الثقافة

عيد الأضحى: ضغط المجتمع المادي أهمل السنة النبوية

عيد مبارك للجميع.. لكن، بعد التهاني والمباركة، أليست هذه فرصة سانحة لكي نطرح مجددا للنقاش، كل الضغط الذي يمارسه هذا العيد على الأفراد والأسر، وكيف تحور عن أهدافه الأولى؟

ككل سنة، نعود، للأسف، لنفس مواويل الدم والذبح والضغط المادي.. باسم سنة نبوية لم يعد لها من الجوهر إلا الاسم، لتتحول لضغط مجتمعي ومادي رهيب على معظم الأفراد والأسر.. والقليلون فقط من يسائلونها أو يرغبون في تغييرها؛ بمن فيهم أولئك الذين يدركون أن الضغط المجتمعي في سلوكهم أعظم من رغبتهم في تطبيق السنة!

في المغرب، وخلافا لمعظم دول المنطقة، تحول عيد الأضحى من سنة دينية… إلى طقس اجتماعي شبه إلزامي. مهما كان دخل الأسر، فشراء خروف العيد أصبح من أركان الثقافة المجتمعية.

في النهاية.. تصبح فرائض المجتمع أسبق من سنن الدين!

عيد الأضحى، في بعده الديني، يفترض أنه سنة وأن هدفه أيضا التصدق على الفقراء… لكن المجتمع حوله لإكراه مادي ومجتمعي تعيشه معظم الفئات، وعلى الخصوص الأسر الفقيرة والمتوسطة.

يعاني الكثيرون لشراء كبش العيد، لأنهم لا يستطيعون، أمام الجيران والأهل والزملاء، أن لا يشتروا الأضحية، ويحبذ أن تكون هذه الأضحية كبيرة وغالية. في السنوات الأخيرة، صرنا نسمع عن خرفان يصل ثمنها لألف دولار! وصارت العديد من الأسر تستدين من المؤسسات التي تشتغل بها أو من البنك (بفوائد) لشراء أضحية العيد وباقي لوازمها. فهل نحن هنا بالفعل أمام أشخاص يطبقون السنة، أم أننا، في الحقيقة، أمام عادة مجتمعية لا مفر من تطبيقها؟

بعض الأشخاص قد يبيعون شيئا من ممتلكاتهم الصغيرة لشراء أضحية العيد.

حتى أن خصامات كثيرة قد تحدث بين الأزواج لأن الخروف كان صغيرا، ولأن الزوجة لا ترضى أمام جاراتها وأهلها إلا بخروف كبير. كما تتكرر حوادث العنف والسرقة لأن البعض، لكي يشتري خروفا، مستعد لأن يصير لصا! والبعض الآخر، تحت الضغط المادي، قد يصبح عنيفا!

والقليلون فقط من لهم استعداد لرفض هذا الضغط!

بل حتى النكات والقفشات التي تصلنا على مواقع التواصل، تترجم، بشكل ما، كل الضغط المادي والنفسي الذي أصبح عيد الأضحى، بتكلفته الباهظة، يمارسه على الأغلبية.

في بعض السنوات التي يصادف فيها العيد منتصف أو أواخر الشهر، تصرف الحكومة المغربية أجور الموظفين قبل العيد لمساعدة الأسر على شراء الخروف. بذلك، تشتري الأسر الخروف ولوازمه، لكنها، على الأرجح، لا تحتفظ بما قد يكفي أفرادها لباقي الشهر. فلا بأس إذن أن يستدينوا طوال الشهر الموالي!

باختصار، تعيش معظم الأسر، وخصوصا ذوات الدخل المتوسط والمحدود، ضغطا رهيبا بمناسبة عيد الأضحى.

فأين الدين من هذا؟ وأين السنة من كل هذه التفاصيل المادية الرهيبة؟

كم سيكون جميلا لو حاولنا مناقشة علاقتنا ببعض العادات والتقاليد التي استلهمت ربما من الدين، لكنها انحرفت عن هدفها الأصلي وأصبحت تشكل ضغطا مجتمعيا وماديا رهيبا على الأفراد.

وكم سيكون جميلا لو استطعنا مناقشتها دون تشنج… حتى نبني مجتمعا متصالحا مع ذاته. مجتمع، حين يقوم أفراده بممارسة دينية معينة، يفعلون ذلك بهدف روحي ديني، وليس بسبب إكراه مادي ومجتمعي بما أن كل الآخرين يفعلون ذلك!

عن موقع الحرة

 

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى