الثقافة

شيخ ”زاويت ن تاوسنا” .. خالد ألعيوض الذي جعل من قريته عالما للثقافة والفن

  • قرية أيت ميمون(هرماس بريس)//

بلباسه المميز الدال على هويته المغربية الأمازيغية، يستقبلك خالد ألعيوض بابتسامته العريضة المعتادة، تلك البسمة التي تنبعث من بين شفتيه بتلقائية تصيب في لحظتها وجدان الشخص الذي حل ضيفا على شيخ ال”زاويت ن تاوسنا”.

زوار الأضرحة والزوايا غالبا ما يلتمسون “التسليم”… لكن زوار “مركز الأبحاث والدراسات تاوسنا”، يستلمون ابتسامة الشيخ ألعيوض التي هي مفتاح أمان لكل ضيف حل بقرية أيت ميمون، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم أشتوكة أيت باها، التي تحتضن المركز/ الزاوية.

إنه البيت العتيق الذي احتضن خالد ألعيوض الصبي ثم الطفل ثم المراهق الذي شاءت الظروف أن يغادر، من أجل التحصيل الدراسي، قريته الهادئة وما يطبعها من طقوس وعلاقات اجتماعية، إلى فضاء المدينة العصرية، مدينة “الانبعاث” التي شكلت لفترة عقود متتالية رمزا للحداثة والعصرنة، بالنسبة لفئات عريضة من ساكنة سوس.

عندما حل خالد ألعيوض تلميذا بثانوية يوسف ابن تاشفين لم ينبهر بشعاع الحداثة المميز لمدينة أكادير الذي غالبا ما يتملك الأشخاص الذين هم في سنه، بل ظل النبض الإيجابي للقرية يسكن دواخله، ويتجدد مع مرور الزمن، لا سيما وأن الارتباط بأرض الأجداد يسري في عروقه مسرى الدم الضامن لاستمرارية الحياة.

ثنائية القرية/ المدينة استطاع خالد ألعيوض تطويعها على الطريقة التي ارتضاها وفق تصوره واجتهاده بعدما احتك مع عدد من أفراد النخبة المثقفة والعالمة، خاصة منهم المنحدرون من منطقة سوس ماسة، وكذا المنحدرون من خارج هذه المنطقة الذين ارتضوها موطنا للاستقرار الأسري والعطاء العلمي والثقافي.

عصارة هذا الاحتكاك أفضت إلى انغراس “شيخ زاوية تاوسنا” في عالم الثقافة والبحث العلمي، والتطلع إلى إضافة لبنة أخرى لإسهامات رجالات سوس في بناء الصرح العلمي المنفتح والمتعدد الروافد الذي يفتخر به المغاربة كمجتمع متعدد الأعراق والثقافات، وأمة ذات هوية موحدة ومتماسكة.

هذه اللبنة النوعية الحاملة لتوقيع، الدكتور خالد ألعيوض، تجسدت في “مركز تاوسنا للدراسات والأبحاث” ، أو “الزاويت ن تاوسنا”، كما يحب خالد وعدد من رفقائه وأصدقائه أن يسمونها، تيمنا بالعطاء الذي لا ينضب الذي اعتاد عليه المغاربة منذ زمن بعيد في الزوايا التي كان يقصدها عابرو السبيل، وطالبي “ضيف الله”، وكذا طالبي العلم.

تأسيسا على هذا العرف، غدا “مركز تاوسنا للدراسات والابحاث” خلال السنوات الأخيرة مثل “الزاوية” التي يقصدها من حين لآخر وفود متتالية من محبي ومعارف “الشيخ ” خالد ألعيوض للإرتواء من معين العلم والثقافة، وتقاسم المدارك والخبرات، ووضع تصورات للمساهمة في الإرتقاء بالمجتمع نحو الأفضل.

في ال”زاويت ن تاوسنا”، تعقد الندوات الفكرية والعلمية والثقافية، في رحابها تشنف الاسماع بالزجل وبالشعر الأمازيغي والعربي، فيها أرجائها تصدح الأصوات الغنائية بالطرب الرفيع، وفيها أيضا تتوفر المئات من الكتب والمجلات والمجلدات والبحوث والأطاريح الجامعية التي تروي ظمأ كل متعطش للعلم والثقافة والفنون في مختلف ضروبها وتفرعاتها.

في ال”الزاويت ن تاوسنا” أيضا الكرم الحاتمي الذي جبل عليه من احتسوا الحليب الحلال، الذي حقنهم بفضيلة الجود والعطاء، فطوبى لمن جاد وأعطى، وهنيئا لكل من وطأت قدماه أعتاب ال “زاويت ن تاوسنا”.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى