الرأيالسياسة

عبد الحق المريني كما عرفته

  • رضوان مبشور //

عبد الحق المريني صورة ارتبطت في مخيال المغاربة بالطقوس الصارمة في القصر الملكي. إنه حارس التقاليد المرعية، مديرا سابقا للتشريفات والأوسمة أو ناطقا رسميا باسم القصر الملكي، أو مؤرخا للمملكة.

إلا أن هذه الصرامة المتلازمة مع مسؤولية خدمة الملك من أقرب المواقع إليه، تتبخر عندما تجلس مع الرجل، فلا هالة المنصب تحجب اللين والود، ولا سعة الاطلاع تحجب التواضع.
عرفت الراحل عبد الحق المريني، في إحدى الصباحات الباردة من سنة 2018، عندما حملت سماعة الهاتف لأطلب إجراء حوار صحفي معه، لفائدة أسبوعية “الأيام” التي كنت أشتغل فيها في تلك الفترة، وكلي يقين أن طلبي سيرفضه بلباقته المعهودة، وهو الذي لا أتذكر له سوى 3 حوارات صحفية فقط طوال مسيرته.
أتذكر أنه وافق على إجراء الحوار على الفور، غير أنه طلب مهلة “حتى تكون الظروف مناسبة”، وبعد مرور أزيد من 3 أشهر اتصل كعادته في الصباح الباكر، ليقول “مرحبا بك، أجي عندي، يمكن لينا نديرو الحوار”..
إن إجراء حوار صحفي مع السي عبد الحق المريني تمرين من نوع خاص، فمهمة الرجل في غاية الحساسية، وهو ملزم أكثر من غيره بواجب التحفظ، وفي نفس الوقت، عليه أن يجيب على أسئلة رأي عام يريد أن يعرف كل صغيرة وكبيرة عن شخصية طبعت بحضورها في المجال العام أجيالا من المغاربة.
وما زلت أتذكر أن السي عبد الحق المريني كان له شرط وحيد قبل أن نجري الحوار الصحفي، وهو ألا نخصص للإعلان عن حواره في أسبوعية “الأيام” غلاف العدد كاملا، لأنه لا يريد الظهور، فقال لي: أنا لست رياضيا أو فنانا أو سياسيا مشهورا حتى تخصصوا لي غلاف الجريدة.
استمرت علاقتي بالرجل بعد ذلك، في حدود ما يفرضه العمل الصحفي من تواصل بين الفينة والأخرى، كما جالسته حتى بعدما غادرت الكتابة الصحفية للإلتحاق بالتواصل، فكنت أسأله كيف كان يجد الوقت وسط زحمة مسؤولياته في خدمة ملكين، للكتابة وهو الذي أصدر عددا لا أتذكره من المؤلفات تجاوز الـ 10.
كما أتذكر عندما سألته في حوار صحفي عن الحكمة التي يتفاعل معها في حياته، فكان جوابه: “الحكمة التي أرددها وأتبناها وأتفاعل معها تجسدها هذه العبارة: من فعل معي الشر أفعل معه الخير، إلى أن يغلب خيري شره”.
رحم الله السي عبد الحق المريني.
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى