الرأي

 قيود الإنسان ومجد الصمود: تأملات في مقاومة الانكسار

  • بقلم: حسن كرياط//

في فوضى الحياة حين تضيق السبل، وتتشابك الأسئلة كعُقَدٍ في عقلٍ حائر، تبرز الإرادة كضوء خافت في نفق طويل. الحياة لا ترأف بأحد، وقد تصفعك بقسوة، تارة بأسئلة لا أجوبة لها، وتارةً بقهرٍ يستمدّ سطوته من خنوع الآخرين. ولكن، ما القيمة الحقة للإنسان إن لم يكن له موقف، وإن لم يختر مساره عن قناعة ويصمد فيه حتى الرمق الأخير؟

إنّ الذين يسيرون عكس التيار لا يفعلون ذلك عن عناد، بل لأنهم يملكون رؤية، ويمتلكون الشجاعة لرفض الانحناء أمام رياح الابتزاز أو سلاسل الخنوع. الأصفاد التي توضع لتكبل الأحرار لا ينبغي أن تُخيف، بل يجب أن تُلهم. فهي الدليل على أنك تشكل خطراً على منظومة الزيف.

لا مكان هنا للتراجع، لا للاستسلام، ولا للركوع. فالقرار الذي يُتخذ عن وعي، يمنح صاحبه سلطة لا تمنحها قوانين الأرض. هو القانون الأخلاقي الداخلي، هو صوت الضمير حين يصير أعلى من كل الأصوات، ولو صرخت في وجهه الدنيا كلها.

اجعل من قيدهم تحدياً، ومن تعسفهم وساماً على جبين كرامتك. مت وأنت واقف، إن كان لا بدّ من الموت، ولا تترك للنفس الأمارة مجالاً لتقايضك على المبادئ. الحقد لا يصيب إلا من يشعر بالدونية، فلا تجزع من كلامهم، وكن لنفسك ناصراً.

آمن بعدالة السماء، فإنها لا تخطئ ميزانها. في النهاية، كل الخصومات تحسم أمام من لا يُظلم عنده أحد. لا تيأس إن تأخرت أحكام الأرض، فالعدل الإلهي لا يُخطئ. واذكر دوماً: إن كنت على حق، فإن الله معك، وإن كان الله معك، فلا تحزن.

فلتكن كأيوب في صبره، وكالصخر في صمته، وكالجبل في شموخه. كن من أولئك الذين إذا نطقوا، صمت الجاحدون، لا خوفاً، بل إقراراً بعظمة الموقف.

هكذا يُصاغ المجد… لا على الورق، بل في صمت الرجال وهم يصمدون.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى