
عز الدين بناني : “يطمح المغرب إلى جعل الذكاء الاصطناعي رافعة للأداء في مختلف القطاعات الاستراتيجية” ( حوار)
- أجرى الحوار: إلياس خلفي//
يثير الذكاء الاصطناعي آمالا كبيرة وتساؤلات عديدة في ذات الوقت، لا سيما في ما يتعلق بإدماجه في السياسات العمومية، وتأثيره السوسيو-اقتصادي، وقدرته على إحداث تحول في بلدان الجنوب.
في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء على هامش المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، يتطرق الخبير في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، عز الدين بناني، الذي أصدر مؤخرا كتابا بعنوان “الذكاء الاصطناعي في المغرب: السيادة، والتحول المنهجي”، إلى التحديات والمزايا المرتبطة بإدماج هذه التكنولوجيا الجديدة في السياسات العمومية، وتأثيرها السوسيو-اقتصادي، والإمكانات التي تتيحها في المغرب وإفريقيا.
1- ما هي الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لبلدان الجنوب، وخاصة في إفريقيا؟
يشكل الذكاء الاصطناعي فرصة حقيقية للدول الإفريقية، لا سيما من حيث تعزيز الإنتاجية. ففي قارة فتية مثل إفريقيا، حيث يشهد عدد السكان النشطين نموا متسارعا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في إحداث تحول اقتصادي سريع، من خلال تمكين الأجيال الشابة من خلق وابتكار وبناء ديناميات جديدة للنمو تتماشى مع الخصوصيات المحلية.
وإلى جانب كونه يتيح توفير الوقت من خلال أتمتة بعض المهام المتكررة أو منخفضة القيمة المضافة، فإن من أبرز مزاياه أنه يعتمد على أدوات رقمية متاحة لعموم الناس.
وعلى عكس الثورات التكنولوجية السابقة، فإن ثورة الذكاء الاصطناعي لا تتطلب بالضرورة بنى تحتية مكلفة منذ البداية، بل استثمارا ذا أولوية في رأس المال البشري.
بالنسبة للدول الإفريقية، تمثل هذه القابلية للولوج فرصة فريدة، حيث يمكن تملك هذه التكنولوجيات بسرعة شريطة تعزيز المهارات المحلية.
وبالإضافة إلى الاقتصاد، يوفر الذكاء الاصطناعي أيضا إمكانات هائلة في مجالات أساسية مثل الحكامة والثقافة والعدالة الاجتماعية.
كما أنه يمكن أن يساعد في تصميم أنظمة أكثر شفافية، وعقلنة اتخاذ القرار العمومي، وتعزيز تنسيق أمثل بين الدول الإفريقية.
وعلى الصعيد الثقافي، يمكن أن يلعب أيضا دورا مهما في الحفاظ على التراث الإفريقي، عبر رقمنة المعارف التقليدية، وتثمين اللغات المحلية، أو حتى الاعتراف بالتنوع الثقافي.
بالنسبة للشباب الإفريقي، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي عاملا للانخراط، لأنه يتيح للجميع أن يصير فاعلا في تطور تكنولوجي متجذر في قيمه وهويته.
2- ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه وضع استراتيجيات للذكاء الاصطناعي في بلدان الجنوب؟
على الرغم من هذه التوقعات الواعدة، لا يزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها. أولها هو إشراك جميع الفاعلين، من القطاع العام والخاص والتعليمي، في وضع استراتيجيات شاملة.
كما أنه يجب التخلي عن بعض الممارسات القديمة واعتماد مقاربة نظامية ومنسقة على الصعيد الوطني والقاري.
ويتعلق التحدي الثاني بالتعليم والتكوين، لأنه بدون تعلم مناسب، سيظل الذكاء الاصطناعي غير مستخدم على النحو الأمثل. وأخيرا، من الضروري إرساء بنية تحتية سيادية، يتم التحكم فيها محليا، لتجنب الاعتماد المفرط على القوى التكنولوجية الكبرى.
ويبدو أن المغرب ودولا إفريقية أخرى قد أدركت هذه الرهانات، حيث تتقدم وفق وتيرتها وإمكانياتها، وبالخصوص بإرادة قوية لتضمين الذكاء الاصطناعي في مشروع مجتمعي عادل ومستدام ومتجذر في واقع القارة.
3- كيف يستعد المغرب للاستفادة الكاملة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي؟
لقد أدرك المغرب الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن يضطلع به الذكاء الاصطناعي في تنميته الاقتصادية والاجتماعية. ومن خلال اتباع منهجية استباقية، يطمح المغرب إلى جعل الذكاء الاصطناعي رافعة للأداء في مختلف القطاعات الاستراتيجية مثل التعليم، والصحة، والفلاحة.
وقد تم إطلاق العديد من المبادرات بهدف خلق إطار موات للابتكار الرقمي، من خلال دعم بروز منظومة مقاولاتية ديناميكية قائمة على الإبداع والتكنولوجيات الناشئة ومواكبة الشباب حاملي المشاريع.
وفي مجال التكوين، يراهن المغرب على تنمية الكفاءات الوطنية. وتقوم الجامعات العمومية والخاصة بإدخال مناهج دراسية في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني. كما أن الشراكات الدولية تعزز هذه الديناميكية.
بالإضافة إلى ذلك، يتم إيلاء اهتمام خاص للبعد الأخلاقي والتنظيمي للذكاء الاصطناعي. فالمغرب يفكر في آليات قانونية لتنظيم استخدام البيانات الشخصية، وضمان العدالة الخوارزمية ومنع التمييز. هذه اليقظة ضرورية لكي يخدم الذكاء الاصطناعي المصالح الجماعية مع احترام الحقوق الأساسية.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News