عادل أداسكو: احتفال المغاربة برأس السنة الأمازيغية تعبير عن ارتباطهم بالأرض
(وكالة أنباء العالم العربي) – يحتفل المغاربة برأس السنة الأمازيغية، وهو يوم دأب الناطقون وغير الناطقين بالأمازيغية على استقباله بمجموعة من العادات والتقاليد والطقوس في دول شمال أفريقيا.
وكانت الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية تتخذ سابقا طابعا شعبيا، غير أنه خلال السنوات العشر الأخيرة بدأت تأخذ طابعا رسميا في المغرب، وأصبح الاحتفال يقام أمام مقر البرلمان وغيره من المؤسسات.
وقال عادل أداسكو، منسق هيئة شباب تامسنا الأمازيغي، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن احتفالات رأس السنة الأمازيغية، الذي يوافق 14 يناير كانون الثاني، تقام في اليوم الأخير من السنة الزراعية الأمازيغية في 13 يناير كانون الثاني، مضيفا أن السنة الفلاحية ترمز عند الأمازيغ في شمال أفريقيا إلى “تدبير فصول السنة وتنظيم الحياة الفلاحية على إيقاع الطبيعة”.
وأوضح أداسكو أن يوم 13 يناير كانون الثاني “هو الليل الأطول في السنة، حيث يبدأ بعد هذا اليوم النهار في التزايد والليل في التناقص”.
وتابع قائلا “المزارعون الأمازيغ يعتقدون أن الأرض تستريح في هذه الفترة لكي تحيا من جديد مع بداية فصل الربيع”، مشيرا إلى أنه يتم إعداد الأطباق التقليدية، ومنها العصيدة التي تصنع من الشعير أو القمح أو الذرة، والكسكس، أو يتم طبخ جميع الخضروات وكل أنواع الحبوب دفعة واحدة في مناطق أخرى، وهو طبق يسمى أوركيمن.
وأردف “مع الأطباق التقليدية، يلبس الأطفال والنساء أحسن ملابس ويرددون الأشعار المرتبطة بهذه الاحتفالات، ويرقصون جماعيا ليلا”، مضيفا أن أشكال الاحتفال في المناطق الحضرية والمدن الكبرى تطورت “حيث تقوم الجمعيات والهيئات بتنظيم احتفالات رأس السنة الأمازيغية في قاعات الأفراح والفضاءات العمومية بحضور أعداد كبيرة من الناس”.
واستطرد قائلا “الاحتفال مهم بالنسبة لنا لأنه يرمز إلى هوية الشعب الأمازيغي وارتباطه بأرضه، ولهذا سمي الأمازيغ منذ القديم ‘إيمازيغن’، وهو ما يعني الأحرار الذين يدافعون دائما عن أرضهم ولا يقبلون الاحتلال ولا الوصاية، فإذا كانت الهوية العربية تركز على الدين فإن هويتنا تركز على الأرض والجغرافيا”.
وفي مايو أيار الماضي، أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس قرارا باعتبار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية وطنية مدفوعة الأجر على غرار رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وأطلقت الحكومة المغربية العام الماضي مبادرة لتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في إداراتها، وتسهيل وصول الناطقين بها إلى الخدمات العامة.
لكن أداسكو يرى تناقضا في بيانات الحكومة وما يتم فعلا داخل المؤسسات المغربية.
وقال “ما زلنا نرى خروقات قانونية كبرى في عمل المؤسسات التي لا تحترم الدستور ولا تطبق القانون التنظيمي، وأبسطها الكتابة على اللوحات بالأمازيغية، حيث ما زالت مؤسسات جديدة يتم بناؤها وكتابتها باللغتين العربية والفرنسية فقط”.
وأضاف “كما أن نسبة تكوين المدرسين لا ترقى مطلقا إلى المستوى المطلوب، لأن 400 مدرس لا يمكن بهم تعميم الأمازيغية في خمس سنوات كما يقول القانون التنظيمي، وهذا النقص في الموارد البشرية صنع مشكلة كبيرة أدت إلى تراجع تدريس الأمازيغية بشكل واضح. كان 14 في المئة من التلاميذ يدرسون هذه اللغة قبل 2011 ولم يبق إلا أقل من 10 بالمئة الآن”.
ويرى أداسكو أن القنوات التلفزيونية والإذاعية “تتصرف كما لو أنها في بلد آخر غير المغرب، ولا تعطي أي أهمية لالتزامات الحكومة ولا تنتج أي برامج بالأمازيغية كما ينص على ذلك القانون التنظيمي… كما لا أحد يحاسب هذه القنوات في الحكومة ولا وزارة التربية على خرقها لالتزامات الدولة”.
ولم يتسن لوكالة أنباء العالم العربي الحصول على تعقيب من الحكومة المغربية.
ومضى أداسكو يقول “الحكومة الحالية مؤهلة أكثر من سابقاتها لخدمة اللغة الأمازيغية، وذلك لأنها حكومة توفرت لها شروط ذلك أكثر من ذي قبل، فهناك دستور يقر بالترسيم، وهناك قانون تنظيمي طال انتظاره وصدر في 2019، وهناك ميزانية مرصودة لأول مرة، وهي مرتكزات لا تترك للحكومة أي مبرر.
“المطلوب حاليا إعطاء أولوية للتعليم والإعلام لأنهما مجالان يظهر فيهما بوضوح أثر تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لأن لغة رسمية لا أثر لها في المدرسة ولا في وسائل الإعلام لا يمكن لها أن تكون في أي فضاء آخر”.
يقول الباحث في الثقافة الأمازيغية الحسين آيت باحسين عن طقوس الأمازيغ في هذه المناسبة “إنها طقوس متنوعة لكنها موحدة على مستوى ما توحي إليه رمزيا، كما أنها تذكر بكون المغرب غني بتنوعه في كل المجالات”.
وأضاف باحسين في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي “هناك خصوصية تميز كل منطقة أمازيغية عن أخرى. ينبغي التمييز بين مجالين، المجال الرمزي الذي يشكل قاسما مشتركا، والمجال الاجتماعي والطبيعي الذي يشكل خصوصيات المنطقة”.
وتابع متحدثا عن دلالة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية “الاعتزاز بالخصوصيات الثقافية والهوياتية في مواجهة عولمة جارفة محتملة لهذه الخصوصيات، والاعتزاز بالعمق التاريخي للمجتمع المغربي وللمجتمعات التي تتقاسمه معه، وإبراز التنوع الثقافي المميز للمجتمع المغربي والالتحاق بنادي الشعوب التي تضيف لأعيادها الدينية والوطنية احتفالا بيئيا نظرا لما تشكله قضايا البيئة في عصرنا الحالي من أهمية”.
- تغطية صحفية: فاطمة شكيب
- – تحرير: أحمد ماهر
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News
????