
عمال شركة ناظور سيريال يعتصمون يوم عيد الاضحى امام عمالة الناظور ضد طردهم التعسفي..
في سابقة غير معهودة في تاريخ النضالات الاجتماعية بإقليم الناظور، اختار أعضاء المكتب النقابي لعمال شركة “ناظور سيريال” أن يقضوا أول أيام عيد الأضحى لسنة 2025 في ساحة الاعتصام، أمام مقر عمالة الناظور، بدل بيوتهم وبين أسرهم، حاملين معهم صرخة احتجاج، ورافعين شعارات الكرامة والعدالة الاجتماعية في وجه التجاهل والتعنت. يأتي هذا الاعتصام الرمزي بعد مرور 52 يومًا متواصلة من الاعتصام المفتوح الذي يخوضه النقابيون المطرودون من أمام مقر الشركة بسلوان، احتجاجًا على ما يعتبرونه طردًا تعسفيًا استهدف نائب الكاتب العام للمكتب النقابي، في خطوة تهدف لتقويض العمل النقابي داخل المؤسسة.
بداية هذا الملف لم تكن بالصدام، بل انطلقت بملف مطلبي بسيط، يتعلق بشروط الصحة والسلامة وبعض المطالب المهنية المشروعة، غير أن طريقة تفاعل الإدارة مع هذا المسار، ستدفع الأمور في اتجاه الانفجار، حيث انعقدت عدة اجتماعات على مستوى مفتشية الشغل بالناظور، لم يسفر أي منها عن نتائج ملموسة بسبب امتناع المشغل عن التجاوب مع الدعوات الرسمية الموجهة له، في تجاوز واضح للضوابط القانونية. وفي لحظة حساسة من مسار الأزمة، تقدمت النقابة بطلب تدخل رسمي للسلطات الإقليمية، وهو ما دفع عامل إقليم الناظور إلى إصدار مراسلة رسمية تحت عدد 5507 بتاريخ 12 دجنبر 2024، وُجهت إلى الباشوات، من بينهم باشا مدينة سلوان، للتدخل في عدد من الملفات النقابية، إلا أن إدارة “ناظور سيريال” استمرت في نهج سياسة الصمت ورفض الحضور للاجتماعات، كما توثق ذلك محاضر رسمية بنفس التاريخ.
وفي الوقت الذي ظلت فيه الأبواب الرسمية موصدة، لجأ النقابيون إلى أشكال احتجاجية متتالية، منها وقفات ومسيرات، كان أبرزها تنظيم قافلة احتجاجية بالسيارات نحو مقر الشركة، في محاولة لإيصال صوتهم للرأي العام وللمسؤولين على السواء. غير أن الأكثر خطورة، حسب تعبيرهم، هو ما اعتبروه رفضًا صريحًا من طرف المشغل لفكرة العمل النقابي برمتها، إذ أكد عدة شهود أنه عبّر علنًا، أمام مسؤولين إداريين، عن رفضه الكامل للتنظيم النقابي داخل المقاولة، في ما يشبه إعلان حرب على الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور والقوانين الوطنية والدولية.
ولأن الصمت لم يعد يحتمل، قرر المعتصمون خوض خطوة جديدة من التصعيد بإعلان نيتهم الدخول في إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة ابتداء من يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، كنداء أخير إلى الضمير الرسمي والجماعي، محذرين من التبعات الصحية الخطيرة لهذا القرار، ومؤكدين أن الأجساد حين تُضرب عن الطعام لا تفعل ذلك حبًا في المعاناة، بل لأن كل وسائل التواصل والمؤسسات الوسيطة قد أغلقت أبوابها في وجه المقهورين.
وفي خضم هذا التوتر، أعلن الاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور عن تنظيم مسيرة احتجاجية كبرى يوم السبت 28 يونيو، ستجوب شوارع المدينة، للتنديد بما وصفه “تراجعات خطيرة في الحقوق الشغلية، وعودة مقلقة لمنطق القمع الاقتصادي والاجتماعي داخل بعض المؤسسات”. وتؤكد قيادة الاتحاد أن ما يحدث في “ناظور سيريال” ليس قضية معزولة، بل هو تجلٍ لمعضلة أوسع تهدد الاستقرار الاجتماعي بالإقليم، وتكشف عن هشاشة الحماية القانونية للعمال.
الرسالة واضحة، والوقائع ثابتة، والوجوه المتعبة التي اختارت أن تستقبل العيد في ساحة الاحتجاج، لا تطلب سوى احترام القانون، وحماية ما تبقى من كرامة العامل البسيط، الذي وإن لم يمتلك رأس مال، فهو يمتلك صوتًا وموقفًا وشرفًا لا يرضى المساومة عليه.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News