ليس طرفًا في هذه القضية، التي تخص الاتحاد الأوروبي من جهة، و”البوليساريو” المدعوم من الجزائر من جهة أخرى. المغرب لم يشارك في أي من مراحل هذه الإجراءات، وبالتالي لا يعتبر نفسه معنيًا بهذا القرار”.

هي الفقرة الأكثر وضوحا في بيان وزارة الخارجية المغربية حول قرار محكمة العدل الأوربية القاضية ببطلان الاتفاقيات الزراعية والصيد البحري بين المفوضية الأوروبية والمملكة المغربية التي ابرزت حسب البيان انها لم تشارك أصلاً في أية مرحلة من مراحل هذه المسطرة..

وبالتالي فالقرار لا يعنينا بالمرّة..
بل يعني – حسب قراءتي– وبناءً على المعطيات الطرف الآخر في عقد الاتفاقية اي المفوضية الأوروبية والراغبة في استمرار العمل بالاتفاقيتين حسب مقالاتها الترافعية أمام المحكمة على اعتبار أن إلغاءهما سيؤدي إلى إلحاق أضرار باقتصادات مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي، على غرار إسبانيا التي تستفيد نحو 100 من سفنها من الصيد في المياه المغربية، إلى جانب حاجة الأسواق الأوروبية لاستيراد المنتجات الزراعية المغربية..

لذلك جاء البيان ليخاطب المفوضية الأوروبية والإتحاد الأوروبي من موقع القوّة منبّهة الجميع إلى احترام الالتزامات وتوفير الأمن القانوني للإتفاقيات وفق مبدأ ” العقد شريعة المتعاقدين” ليضيف البيان المغربي تذكيراً مهما وحاسماً وبصيغة الوضوح القطعي أمام تأويل ذات الصلة بالسيادة الوطنية على أقاليمه الجنوبية :
” يجدد المغرب التأكيد على موقفه الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية “.

هو البيان الذي التقطت الجهات المعنية رسائله المشفرة وقرأت جيّداً بين السّطور لياتي الجواب سريعا زوال نفس اليوم الجمعة وعبر تصريح مشترك بين فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية والسيد بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي في هذا التصريح المشترك، وهو أعلى رد سياسي للاتحاد الأوروبي : ” إن الاتحاد الأوروبي، الذي يجمعه تعاون وثيق مع المغرب، يعتزم بشكل حازم الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع المملكة في جميع مجالات الشراكة مع المملكة المغربية”.

كما نسجل في هذا السياق تصريح وزير خارجية اسبانيا
” العمل مع الاتحاد الأوروبي والمغرب من أجل الحفاظ على هذه الشراكة المتميزة ومواصلة تطويرها”.

وهو موقف نظيرتها الفرنسية “التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب، وعزمها على مواصلة تعميقها “.

هي المؤسسات والدول التي يعنيها الأمر أمّا بلدنا فقد حدد صاحب الجلالة للجميع قبل القرار بثلاث سنوات اسم النظارات المحددة للشركات مع الدول والجهات الإقليمية وهي الصحراء المغربية.. انتهى الكلام في هذا الثابت والراسخ.. ولوصعدوا إلى المريخ على قول بوريطة ذات سياق.

لكن النهج الاستباقي للدبلوماسية المغربية في تعاملها مع هذه المؤسسات القضائية الأوربية ومحاولة تجاوز ابتزازها كما كان سابقا نتذكر بالمناسبة ما يماثل نفس القرار سنة 2015 ولم يتغير أي شيء..

سوى ان مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم الذي اعتمد في بناء الشراكات مع دول الاتحاد الأوروبي بشكل ثنائي، استنادا إلى موقفها من ملف الصحراء، محققاً بذلك العديد من الاختراقات على هذا المستوى الدبلوماسي بما في ذلك مناطق كانت “عصية” عليها إلى وقت غير بعيد، مثل المنطقة الاسكندنافية،

كما جاء على لسان ناصر بوريطة، خلال ندوة صحفية جمعته بوزيرة الشؤون الخارجية والأوروبية بجمهورية سلوفينيا، تانيا فاجون، التي عبرت بلادها أيضا عن موقف إيجابي من قضية الصحراء، إن “16 أو 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي تعبر عن دعمها للمقترح المغربي بصيغ مختلفة، مثل تثمين أو تقدير مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية..

هو نفسه قال على هامش الحديث عن تجديد البروتوكول مع الاتحاد الأوروبي قبل سنتين وهو يحدد نظرة المغرب لهذه الشراكة قائلاً “ المغرب ينظر للشراكة مع شركائه، ليس من منطق أن يأتي الشريك ويأخذ الموارد ويؤدي الثمن ويرحل،

المغرب اليوم لا يرى الشراكات بهذه الأشكال المتجاوزة، بل يفكر في الشراكات من موقع رابح – رابح وبصيغة الندية بين الطرفين ”

بناءً على كل ماسبق أكاد أقول بأن القرار بقدر ما أنّه لا يعنينا فهو لم يسئنا أيضاً لان الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي الذي تمّ توريطه بهذا القرار..

وكما يقول المثل الانجليزي :

” لا يستيقظ الأسد كل يوم ليطمئن على رأسه.”
فقوّتنا الحقيقيّة والروحية لا تحتاج إلى إثبات يومي أمام أحد كيفما علا شأنه..أمّالدّمى الجزائرية فقد فقدت تأثيرها حتّى الأطفال..

يوسف غريب كاتب صحفي.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى