
في وداع الفنان والصديق مصطفى الشاطر: كناوي إزنزارن يترجل.
- د.محمد همام //
فقدت الساحة الفنية المغربية اليوم فنانا كبيرا الأستاذ مصطفى الشاطر، عازف الهجهوج في مجموعة إزنزارن. هو ابن مدينة إنزكان؛ تنفس هواءها ونشأ في أزقتها القديمة. ويعتبر منتوجا أصيلا لهذه المدينة المعطاء. عرفته المنصات الفنية ضمن مجموعة إزنزارن، في سوس والمغرب والعالم.
ينتج رفقة المايسترو إكوت عبد الهادي جملا موسيقية وألحانا يحفظها الصغير والكبير في سوس، ويتغنى بها الناس في محافلهم ومٱتمهم، وفي مناسباتهم المختلفة، وتقلدها المجموعات الأخرى ولم تستطع تجاوزها، ولا التحليق الموسيقي خارج قبضتها. ساهم التحاقه بإزنزارن نهاية سبعينيات القرن الماضي في إحداث تحولات في الأداء الموسيقي لإزنزارن، من خلال التلاقح بين أداء الهجهوج والبانجو، والتلاقي بين الرافد المغربي المحلي والرافد الإفريقي، وكلاهما كان تواقا إلى التحرر والتطور والإثبات الوجودي، من خلال الارتباط بالأرض وبالجذور، وبتجذير هذا الانتماء وبتكثيفه في الموسيقى وفي الأداء وفي الكلمات، وهو مايلحظه كل متذوق للأداء الغنائي لإزنزارن. وكان الفنان مصطفى شاطر، رحمه الله، عنصرا مساعدا للأستاذ عبد الهادي في تركيب أداء موسيقي ولحني تتفاعل فيه هذه المكونات جميعها.
الفنان مصطفى الشاطر، رحمه الله، كناوي بلون أبيض؛ يعزف على الكنبري بروح إفريقية، ويوحي، وهو على المنصة، أنه هادئ، والحقيقة أنه يعيش حالة من التوتر عالي المستوى. يعرف قيمة الكيمياء التي تبدعها إزنزارن بأغانيها، كلمات وموسيقى وأداء صوتي وصيحات… ويعرف قيمة أن تكون مطالبا بالانضباط داخل هذه الكيمياء مع عناصر كل واحد منهم يشكل حالة فنية استثنائية، ويعرف قيمة الانسجام، جوابا وردا ومواكبة وانتباها، مع عازف من حجم عبد الهادي.
عاش المرحوم عمرا فنيا زاخرا، يكفيه شرفا أن كان من بين مشيدي معمار إزنزارن العظيم، بأبعاده الفنية والأخلاقية والإنسانية. أعطى ولم يأخذ، كما مجموعة إزنزارن، وظل وفيا للرسالة الفنية التي ٱمنت بها مجموعته، لم يبدل، ولم يغير جلده، داخل إزنزارن وخارجها. عاش مؤمنا مسكينا ومات مؤمنا مسكينا. والسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث مؤمنا مسكينا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنزكان: الثلاثاء11فبراير2025.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News