الجهة اليوم

طاطا : تنظيم “لمعروف ن تركمين”..

  • الحسن زهور //

سيقام في إمي أكادير /فم الحصن باقليم طاطا يوم الجمعة 29دجنبر 2023 “لمعروف ن تركمين” و”تركمين” هي اللفت، وهو من بين الاحتفالات الثقافية الأمازيغية التي تظهر عراقة هذه المنطقة ثقافيا و تاريخيا.
احتفال ” لمعروف ن تركمين” احتفال عريق سلم من الاندثار و بقي صامدا نتيجة احتضان الساكنة له باعتباره احتفالا يرتبط بالارض ورثته عن القرون السابقة؛ حيث تذبح يوم الخميس 5 أو 6 أبقار، وكل ” أفوس” من القبيلة ( في الأمازيغية نقول “أفوس” اي اليد ومقابلها في العربية الفخد من القبيلة) يذبح ذبيحته، تم توزع الحصص على “كانونات” “أفوس”.

يرتبط اسم هذا الاحتفال، الذي يقيمه سكان ئمي ؤگادير في آخر يوم جمعة من شهر دجنبر، بمنتوج فلاحي تعرفه الواحة في هذه الفترة من السنة و هو ” تركمين/ اللفت البلدي” الذي ينمو في هذه الفترة، و سمي بذلك هذا الاحتفال ب ” لمعروف ن تركمين”، و يقام الاحتفال كل سنة في نهاية شهر دجنبر وفي آخر جمعة منه. وكان يقام قديما في النصف الاول من شهر يناير -حسب بعض الروايات الشفوية- قبل تغييره إلى نهاية دجنبر، فهل لهذا لمعروف علاقة بالطقوس الأمازيغية التي تقام احتفالا ب”ئض ن يناير”؟ ولماذا تم تغيير تاريخ إقامة “لمعروف ن تركمين”؟ أسئلة تتطلب دراسات لإزاحة الركامات عن هذه الطقوس والاحتفالات، والدراسات هنا تتطلب البحث بعمق في الطقوس والعادات والاحتفالات في منطقة تامزغا لأن الخيوط متشابكة بحكم وحدة الثقافة.
اول الملاحظات التي يلاحظها الباحث حول هذا الاحتفال الأمازيغي، الموسوم في الذاكرة بالعراقة، هو ارتباطه بالارض و بمنتوج فلاحي لهذه المنطقة من جهة، ولكي يبقى هذا الطقس مستمرا ألبسه الأمازيغ لبوسا دينيا بإقامته يوم الجمعة من آخر شهر دجنبر.

طاطا : تنظيم "لمعروف ن تركمين".. - AgadirToday
لمعروف ن تركمين بطاطا

لكن الباحث يقف إلى الآن عاجزا عن تحديد أصله و زمن بدايته اي عراقته، مما يقتضي من الباحثين بذل المجهود في البحث عن أصول هذا الاحتفال المرتبط بالارض و عن امتداداته في الأنماط الثقافية الاخرى.
فالروايات الشفوية لا تسعفنا للغوص في تاريخه: “هكذا وجدنا آباءنا يحتفلون به”، هذا الجواب هو اقصى ما تصل اليه الاجابات الشفوية التي تجيب عن السؤال الذي يطرح دوما: ما هو اصل هذا الاحتفال؟ و متى تم الاحتفال به؟ و ما علاقته ببعض الطقوس الثقافية الاخرى؟ أمام هذا الغموض التاريخي لا يبقى امام الباحث سوى وصف طقوس الاحتفال و ربطه ببعض الاحتفالات الاخرى المعروفة لعله يقترب من الظاهرة الاحتفالية هذه.
إقامة هذا الاحتفال يوم الجمعة الاخير من السنة الميلادية هو اضفاء مشروعية دينية اسلامية عليه، مثل سائر الاحتفالات الاخرى التي لها عمق تاريخي ديني ينتمي لما قبل الاسلام كاحتفال ” بيلماون/ بوجلود، ئمعشارن،..”، وهذا يسري كذلك على الكثير من الاحتفالات كالمواسم المرتبطة بأسماء ” الاولياء” و التي تختم اغلبها يوم الجمعة.

يبتدئ التهيئ للاحتفال صباح يوم الخميس حيث تذبح الأبقار، و عددها 5 أو 6 بقرات بعدد افخاد ( ئفاسن) القبيلة, و يتكلف كل ” أفوس” بذبيحته، ويوزع لحم الذبيحة على كل أسرة من أسر اد” أفوس” الواحد بالتساوي، ليتم تهييء طعام الكسكس في اليوم التالي اي يوم الجمعة ب “تيركمين/اللفت البلدي ” الذي ينمو في الواحة وفي الواحات الأخرى في هذه الفترة من السنة. و قبل صلاة الجمعة ترسل كل أسرة طبقها المكون من الكسكس واللحم واللفت إلى ساحة امام المسجد العتيق بالبلدة؛ و بعد ان يتم تجميع الاطباق كلها و إحصاؤها يتم المناداة لتكوين جماعات صغيرة ” ئسوراس” و غالبا ما تتكون من أربعة أو خمسة أفراد ليتم توزيع الاطباق عليها مع البدء أولا بجماعات الفقهاء الذين يتلون القرءان على سطح المسجد…
و بعد الانتهاء من الاكل يختتم الاحتفال بالدعاء الجماعي.

فإذا كانت بعض الجمعيات الثقافية و التنموية بالمنطقة تساهم في تنظيم مهرجانات ثقافية ( حفلات احواش و الكدرة و الهرمة… ) بموازاة مع هذا الاحتفال ، فإن امكانياتها القليلة غير كافية للارتقاء بهذا الاحتفال ليكون ارثا وطنيا، هنا يبقى دور وزارة الثقافة اساسيا لتشجيع هذا التراث تمشيا مع التوجهات الرسمية الداعية إلى الاعتناء بالتراث اللامادي المغربي.
الحسن زهور

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى