
قبل أن تنهار البيوت!
- الطيب أمگرود//
في السعودية، وبإيعاز من الغرب، صنع التيار الوهابي، وهذا باعتراف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رصدت لتصدير ذلك الفكر الملايير، وجيشت جحافل الشيوخ ومن يسمون اليوم “علماء” والعلم منهم براء، وانتشر الفكر النكوصي في مختلف البلدان التي كانت ترزح تحت التخلف انتشار النار في الهشيم.
شرقا وغربا، تنافس المجيشون في تكبير القطعان، سال السيل نحو المغرب، ونفخ فيه من قبل من كان له من نشره مآرب تفوق التي كانت لموسى في عصاه، منعت الفلسفة وفتحت الجامعة على مصراعيها أمام جحافل المقصرين الجلباب القاصين الشوارب العافين عن اللحى، واختزل التدين في الطاقية وتقصير السروال وإطلاق العنان للحية وتحويل الساعة لليمنى، وتواصل الابتلاع.
ابتلعت بالوعات الصرف الوهابي أبناء المغاربة عبر مختلف ما أتاحه العلم والتيكنولوجيا، وركب على حاجة الناس وآلامهم وآمالهم، وأطل الشيوخ من على قنوات تفوح منها رائحة البترول ومنصات تفوح منها رائحة الخرافة والدجل، وأغدق العطاء على كل من يستطيع لعب الدور وسط قطيع عطلت عقول خرافه بعد عقود من التضبيع، وكان ما كان.
في الدشيرة كما في كل البقاع، لا يتوقف السيل على جرف المزيد من البسطاء التفكير، في الدشيرة اختير شعارا للجمع قبل أن تنهار البيوت، فحج الناس من كل فج عميق للتملي بطلعة عالم من علماء الأمة، يخلط الفيزياء بنواقض الوضوء واللسانيات بالحيض والنفاس، وقعد يخطب فيهم ساعات دون أن يفهم أحد ما قال، وكيف سيحمي بيوت سكان الدشيرة من الانهيار.
أبنفس الطريقة التي حمت بها طالب___ان بيوت الأفغان وضمنت لهم أرقى مظاهر العيش والحياة الكريمين؟؟؟
أبنفس الطريقة التي حمت بها داحش بيوت العراقيين والسوريين من الانهيار؟؟؟
أبنفس الطريقة التي حمى بها الجولاني ومن معه بيوت وأرواح ومصالح السوريين؟
أم بالطريقة التي حمى بها العرب الفاتحون كل المناطق التي فتحوها فتحا واغتصبوها اغتصابا وسرقوا الناس وأحرقوا الأراضي وسبوا النساء والأطفال ونقلوها لدمشق للاستغلال الجنسي والاستعباد؟
لم يخبرنا العمري ومن معه، كيف سيحمون البيوت من الانهيار، أباستعادة ما كان قبل 1446 سنة من مظاهر الرقي القيمي والأخلاقي والاقتصادي؟؟
إن حماية البيوت من الانهيار يتمثل في الابتعاد عن الناس والتوقف عن استغلال مشاعرهم الدينية من أجل أهداف سياسية خسيسة تتطلع لتدمير الدول وتخريبها، وتدمير لغات وثقافات الشعوب من أجل تسييد لغة وثقافة وحيدتين.
إن حماية البيوت يتم عبر تمتيع الناس بالفكر العقلاني الذي مركزه التحليل والنقد، وليس تعطيل عقولهم، وشحن رؤوسهم ببضاعة الوهابية التي بارت في المنبع، ليلتقطها شيوخ الفتنة والضلال ويجعلوها أصلا تجاريا يقتاتون منه.
إن حماية البيوت يقتضي مساعدة الناس في ما يقومون به من جهود للتأسيس لدولة مدنية تقطع مع الخرافة والأسطورة والوصاية وتفتح المجال للإبداع والعقل والابتكار.
إن حماية البيوت يقتضي تعليم الناس الاعتماد على أنفسهم في البحث على حلول لمشاكلهم كأفراد ومشاكل مجتمعاتهم، وليس إقناعهم بكون الحلول تكمن في إعادة عقارب الساعة نحو الوراء أربعة عشر قرنا.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News